الوكالة الوطنية للإعلام – عوده لمناسبة تجديد هيكل السيدة العذراء وتذكار القديس مرقس: فلنملك الرب على قلوبنا ولنسر في الطريق المؤدي إليه مهما كان صعبا

وطنية – ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده في كنيسة دير دخول السيدة، خدمة القداس الإلهي لمناسبة تذكار تجديد هيكل الكلية القداسة السيدة العذراء مريم وتذكار الرسول مرقس الإنجيلي.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى المطران عودة عظة، قال فيها: “المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور. أحبائي، لقد عيدنا طيلة الأسبوع المنصرم للفصح المجيد، وكأننا لا نزال ضمن يوم واحد. عشنا مجد القيامة البهي، وسنعيشه طيلة أربعين يوما. نقرأ في العهد القديم أن موسى طلب إلى الرب قائلا: “أرني مجدك” (خر 33: 18)، فأجابه الرب: “لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش” (خر 33: 20)”.
اضاف: “كلنا نطلب يوميا أن يرينا الرب آيات وعجائب وأن يعطينا إشارات لنسير بحسبها. نطلب مثل موسى، أن يرينا مجده. هذا الطلب لا يدل على أن إيماننا عميق بالرب، وأننا نثق بما يراه مناسبا لحياتنا، ولا أننا قرأنا الكتاب المقدس ورأينا، عبر الكلمة، ما فعل الرب من أجلنا. لقد تجسد الرب وأعطانا نفسه آية، وولد من عذراء نقية في حدث كان أعجوبة بذاته. هذا عدا عن كل ما اجترحه من آيات أمام تلاميذه خلال حياته الأرضية، وحتى بعد موته وقيامته. إلا أن التلاميذ، بعد كل ما عاينوه، ظلوا يتكلمون كمن أسكرتهم السلطة، وكمن لا محبة في قلوبهم، مع أنهم كانوا يعيشون مع المحبة المطلقة، مع يسوع المسيح. وحدها العذراء حفظت كل ما رأته وعاشته في قلبها، ولم تستكبر، بل بقيت أمة للرب طيلة حياتها، فأصبحت ينبوعا للأشفية والمراحم التي يغدقها ابنها على البشر من خلالها، وإن في ذلك إكراما للأم العذراء الصامتة والمتواضعة والمملوءة نعمة”.
وشدد على ان “المخلص القائم من بين الأموات يشاء الكل أن يخلصوا وإلى معرفة الحق يقبلوا، لهذا يجند والدته وقديسيه ليكونوا لنا أمثلة حية ويعلمونا كيف نصل إلى ما وصلوا إليه، إذا ما اتبعنا خطاهم، وأحببنا خالقنا. عندئذ نصبح جميعا ينابيع تفيض محبة. من يشاء أن يعاين مجد الرب لا يلتفت إلى أي مجد أرضي، ولا يتعلق بأي أمر يمنعه من اللحاق بالمسيح. من الذين عاينوا مجد الرب، بالإضافة إلى والدته التي نعيد لها اليوم، الإنجيلي مرقس الذي نقيم تذكارا له اليوم أيضا. لقد فتحت أم الإنجيلي مرقس بيتها ليأكل المسيح الفصح مع تلاميذه في العلية، فصار من البيوت الشهيرة في تاريخ المسيحية المبكر. هناك غسل الرب أقدام التلاميذ، وسلمهم سر الإفخارستيا، فصارت العلية الكنيسة المسيحية الأولى في العالم، وقد دشنها السيد نفسه بحلوله فيها وممارسته سر الإفخارستيا. هناك أيضا اجتمع التلاميذ بعد القيامة، وحل عليهم الروح القدس. لقد عاين مرقس السيد وجالسه وعاش معه، فكان من الرسل السبعين، وقد وصفته الكنيسة بـ”الناظر الإله”. كذلك، يذكر التقليد أن مرقس كان حاضرا مع الرب في عرس قانا الجليل، وهو الشاب الذي كان حاملا الجرة عندما التقى به التلميذان ليعدا الفصح للسيد. معاينته مجد الرب جعلت منه إنسانا جريئا، إذ نقل بشرى الخلاص وفرح القيامة إلى مناطق عدة، منها في لبنان، ولم يهب الموت فاستشهد في الإسكندرية، لهذا ترمز إليه الكنيسة بالأسد المجنح”.
وتابع: “يا أحبة، إذا عاينا الرب ولمس قلوبنا بالمحبة، لا يمكن لبشريتنا أن تبقى حية، بل نموت عن العالم ومشاكله ومادياته وشهواته، ونصبح إلهيين، مسيحيين حقيقيين، لا نشك بقدرة الرب، ولا نطلب أن يعطينا ضمانات وتأكيدات على ما يستطيع فعله. من يعاين مجد الرب، أي من يسطع نور القيامة في قلبه، لا يبقى قابعا في ظلام هذا العالم، ولا يبقى بلا إيمان، بل يهب بقوة الروح القدس إلى نقل بشارة الإنجيل وكلمة الرب إلى العالم. متى وضعنا أنفسنا بين يدي الرب، كما فعلت والدة الإله لحظة البشارة، ليس مسموحا أن ننظر إلى الوراء، لأنه دليل على ضعف إيماننا. “ليس أحد يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله” (لو 9: 62). فلنملك الرب على قلوبنا كما فعل القديسون فنالوا الملكوت. لنثبت ناظرينا على المسيح ونسر في الطريق المؤدي إليه مهما كان صعبا ظاهريا، لأن النهاية مبهجة لنا ولملائكة السماوات. هذا ما نخبره من سيرة والدة الإله وجميع القديسين، فلنتعظ ونتعلم منهم، آمين”.
======م.ع.ش.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook