المطالب الاميركية في لبنان: استعجال غير محسوب قد يؤدي إلى نتائج عكسية

حزب الله، وكما هو معروف، يمر اليوم بمرحلة إعادة ترتيب بنيته الحزبية والقيادية، وتثبيت خطوط التواصل بين القيادة والقاعدة، فضلاً عن ترميم قدراته العسكرية. وبالتالي، فإن أي فشل للمحاولات الأميركية لفرض إملاءات فورية عليه، قد تمنحه فعليًا فرصة ثمينة لترتيب أوراقه وإعادة بناء تحالفاته الداخلية والخارجية.
في جوهرها، فان المطالب الأميركية لا تستند إلى آلية تنفيذ قابلة للتحقيق، ولا تملك أدوات الضغط الكافية. ففرض سحب السلاح بالقوة يعني دفع الأمور نحو مواجهة مفتوحة بين الجيش وحزب الله، وهو سيناريو كارثي لا يخدم أحدًا، حتى الولايات المتحدة نفسها التي استثمرت لسنوات طويلة في بنية الجيش وتدريبه وتسليحه. أي تصادم من هذا النوع سيؤدي إلى انقسام المؤسسة العسكرية، ويدفع البلاد إلى فوضى داخلية وربما نحو حرب أهلية كاملة، وهو ما لا تريده واشنطن، ليس حرصًا على الاستقرار، بل خوفًا على ما بنته في المؤسسة العسكرية.
هذا الإصرار الأميركي بدأ يولّد شرخًا فعليًا داخل منظومة الحكم، تجلّى مثلاً في الخلاف العلني بين قائد الجيش رودولف هيكل ونائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس. حتى رئيس الجمهورية جوزاف عون نفسه بات في موقع غير مريح تجاه هذه الضغوط. اللافت أن هذه المقاربة الاميركية بدأت تكشف عجز واشنطن عن فرض رؤيتها حتى على أقرب حلفائها.
في النتيجة، هذه الضغوط غير الواقعية قد تؤدي إلى نتيجة عكسية تمامًا: منح حزب الله المزيد من الوقت لإعادة ترتيب صفوفه، وربما انتظار لحظة إقليمية مختلفة، قد تكون تسوية اميركية – إيرانية تلوح في الأفق، ما يجعل المطلب الأميركي اليوم يبدو كأنه، في التوقيت والخلفية، خاطئا وغير قابل للتحقيق.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook