الوكالة الوطنية للإعلام – “اتحاد الكتاب اللبنانيين” أطلق كتاب أعمال المؤتمر حول نتاج الأديب محمود نون من “محلس بعلبك الثقافي”

وطنية – بعلبك – استضاف “مجلس بعلبك الثقافي” احتفال إطلاق “اتحاد الكتاب اللبنانيين” كتاب المؤتمر الذي أقامه وفاءا واستذكارا للشاعر الراحل محمود نون، بحضور الأمين العام للاتحاد الدكتور احمد نزَّال، رئيس حركة الريف الثقافية الدكتور الياس الهاشم، رئيس “مجلس بعلبك الثقافي” حاتم شريف، رئيس “الملتقى الثقافي الجامعي” الدكتور علي زيتون، رئيس بلدية بعلبك مصطفى الشل، مديرة فرع كلية الصحة في الجامعة اللبنانية- شعبة دورس الدكتورة باسمة شقير، ونخبة من المثقفين وذواقة الشعر والأدب.
حسن
واستهل الحفل الأديب الدكتور محمد حسن، فرأى ان “إطلاق كتاب المؤتمر الذي أقيم وفاء للشاعر محمود نون في العام 2024 هو الوفاء لأهل الوفاء من الأوفياء، استذكارا ومحبة. هذه اللفتة الكريمة من اتحاد الكتاب اللبنانيين في طباعة هذا الكتاب تحصل لأول مرة في محافظة بعلبك الهرمل، ونتمنى أن لا تكون الأخيرة، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على دور الأدب في البقاع على صعيد الثقافة والمعرفة في لبنان والعالم العربي، كما ويرسِّخ نهجًا جديدًا في سلوك اتحاد الكتاب اللبنانيين وتعاطيه مع أدباء وشعراء ومثقفي ومفكري المناطق النائية عن العاصمة، ومنها البقاع الذي لا يزال حاضرا في دهاليز وغياهب النسيان لدى الحكومات المتعاقبة، فقد تُرك لمصيره بعيدا عن الدولة الأم على مدى سنوات عديدة”.
وأكد حسن ان “اتحاد الكتاب اللبنانيين ليس فقط مجرد مؤسسة ثقافية على صعيد الوطن، بل هو تمثيل صوت المبدعين والأدباء الذين ما كان همهم ولن يكون سوى نشر الكلمة الحرّة، والمساهمة في بناء مجتمع مستنير توَّاق إلى الرفعة والتقدم والرقي”.
وأضاف: “إنّ اتحاد الكتاب اللبنانيين اليوم، بمثابة المرآة الصافية النقية التي تنقل الحقيقة والإبداع والجمال، وهو راية الحق الخفاقة نحو الحداثة والتجديد، دون إنكار الماضي الجميل للثقافة والأدب، وهو بذلك يشكل الدعامة الرئيسة والحجر الأساس في بناء جسور التواصل الأدبي بين الأجيال”.
وختم حسن، معتبرًا ان “الأبحاث التي كرمت محمود نون، كرمت فيه مواقفه وجرأته، وكلمته الحرة، ونبل شعره، وشفافيّة ذوقه الأدبي، وتاريخه الإنساني، وعمق نظرته، وسعة اطلاعه، كما كرَّمت فيه الشاعر والناقد والقاص”.
شريف
وتحدث شريف، فقال: “اكتسب أدبا يغنيك محموده عن النسب، فالنسب نون، ومحموده محتفى به اليوم. واقترنت النون بالقلم، كما في قوله تعالى “نون والقلم” يا لها من مقاربة، نون ويا نعم النسب، مفكر ازدان بالأدب، بالقصة بالشعر بالعُرَب، قلَّ نظيرك في العرب، قيل الكثير وما انكتب، منه عرفتك عن كثب، مسكت اليراع بخبب، دون علمي بالسبب، كتبت عنك ما انسكب، بحروف مرصعة بالذهب”.
وتابع شريف: “التقينا بخجل، ولكن عرفتك في عيون محبيك، وما يميزك أنك الغائب الحاضر دائما في نتاجك الفكري والأدبي، فها أنت بعد الرحيل العودة، فالنهر أنت والبحر مداك، والبجع الأبيض أطل من الشرفة، والمطر على النوافذ كحبات عقيق، ممنيا النفس بعلاج روحاني يهدئ من قلق الذات الشاعرة، وتندمل بسحره جراح مثقف أو أزمة الثقافة، فالكثير الكثير منهم انتهى بهم المطاف متجلببين بعباءة الإحباط لشعورهم بالعجز عن إحداث أي تغيير في مجتمعاتهم. أما أنت فلا! فقد عشت في كنف الصمت المثقل والنابض النابض بالأعمال الإبداعية، وكمثقف دفعت ثمنا باهظا من أجل مبادئك، محمود نون لروحك السلام”.
الحجيري
وألقى نائب رئيس “حركة الريف الثقافية” التربوي أحمد الحجيري كلمة رأى فيها أنه “بفقدان الأستاذ محمود نون مؤسس ورئيس حركة الريف الثقافية، قبل حوالي سنة ونيف، جمّدت المياه في بحيرة البجع، وانحبست أناشيد المطر، ولم يعد للنهر لا بحرَ ولا مدى. في يوم رحيله تغير طعم الخبز والزعتر، ولم يعد للقهوة لا طعم ولا رائحة، لقد انطفأ الفانوس الذي أنار الدروب وشحذ الهمم مضاءا بالأمل، يرنو إلى مستقبل مشرق للوطن ولأبناء منطقتنا الأعزاء على قلوبنا جميعا”.
وأردف: “عزاؤنا بفقدانه أنه ترك إرثا كبيرا من الإبداع والنقد والكتب وغيرها من الأعمال التي أثرت الأدب والشعر في لبنان والمحيط العربي”.
وأضاف: “لقد كان حضور الاستاذ محمود الاجتماعي والثقافي حضورا واضحا ومؤثرا في منطقتنا وبيئتنا وعلى مساحة الوطن، وفي خدمة الإنسان بشكل عام، بما يختزنه من أدب وثقافة وقيم إنسانية ومبادئ خلقية سامية. إنه الإنسان، ذاك الصوفي، حامل هموم الناس ومداوٍ جراحهم، والأحب إلى قلبه الفئات المهمشة والمظلومة”.
وأشار إلى ان “نون كان له الفضل في تأسيس حركة الريف الثقافية في البقاع الشمالي في أوائل التسعينات من القرن الماضي، بمشاركه ثلة من أبناء المنطقة، لقد واجهنا عوائق وصعوبات جمة في البداية، ولكن تم تجاوزها بصلابة وجرأة وإصرار الأستاذ محمود وحكمته وعقله الراجح، بعيدا عن التجاذبات السياسية والمماحكات الضيقة، لقد نأى بالحركة بعيدا عن السياسة، وترفع عن الصغائر التي واجهتنا من بعض المتنفذين، لقد صبر ولم يتراجع عما كان يتطلع إليه من استنهاض للمنطقة ثقافيا واجتماعيا وفكريا وعلما ومعرفة، بما كان يحمله في داخله من فكر تنويري ومدني”.
وختم الحجيري مثمنا “دور اتحاد الكتاب اللبنانيين، ممثلا بشخص الأمين العام الدكتور أحمد نزال، على المجهود الذي بذل من أجل إطلاق كتاب المؤتمر الذي أقيم وفاء للأديب والشاعر محمود نون في العام الماضي”.
زيتون
ومن جهته، اعتبر الدكتور زيتون ان “محمود نون لم يكن بوصفه علامة ثقافية فارقة نتاج مرحلة حاول أن يؤسس لها، بل كان وجوديًّا حتى في نشاطه الثقافي، وكانت حركة الريف الثقافية تضع في تصورها المستقبل وتعمل على الوصول إليه وإنجازه، فكان نشاط محمود نون منصبًّا على إنماء الثقافة في الريف اللبناني، والريف البعلبكي على وجه الخصوص”.
واعتبر زيتون ان “محمود نون ما زال حيا يتسرب عبر الحركات الثقافية وعبر أنفاس المثقفين والمشتغلين بالثقافة، وسيستمر تسربه إلى أجيال قادمة. استطاعت عينه الثقافية أن ترصدها منذ اليوم الأول لتاسيس الحركة، إنه مدرسة صامدة ثابتة برؤاها وتطلعاتها، وهو إلى جانب كونه شاعرا وقاصًّا، كان ناقدا غمس ريشته في قلق ذاته الشاعرة، وأنشأ نقدا يخصه دون غيره من النقاد، إنه مدرسة في النقد الأدبي، كما كان مدرسة في الشعر، ومدرسة في القصّة. وهو إلى ذلك قد رصد سحابا فوق الرمال، فكان قارئا الفلسفة العربية، كما كان قارئا الشعر العربي. محمود نون حال لن تتكرر، اجترح فرادة هي فرادته وحده، فرادة لن تتكرر”.
نزَّال
وألقى الدكتور نزَّال كلمة جاء فيها: “نحلق اليوم في البقاع الحبيب، حيث التاريخ عابق بالأصالة والكرامة، وحيث الجغرافيا صلة وصل الوطن البقاع الهادر عزاً وكرامة في تاريخه الطويل، رافضاً الخضوع للمحتل، منتصراً للوطن والإنسان”.
وتابع: “هذا البقاع الذي أنجب الرجال الذين دافعوا عن كرامة لبنان وحرية أبنائه في أحلك الظروف، هو الآن معني بمسيرة النهوض الحضاري والثقافي، بعدما صدَّر إلى العالم ثقافة وتراثاً يتوزع مدنه وقراه”.
وأضاف: “التحية لكم، وتحديداً من مدينة بعلبك، التي سعت وتسعى إلى إرساء القيم المجتمعية، ونبذ المخالفات والجريمة، والاحتكام إلى القانون الذي يعلو ولا يعلى عليه هذه المدينة المقاومة التي قدمت عشرات الشهداء على مذبح الوطن ولا تزال”.
ورأى نزّال ان “الكلام على الشاعر الراحل محمود نون هو استحضار لإشراقة فكرية اضطلع بها أدباؤنا، شعراؤنا، مثقفونا وكبار فنانينا …. نهضة انطلقت من لبنان لتعم شرارتها المحيط العربي تأثراً واستهداء. الكلام على الرجل هو استذكار لفضائله، وهي كثيرة، وما تركه من إرث ثقافي، على المستوى الإبداعي في البقاع الحبيب، وعلى مستوى لبنان في اتحاد الكتاب اللبنانيين”.
واعتبر أنه “حدث مفرح أن نحيي ذكرى هذا الرجل الفذ، القامة الموسوعية، الذي أغنى الثقافة الوطنية، شعراً وقصة ونقداً، وتلك مفخرة ريادية في محيطنا”.
وأردف: “واجبنا في اتحاد الكتاب اللبنانيين، الذي يخوض معركة استعادة الثقة به، مؤسسة وطنية جامعة، أن نضيء على قاماتنا النهضوية، ومفكرينا وأدبائنا وسائر المبدعين تعريفاً للجيل الجديد، واقتداء لنا جميعاً بعطاءاتهم وتوهج أفكارهم، ضمن رسالتنا الوطنية في مسار بناء دولة الإنسان – المواطن … وفي هذا المجال اسمحوا لي أن أطلق اللجنة التحضيرية لتكريم الكبير الكبير الدكتور علي زيتون قريباً”.
وختم نزَّال: “متفقون جميعاً أن نستثمر كل الطاقات الكامنة لخدمة هذا الوطن الذي يسحق منا التضحية والعمل بإخلاص من أجل أبنائه، متكاتفين مع الدولة التي يجب أن تنظر إلى أبنائها بسواسية، وأن تسعى إلى توفير الأمن والأمان المجتمعيين وفرص العمل، في سبيل الحفاظ على التاريخ العابق والحاضر الفواح ، لبناء مستقبل مشرق لهذا الوطن. كبار أدبائنا هم شعلة مسيرة التقدم والارتقاء.
عشتم، عاش الكتاب اللبنانيون، عاش لبنان”.
نون
وختاما، تحدث باسم عائلة المحتفى به، نجله الدكتور زياد محمود نون، فقال: “نجتمع اليوم لنحتفل سويا بالكتاب الذي اتى بعد عام من المؤتمر الذي عقد في 26 أيار من العام الماضي. هذا الوليد لم يكن ليبصر النور لولا جهود الكثير من الحاضرين والغائبين، هذا ما يدفعني إلى أن أتقدم بالشكر منكم فردا فردا. اشكر الدكتور احمد نزَّال أمين عام اتحاد الكتاب اللبنانيين على كل ما قدمه في هذا السبيل، بدءا من اقتراح الطباعة، إلى متابعته الحريصة على جمع الأبحاث، وصولا إلى طباعة الكتاب واجتماعنا اليوم في حفل التوقيع… شكرا لك دكتور احمد من أعماق القلب على الوقت والجهد، وقبل كل شيء على هذا القلق الإنساني في شخصك الكريم د”.
وتابع: “أشكر الدكتور علي زيتون العلم المعرفي الكبير، ورئيس الملتقى الثقافي الجامعي، ورفيق أبي في درب الحبر والكلمة على كل جهوده لإقامته المؤتمر العام الماضي، ومشاركته الكبيرة اليوم، وقبل كل شيء على محبته ووفائه. كما اشكر الأستاذ حاتم شريف وجميع أعضاء مجلس بعلبك الثقافي على احتضانهم للمؤتمر ولحفل التوقيع، وقبله للحفل التأبيني العام الماضي، شكرا على كرمكم وحسن استقبالكم، حتى حسبنا أنفسنا من أهل هذه الدار”.
وختم: “أشكر كل الباحثين أصحاب الاقلام المبدعة الذين شاركوا في المؤتمر، والذين أودعوا نتاجهم في هذا الكتاب، وادعو الله لكم بدوام الإبداع والتألق، وأشكر الأستاذ أحمد الحجيري والدكتور محمد حسن والدكتور، الياس الهاشم رئيس حركهدة الريف الثقافية وجميع أعضاء الحركة، الذين حملوا الراية بعد أبي واستمروا في نشرها. وشكرا لكم أيها الأهل والأحبة على حضوركم وعلى محبتكم ووفائكم، وشكرا لأبي على هذا الإرث الجميل”.
وبعد أن قدم الدكتور نزَّال لعائلة الأديب الراحل محمود نون، درع “اتحاد الكتاب اللبنانيين”، تقديرا لمسيرته الأدبيّة والثقافيّة، وقَّع الدكتور زياد الكتاب للحضور.
==========
مصدر الخبر
للمزيد Facebook