الوكالة الوطنية للإعلام – الجمهورية: عدوان إسرائيلي ثالث على الضاحية… لبنان الرسميّ يُطالب الدول الكبرى بالتدخل

وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية”: خرق آخر فاضح لوقف إطلاق النار وللقرار الدولي الرقم 1701 ارتكبته اسرائيل أمس بعدوانها للمرّة الثالثة على الضاحية الجنوبية لبيروت منذ 27 تشرين الثاني الماضي، مستهدفة مقراً مدنياً اجتماعياً، خلافاً لإدعائها بأنّه مركز يستخدمه حزب الله لتخزين السلاح، ما أثار ردود فعل رسمية وسياسية وشعبية مستنكرة، وتطالب الراعيين الأميركي والفرنسي بلجم إسرائيل وإلزامها بوقف اعتداءاتها وخروقاتها، واستكمال انسحابها مما تبقّى من أراضٍ لبنانية محتلة.
نُقل عن مرجع كبير قوله لـ«الجمهورية»، أنّ الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبية أمس، تندرج في إطار مسعى تل أبيب لتحقيق هدفين: الأول، فرض قواعد اشتباك جديدة على لبنان، الأمر الذي لن تقبل به لا الدولة ولا المقاومة. والثاني، التشويش على المفاوضات الأميركية – الإيرانية قدر الإمكان، خصوصاً أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو غير مرتاح إليها.
ولفت المرجع إلى انّ الكيان الإسرائيلي محشور إزاء المسار الإيجابي الذي تتخذه المفاوضات، داعياً إلى التوقف عند دلالات موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأنّه لن يسمح لنتنياهو بأن يجرّه إلى حرب.
وأوضح المرجع، أنّه تلقّى تأكيدات بأنّ المكان المستهدف في الضاحية هو مدني – اجتماعي، وليس فيه حتى مجرد عصا، ما يثبت انّ الاعتداء عليه يرمي إلى توجيه رسائل أكثر من أي شيء آخر.
وفي السياق نفسه، أكّدت مصادر معنية لـ«الجمهورية»، انّ رئيس الوزراء الإسرائيلي أراد من قصف الضاحية الضغط لإفشال المفاوضات الأميركية ـ الإيرانية، التي يبدو انّها قد تتوصل إلى اتفاق، في ضوء التفاؤل الذي يعبّر عنه الطرفان المعنيان خلال جولات التفاوض وبعدها. وكذلك أراد نتنياهو الهروب من وضعه الداخلي المأزوم بفعل فشله في تحقيق أهدافه من الحرب على غزة، والهروب ايضاً من الشارع الإسرائيلي الذي يضغط عليه لوقف الحرب، فيما هو قرّر الاستمرار بكل أنواع الحروب حتى موعد انتخابات الكنيست، لأنّ توقفه عنها سيوفّر لخصوصه فرصة للانقضاض عليه لمحاسبته وتكبيده خسارة سياسية كبيرة وحتمية خروجه من السلطة.
الضامنان
وفي هذا الإطار دان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الاعتداء الإسرائيلي الذي استهدف الضاحية الجنوبية وقال: «إنّ الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سيادة لبنان وسلامة أراضيه مرفوضة تحت أي ذريعة. على الولايات المتحدة وفرنسا، كضامنين لتفاهم وقف الأعمال العدائية، أن يتحمّلا مسؤولياتهما ويُجبرا إسرائيل على التوقف فوراً. إنّ استمرار إسرائيل في تقويض الاستقرار سيفاقم التوترات ويضع المنطقة أمام مخاطر حقيقية تهدّد أمنها واستقرارها».
وبدوره رئيس الحكومة نواف سلام، دان مواصلة إسرائيل اعتداءاتها على لبنان وترويع الآمنين في منازلهم، «وهم التواقون للعودة إلى حياتهم الطبيعية». وطالب «الدول الراعية لاتفاق الترتيبات الأمنية الخاصة بوقف الأعمال العدائية، بالتحرك لوقف هذه الاعتداءات وتسريع الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية». واكّد أنّ «لبنان يلتزم ببنود القرار 1701 كاملاً وباتفاق الترتيبات الأمنية، وانّ الجيش اللبناني يواصل عمله ويوسع انتشاره في الجنوب كما في سائر الأراضي اللبنانية لبسط سلطة الدولة، وحصر السلاح بيدها وحدها».
الخارجية
ودانت وزارة الخارجية والمغتربين «الاعتداء الإسرائيلي على منطقة مكتظة بالسكان في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وما تسبّب به من حالات هلع لدى المدنيين، إضافة إلى الأضرار المادية». ودعت الوزارة «الدول الراعية لترتيبات وقف الأعمال العدائية إلى الضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها وخروقاتها المتكرّرة لقرار مجلس الأمن 1701، والالتزامات المتعلقة بترتيبات الأمن، كونها تُقوّض السلم والأمن الإقليميين، وجهود الدولة اللبنانية للحفاظ على السيادة الوطنية». وأعلنت انّها «ستواصل اتصالاتها مع الدول الشقيقة والصديقة لوضع حدّ لهذه الانتهاكات، وانسحاب اسرائيل من كافة المناطق والنقاط اللبنانية التي ما زالت تحتلها، مع تشديد لبنان على التزامه بقرارات الشرعية الدولية، لا سيما القرار 1701 بكافة مندرجاته».
تقويض التفاهم
ومن جهتها، المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت كتبت عبر منصة «إكس»: «أثارت غارة اليوم (أمس)على الضاحية الجنوبية لبيروت حالة من الذعر والخوف من تجدد العنف بين المتلهفين للعودة إلى الحياة الطبيعية. نحضّ جميع الأطراف على وقف أي أعمال من شأنها أن تقوّض تفاهم وقف الأعمال العدائية وتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701».
حزب الله
وأكّد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب إبراهيم الموسوي، لدى تفقّده المكان المستهدف بالغارة الإسرائيلية، أنّ «المطلوب من وزير الخارجية يوسف رجي استدعاء سفراء الدول الكبرى ورفع شكوى لمجلس الأمن والقيام بواجباته». وقال: «يجب العمل على تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة التي تحمي لبنان، ويجب التركيز على نقاط القوة الموجودة». ولفت إلى أنّ «العدو الإسرائيلي بات يقوم باستباحة واسعة لسيادة لبنان»، مضيفًا أنّ «سلاح المقاومة هو من نقاط القوة التي يملكها لبنان». داعياً الدولة اللبنانية إلى تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي لوقف العدوان على لبنان».
نتنياهو وكاتس
وكان الطّيران الحربي الإسرائيلي شن غارةً عنيفةً استهدفت الموقع المهدَّد في حي الحدث في الضّاحية الجنوبيّة لبيروت، بعد 3 غارات تحذيريّة نفّذها الطّيران المسيّر الإسرائيلي، ما أدّى إلى اندلاع حريق في مكان الاستهداف وتصاعد دخان كثيف.
وقبيل الغارة كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أدرعي عبر «إكس»: «لكل من يوجد في المبنى المحدّد بالأحمر وفق ما يُعرض في الخريطة المرفقة والمباني المجاورة له: أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت تابعة لحزب الله. من أجل سلامتكم وسلامة أبناء عائلاتكم أنتم مضطرون لإخلاء هذه المباني فوراً والابتعاد عنها لمسافة لا تقلّ عن 300 متر وفق ما يُعرض في الخارطة».
فيما أفادت مصادر، انّ المبنى الذي هدّدت إسرائيل باستهدافه هو مخزن وليس مبنى سكنياً، ويقع خلف «إكسبرس تشيكن» في حي الجاموس.
وعقب الغارة على الضاحية الجنوبية لبيروت، أعلن نتنياهو ووزير دفاعه يسرائيل كاتس في بيان مشترك: «شنّ الجيش الإسرائيلي هجوماً قوياً استهدف بنية تحتية خُزّنت فيها صواريخ دقيقة تابعة لحزب الله في بيروت، والتي كانت تشكّل تهديداً كبيراً على دولة إسرائيل». وأضاف: «إسرائيل لن تسمح لحزب الله بالتعاظم أو بخلق أي تهديد ضدّها في أي مكان في لبنان».
ولفت البيان إلى أنّ «حي الضاحية في بيروت لن يكون ملاذاً آمنا لمنظمة حزب الله الإرهابية». وتوجّه إلى الحكومة اللبنانية بالقول: «تقع على عاتق الحكومة اللبنانية المسؤولية المباشرة لمنع هذه التهديدات». وأكّد أنّ «إسرائيل مصممة على تحقيق هدف الحرب بإعادة سكان الشمال إلى منازلهم بأمان».
«البيجر» مجدداً
من جهة ثانية، كشف نتنياهو عن تفاصيل عملية الـ«بيجر» التي نفّذتها إسرائيل ضدّ حزب الله، مؤكّدًا أنّها سببت «صدمة كبيرة» للحزب. وأشار إلى أنّ «حزب الله أرسل 3 أجهزة «بيجر» لفحصها في إيران، فقمنا بتسريع تنفيذ العملية لمفاجأتهم»، موضحًا أنّ هذه الخطوة كانت تهدف إلى إحباط أي تهديدات محتملة. وقال: «لم نبلّغ إدارة بايدن بعملية الـ«بيجر» ضد حزب الله»، مما يعكس سياسة إسرائيل في اتخاذ قراراتها العسكرية بشكل مستقل». كما تحدث عن تأثير هذه العملية على حزب الله، قائلاً: «حزب الله فوجئ من تسرّع السنوار في 7 تشرين الأول». وتابع، «قرّرنا ألّا نبلغ الأميركيين بشأن استهداف الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله إلّا عندما تكون مقاتلاتنا في الجو قبيل تنفيذ العملية، مؤكّدًا أنّ «بعض الأشخاص لا يمكن استبدالهم فعلاً ونصرالله واحد منهم وقد قتلناه». وأضاف: «خلال ساعات دمّرنا أسلحة وصواريخ كان حزب الله يعدّها منذ 30 عاماً».
وفي تحليل للموقف العسكري في المنطقة، ذكر نتنياهو: «أحبطنا خطة السنوار وحزب الله، وغيّرنا وجه الشرق الأوسط»، مضيفًا أنّ السنوار «تسرّع» في تنفيذ خطة كانت تقضي بهجوم صاروخي متزامن من حزب الله ضدّ إسرائيل. وأوضح أنّه بعد انضمام حزب الله إلى المعركة ضدّ إسرائيل إلى جانب حماس، «نقلنا القتال إلى لبنان»، لتوسيع نطاق المواجهات.
كما تطرّق نتنياهو إلى قضية الرهائن، قائلاً: «سوف نستعيد كل الرهائن قريبًا»، مشيرًا إلى جهود إسرائيل المستمرة لاستعادة مواطنيها الذين تمّ أسرهم.
وفي سياق سياسة إسرائيل الإقليمية، شدّد نتنياهو على أنّ «إسرائيل كانت العائق أمام التمدّد الإيراني في المنطقة»، مُتهمًا إيران بمحاولة تغيير واقع المنطقة لصالحها عبر دعم جماعات مسلحة مثل حزب الله، مؤكّدًا أنّه «حطّمنا المحور الإيراني لكن ما زال أمامنا الكثير لننجزه». كما لفت إلى أنّ «أعدنا الإيرانيين 10 سنوات إلى الوراء بعدما ظنوا أنّهم اقتربوا من حيازة سلاح نووي»، وتوعّد قائلًا: «سندمّر المفاعلات النووية الإيرانية ومنشآت التخصيب لنتأكّد من أنّهم لن يتمكنوا من التخصيب لأي غرض». واضاف: «لن نقبل إلّا بتدمير كل قدرات إيران النووية لنتأكّد من عدم محاولتهم إحياء برنامجهم مع إدارة أميركية أخرى»، مضيفًا: «لن نقبل بتسوية ملف إيران النووي إلّا على الطريقة الليبية».
وحول القضية الفلسطينية، قال نتنياهو بشكل قاطع: «الفلسطينيون يريدون إقامة دولتهم داخل إسرائيل وليس إلى جانبها»، مُؤكّدًا رفض إسرائيل فكرة «إقامة دولة فلسطينية»، ومُشيرًا إلى أنّه «رأينا نتيجة قيام دولة فلسطينية في غزة، واتضح أنّها فكرة سخيفة».
مقاربة واحدة
وعلى صعيد ملف السلاح، فوفق المعلومات المتداولة في أوساط سياسية مواكبة، فإنّ أركان الحكم الذين توافقوا على مقاربة واحدة لملف السلاح، أبلغوا إلى الجانب الأميركي أنّ معالجة هذه المسألة في الداخل اللبناني لا يمكن أن تتمّ إلّا في سياق توافقي وسلمي، وأنّ أي استعجال غير مدروس في هذا الشأن ستكون له انعكاسات سلبية ليست في مصلحة أحد، ولن تصبّ في مصلحة تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة. وقد لقي هذا المنطق تفهّماً لدى الأميركيين، لأنّ تنفيذ اتفاق وقف النار والقرارات الدولية من طريق التفاهم يبقى أفضل من المواجهة التي يمكن أن تعرّض مسار الاستقرار اللبناني لانتكاسة غير مرغوب فيها.
ولكن، في مقابل هذه المقاربة الهادئة، تراهن واشنطن على أنّ جميع القوى في لبنان، ولا سيما منها حزب الله، ستفي بالتزاماتها المقطوعة للمجتمع الدولي، وستوافق على حصر السلاح بأيدي القوى الشرعية وحدها، وضمن مهلة معقولة زمنياً.
وفي تقدير مصادر سياسية، أنّ هناك تفاهماً ضمنياً بين المعنيين حول ربط المعالجة المنتظرة لملف السلاح بالمفاوضات الدائرة بين الأميركيين والإيرانيين. ذلك أنّ مفتاح الحل لمسألة سلاح «الحزب» موجود أساساً في طهران.
====
مصدر الخبر
للمزيد Facebook