من الدولار إلى الودائع.. تفاصيل ملفات دسمة تنتظر حاكم مصرف لبنان الجديد!

الخطوة كانت منتظرة في ظلّ الملاحقات المالية في حقّ الحاكم السابق رياض سلامة، محلياً ودولياً، والموقوف منذ 3 أيلول 2024، ومع انطلاقة العهد الجديد، والحاجة إلى حاكم أصيل بعد أشهر على تولي وسيم منصوري هذه المسؤولية بالإنابة بعد توقيف الحاكم السابق.
الجديد في التعيين هذه المرة الخلاف الذي وقع قبل الجلسة بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، والذي عبّر عنه سلام في تصريحه بعد الجلسة، إذ قال صراحة “تحفّظتُ على تعيين كريم سعيد حاكمًا لمصرف لبنان، وعليه منذ الآن اعتماد السياسة المالية لحكومتنا والالتزام بقضيّة الودائع”، وأضاف: “وافقنا على مشروع قانونٍ لتعديل قانون السريّة المصرفيّة، ونحن مصرّون على الإصلاح”.
ومن جهته قال وزير المال ياسين جابر إنّه كان يأمل “ألّا يُطرح موضوع حاكم مصرف لبنان على التصويت”، ويفضّل التوافق عبر لائحة ضمّت اسمَين: كريم سعيد وأدي الجميّل، بعد انسحاب جميل باز، مشيراً إلى امتلاكه اسمًا ثالثًا “من خارج الأسماء المتداولة والاصطفاف السّياسيّ”.
وبشأن الاعتراضات التي أثيرت عن تعيين الحاكم الجديد، فاعتبر عجاقة “أنّ الصلاحيّات الأساسيّة المرتبطة بالإصلاحات الكبرى تقع ضمن نطاق عمل الحكومة والمجلس النيابي، بينما تتركّز مهام الحاكم في الإشراف على القطاع المصرفي وإدارة السياسة النقدية”، لذا فبرأيه، إنّ “أيّ مخاوف متعلّقة بصلاحيات الحاكم يجب أن تؤخذ في إطارها القانوني الصحيح، إذ إن القرارات المصرفيّة تخضع لرقابة السلطات التشريعيّة والتنفيذيّة”.
وعن التحديات الكبرى التي يواجهها الحاكم الجديد، فيرى عجاقة أنّ أبرزها “معالجة ملف القرض الحسن (مؤسّسة مالية تابعة لحزب الله من خارج النظام المصرفي في لبنان) والسياسة النقدية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي”.
ومن التحدّيات الكبرى التي تواجه الحاكم الجديد، وفق عجاقة، “تأمين السيولة اللازمة لحماية الليرة ودعم القطاع المصرفي”، مُذكراً أن الدولة اللبنانية أعلنت تعثرها عن سداد ديونها عام 2020، مما عمّق أزمة السيولة، لذا، فإن المصرف المركزي بحاجة إلى البحث عن مصادر تمويل متعددة، سواء عبر الأسواق المالية، أو الدعم الدولي، أو غيرها من الآليات الممكنة لضخ السيولة في الاقتصاد.
ويبقى نجاح الحاكم الجديد، بحسب عجاقة، “رهنًا بقدرته على مواجهة هذه التحديات بفعالية، ووضع استراتيجيات توازن بين حماية القطاع المصرفي وضمان استقرار الليرة اللبنانية. وبينما تستمر الأزمة الاقتصادية في الضغط على لبنان، يظل تعيين حاكم جديد خطوة إيجابية، شرط أن تترافق مع إصلاحات حقيقية وجدية على المستوى التشريعي والتنفيذي”.
من جهتها، اعتبرت الصحافية سابين عويس “أنّ تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان خطوة إيجابية جاءت في وقتها، رغم الأجواء الخلافية بين رئيسَي الحكومة والجمهورية حول الاسم، وهذه الخطوة تحمل إشارة قوية للخارج، وخصوصًا للدول والمؤسّسات المانحة، بأن لبنان جاد في تنفيذ التزاماته الإصلاحية، تمامًا كما هو مطالب بتنفيذ التزاماته السياسية، مثل تطبيق القرارات الدولية 1701 و1680، في ظل استمرار التوتر على الحدود الجنوبية والشمالية الشرقية”.
وتابعت عويس أنّ “الملف الأبرز أمام الحاكم الجديد كريم سعيد هو إعادة هيكلة القطاع المصرفي، لما لذلك من أهمية في إعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني، وتأمين الشروط المطلوبة للدخول في برنامج مع صندوق النقد الدولي، والذي يُعتبر مفتاحًا للحصول على دعم مالي دولي، سواء لملف إعادة الإعمار أو للتعامل مع المديونية واستعادة النمو الاقتصادي”.
وعن القضايا الشائكة التي تحتاج إلى معالجة فورية بنظر عويس فهي “اقتصاد “الكاش”، الذي تفاقم في السنوات الأخيرة، وأصبح يشكل مصدر قلق لواشنطن، التي تسعى إلى ضبط هذه الظاهرة لما لها من تأثير على الرقابة المالية ومكافحة تبييض الأموال”.
وفيما يترافق تعيين كريم سعيد مع جدل واسع حول توجّهاته، أشارت عويس “إلى أن موقع الحاكميّة يفرض عليه الالتزام بسياسة الحكومة الاقتصادية، بغض النظر عن أي آراء أو توجهات سابقة قد تكون لديه، كما أن السيرة الذاتية له تعكس مؤهّلات وخبرة في المجال المصرفي، إلى جانب نزاهته وعدم انخراطه في المنظومة السياسية الفاسدة، مما يجعله شخصيّة مقبولة لتولّي هذا المنصب في هذه المرحلة الدقيقة” وفق تعبيرها.
واعتبرت عويس أنّ هناك محورين أساسيين يجب أن يشكلا أولوية للحاكم الجديد هما “إعادة هيكلة القطاع المصرفي واستعادة ثقة المستثمرين وجذب رؤوس الأموال من جديد”، والأهمّ برأيها هو “ضبط الأنشطة المالية غير المشروعة بما فيها معالجة ملف اقتصاد “الكاش” الذي يثير قلقًا دوليًا وتشديد الرقابة على التحويلات المالية لمنع تبييض الأموال، بالإضافة إلى لعمل على تجفيف منابع تمويل حزب الله، بناءً على الضغوط الأميركية لمنع أي عمليات تبييض أموال مرتبطة بتمويل الإرهاب”.
وبرأي عويس، “لن يستطيع لبنان تأجيل الحلول لعشر أو خمس عشرة سنة، بل ستكون هناك إجراءات عاجلة خلال السنوات القليلة المقبلة لاستعادة الثقة بالنظام المصرفي، مما يساعد في تحفيز النمو الاقتصادي وعودة رؤوس الأموال”. (الحرة)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook