ندوة في مركز التراث اللبناني عن راشانا الإخوة بصبوص
وطنية – عقد هذا الأسبوع في سلسلة الندوات الإلكترونية التي ينظمها مدير “مركز التراث اللبناني” الشاعر هنري زغيب في الجامعة اللبنانية الأميركية LAU، الندوة الشهرية العشرين في موضوع “راشانا الإخوة بصبوص: من ضيعة منسية إلى منارة عالمية”، استعاد فيها نتاج الإخوة ميشال وألفرد ويوسف بصبوص، محاورا تباعا أبناءهم الثلاثة.
زغيب
وقال زغيب في افتتاح الندوة: “قبلهم كانت راشانا ضيعة من لبنان الشمالي منسية على خاصرة الجبل الناظر إلى البحر. كانت بيوتا هادئة، طبيعة هانئة، كنيسة ختيارة خلف لفتة الزمن القديم. ثم كانوا… وصحت راشانا على نقرات أزاميل فتجددت دروبها العتيقة تجددت، وتمددت ساحاتها العتيقة، وأخذت الضيعة تنهض كل شمس على نصب جديد في منعطف جديد في درب جديدة في ساحة جديدة. وشمسا بعد شمس، لبست راشانا متحفا تنشب فيه أنصاب تخطت أصواتها لبنان أصداء بلغت واحات النحت في العالم، فإذا راشانا تتلألأ في كتب الفنون وفي الذاكرة العالمية، وإذا براشانا تصبح بين فجر وفجر متحفا عالميا للنحت الحديث في لبنان”.
أضاف: “قبلهم كانت راشانا تعني الرأس العالي. معهم باتت تعني رأس لبنان الإبداع. ثلاثتهم تناولت أزاميلهم نحت الصخر والخشب والمعدن: هنا إزميل المؤسس ميشال، هناك إزميل ألفرد، هنالك إزميل يوسف. وتكوكب المشهد حول ثلاثة إخوة نقلوا راشاناهم من ضيعة منسية على خاصرة الجبل إلى منارة عالمية على جبين لبنان”.
وختم زغيب: “مركز التراث اللبناني”، في هذه الندوة، يستحضرهم الثلاثة الإخوة الغائبين في حوار مع ثلاثة أبنائهم الحاضرين، أولياء الإزميل الـمكملين تألق راشانا من بصابصة الجيل الأول إلى بصابصة الجيل الثاني كي تظل نابضة ذاكرة الإبداع في راشانا حاضنة الموهبة والإبداع، عسى هذا الإبداع، مع الجيل البصبوصي الجديد، يواصل إشعاعه من بيئته الحاضنة إلى العالم الواسع”.
أناشار بصبوص
وكان الحوار الأول مع أناشار ميشال بصبوص فأوضح أن اسمه اشتقه والده من اسم راشانا، قلب اسمها فأصبح “اناشار”. وتحدث عن عمل أبيه النحات مؤسس “ورشة” النحت في راشانا ومؤسس “مهرجان راشانا للمسرح” في ستينات القرن الماضي، “وهو كان ذا دافع مباشر” لشقيقيه ألفرد ويوسف في دخولهما عالم النحت. وعن شخصيته أنه كان “متوترا متوهجا في حالة عمل متواصل بين إزميله ومنحوتاته”. وتحدث اناشار عن حضور والدته (الشاعرة تريز عواد بصبوص) في حياة والده وأعماله “لا تدخلا نقديا بل إيحاء دمثا كان يريح ميشال ويحفزه على الإكمال الدؤوب”. وتبسط في شرح تقنية ميشال “النصبية مسلات عالية، مراكب أفقية في أسلوب تجريدي، تماثيل مختلفة في أسلوب تعبيري غير تقليدي، ورسوما بالفحم وبالحبر الصيني في رؤية نحتية تراعي تفاصيل النور والظل، وفي وسائط متعددة بين صخر وخشب ومعادن (برونز وحديد)”.
وقال: “إن أعمال ميشال، وهي في معظمها تجريدية لا تصويرية، لا تفسير لها شرحا بل إحساسا لأن فيها الكثير من الاستيحاءات الميثولوجية”.
فادي بصبوص
وكان الحوار الثاني مع فادي ألفرد بصبوص الذي روى كيف بدأ والده مع شقيقه الأكبر ميشال، “ثم انفرد عنه بأسلوبه الخاص المتميز بحنان الانحناءات، بحثا عن الجمال الذي راح في بدايات أعماله ينحو إليه متأثرا بتردده إلى محترفات فرنسية طالعة من بشاعات الحرب العالمية الثانية”. ولفت الى أن “ألفرد كذلك استلهم الميثولوجيا في معظم أعماله، وشكل بها جزءا نابضا من نهضة لبنان في ستينات القرن الماضي”. وشرح “أهمية الخطوط الأنيقة المصقولة” في أعمال والده، و”تركيزه في قسم كبير منها على المرأة أما وحبيبة وحضورا موحيا خصيبا”. وأشار الى أنه لكي يواصل المسيرة التي أسسها والده، عمد – مع شقيقته زينة – إلى إنشاء “مؤسسة ألفرد بصبوص” التي تضم محترف ألفرد بشكله العصري الحديث الجميل، وعنه تصدر قريبا مجموعة كتب لأعمال ألفرد، تعاونا مع مؤسسات فنية عالمية.
وأعلن أنه، حين يعود الوضع في لبنان إلى حالة متيحة، سيعيد إطلاق “سمبوزيوم راشانا للنحت” الذي أسسه ألفرد ورعاه طيلة 11 سنة متتالية، وكان يدعو إليه فنانين عالميين ينحتون أعمالهم ويتركونها في راشانا التي باتت اليوم متحفا في الهواء الطلق فريدا في الشرق الأوسط.
نبيل بصبوص
أما الحوار الثالث فكان مع نبيل يوسف بصبوس الذي تحدث خارجا، بين أعمال والده، عن “ظاهرة ضربات الإزميل في جميع منحوتاته، الصخري منها والخشبي، في أحجام متفاوتة تشكل جميعها أحجاما هندسية آتية من خلفية يوسف معمارا في الأصل”. وقال: “مع أنه لم يزاول الدراسة الأكاديمية، كانت له عفوية فطرية في أعماله تجعلها تفاجئ رائيها في ألا تذكره بأحد أو بمدرسة في النحت. وهو عالج الخشب بحنو، لكنه روض الحجر بصلابة، وسيطر على نقشاته في ضربات إزميله المسننة، فلم يستعمل أدوات كهربائية في عمله بل اكتفى بضربات المطرقة في يده على الإزميل. وبها اقترب من الحداثة والتجريد في أعمال مثلثة الشخصيات أحيانا (الإخوة البصابصة الثلاثة) كأنها ثلاثة أقانيم في منحوتة واحدة. وغالبا ما تميزت أعماله بالخطوط المائلة توازيا مع تلك العمودية الناشبة. وبلغ من فرادة عمله أنه مثل لبنان سنة 1988 إلى سمبوزيوم النحت في سيوول، فتميزت منحوتته بين 300 منحوتة وتمثال من دول كثيرة شاركت في ذلك السمبوزيوم العالمي”.
تخلل الحوارات الثلاثة عرض منحوتات لكل من الإخوة بصبوص مع شروح وتعليقات عليها.
وختم زغيب اللقاءات الثلاثة مواعدا بندوة إلكترونية جديدة في الشهر المقبل عن أعلام ومعالم جديدة من التراث اللبناني.
============إ.غ.
مصدر الخبر