حقائق مثيرة عن مزارع شبعا.. تفاصيل تاريخية بين لبنان وسوريا

نشرت مؤسسة الدراسات الفلسطينية تقريراً تحت عنوان “تاريخ مزارع شبعا بين سوريا ولبنان… إسرائيل تحتل مثلث الحدود مع فلسطين”، وجاء فيه:
وفي 8 كانون الأول 2024، احتل الجيش الإسرائيلي، عقب سقوط نظام بشار الأسد، المنطقة العازلة الواقعة بين المناطق المحتلة في الجولان السوري ونظيرتها السورية “المحررة”، وذلك بعد أن أطلق عملية عسكرية سمّاها “سهم باشان”، إلى جانب تنفيذ مئات الغارات الجوية بهدف تدمير ترسانة الأسلحة السورية، والتي تركتها قوات النظام وراءها في عموم الأراضي السورية.
وباتت إسرائيل تسيطر على سفوح جبل الشيخ الجنوبية الشرقية وقرى ريف دمشق المشرفة على الحدود بين سوريا ولبنان، وهي بذلك تجاوزت مزارع شبعا المحتلة إلى مساحة تقدَّر بنحو 360 كيلومتراً مربعاً، وتتحكم بمدينة دمشق وحدود لبنان وصولاً إلى المثلث الحدودي السوري – الأردني – الفلسطيني قرب نهر اليرموك.
تاريخ المزارع
كانت منطقة المزارع خاضعة للسيطرة السورية بموافقة لبنانية، وقد وضعت سوريا مخافر فيها بطلب لبناني بعد سنة 1958 لمنع التهريب، علماً بأنها كانت تقر بلبنانيتها.
إسرائيل تحتل المزارع
بدأت إسرائيل تتوغل في مزارع شبعا خلال حرب 1967، بدءاً بمزرعة المفر التي تتداخل بين الحدود اللبنانية والفلسطينية والسورية، والتي تفصل منطقة المزارع عن وادي العسل السوري، وهي المزرعة الأولى التي احتُلت في 10 حزيران/يونيو 1967، ثم استولت إسرائيل في 15 حزيران/يونيو على مزارع خلة غزالة وظهر البيادر ورويسة القرن وجورة العقارب وفشكول، وهجّرت معظم سكانها. وفي 20 حزيران/يونيو 1967، استكملت إسرائيل اجتياحها مزارع قفوه وزبدين وبيت البراق والربعة وبرختا التحتا وبرختا الفوقا وكفردورة ومراح الملالي. وفي آب من السنة نفسها، احتلت مزرعة رمثا، وهجّرت جميع سكان المزارع وفجرت منازلهم. واكتمل احتلال المزارع سنة 1972 باجتياح مزرعة بسطرة، فضمت مساحاتها المتبقية، وسيّجت المنطقة بأسلاك شائكة ومكهربة.
ولم يتوقف احتلال إسرائيل للمناطق المتاخمة للمزارع في تلك الفترة في العرقوب على المزارع وحدها، بل أيضاً امتد إلى غير منطقة، وخصوصاً في قاطع كفرشوبا، وما زالت حتى الآن تحتل أجزاء منه، وخصوصاً جبل الروس الذي يُعرف بـ “رويسة العلم”، وهو عبارة عن تلة دارت معارك طاحنة حولها بين الفدائيين الفلسطينيين وجيش الاحتلال الإسرائيلي سنة 1970، وفضلاً عن رويسة السماقة ومشهد الطير وخراجات أُخرى تمتد من كفرشوبا في اتجاه القنيطرة السورية. ويملك لبنان خرائط مفصلة لهذه الأراضي التي وردت في خرائط الحدود لسنة 1943 باستثناء مزارع شبعا.
وبعد أن قامت إسرائيل باحتلال المزارع سنة 1967، واقتطعتها تماماً سنة 1972، وسوّرتها وأحكمت السيطرة عليها بطرد جميع مَن فيها، عادت وثبّتت قرار الضمّ مع صدور قرار عن القيادة الإسرائيلية سنة 1989 يُلحق المزارع بقيادة الجولان وجبل الشيخ.
لبنانية المزارع والاعتراف السوري
تُعتبر مزارع شبعا لبنانية تاريخياً، كما يؤكد ذلك تاريخ المنطقة وروايات أهالي العرقوب ومرتفعات جبل الشيخ، ولم يكن يتذكرها سوى اللبنانيين المعنيين مباشرة بها، وذلك بفعل علاقتهم بأرضها والمساحات المثمرة من الأراضي التي يملكونها فيها بحجج غير مسجلة رسمياً في الدوائر العقارية اللبنانية، لكن أراضي هذه المنطقة غير ممسوحة من جانب الدوائر العقارية اللبنانية، وهو ما شكّل ثغرة في الخرائط الرسمية الموجودة في حيازة لبنان، والنسخ العديدة الموجودة في دوائر الأمم المتحدة المختصة وبعض الدول الكبرى، وخصوصاً في الخارجية الفرنسية.
والواقع أن قضية مزارع شبعا بدأت تظهر إلى العلن وتبرز بقوة إلى الواجهة بعد تحرير المنطقة المحتلة من الجنوب وتحديد الخط الأزرق طبقاً لوثائق اتفاق الهدنة سنة 1949، فتركَز نشاط المقاومة الإسلامية، الذراع العسكرية لحزب الله، بعد سنة 2000 في منطقة المزارع وتلال كفرشوبا، تحت عنوان أن هذه الأراضي لبنانية وينبغي تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، وأن القرار 425 لم يكتمل تطبيقه طالما مزارع شبعا محتلة، وهو ما يعطي مشروعية لاستمرار المقاومة.
وتناغمت الدولة اللبنانية والحكومات المتعاقبة منذ سنة 2000 مع هذا التوجه، ورفض لبنان نشر جيشه على الحدود طالما أن هناك أراضيَ لبنانية لا تزال تحت الاحتلال.
وتكمن مشكلة مزارع شبعا، بالإضافة إلى الاحتلال الإسرائيلي، في عدم اعتراف سوريا بلبنانيتها، فهي حتى سنة 1967 – تاريخ احتلالها – لبنانية، وإن كانت هناك تفاهمات بين لبنان وسوريا على إدارتها.
ولم يعترف النظام السوري السابق رسمياً بلبنانية مزارع شبعا، بينما الأوضاع تغيرت اليوم بعد التوغل الإسرائيلي الذي تخطى المزارع باحتلال أرض سوريا في جبل الشيخ والمنطقة العازلة في الجولان.
وعلى الرغم من كل المطالبة اللبنانية، فإن النظام السوري لم يعترف بهوية المزارع اللبنانية، باستثناء تصريحات شفهية من أركانه ووزرائه تحدثت عن لبنانية المزارع لكن بعد تحريرها، عِلماً بأن النظام السوري السابق لم يقبل ترسيم الحدود. (مؤسسة الدراسات الفلسطينية)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook