الوكالة الوطنية للإعلام – عصام خليفة محاضرا في بلدية جونية: انتصار اللبناني بتمسكه بالوحدة وعدم التبعية وإيلاء المصلحة العليا الأولوية المطلقة

وطنية – قدم المؤرخ الدكتور عصام خليفة محاضرة بعنوان “حوار حول الاوضاع العامة”، في قاعة المحاضرات في بلدية جونية، بدعوة من “لقاء الاثنين” – كسروان وبالشراكة مع المجلس البلدي، ركز فيها على قضية الودائع والنزوح السوري ونتائج الحرب الأخيرة والقرار 1701.
واستهل خلفة محاضرته بالحديث عن الأزمة المالية والاقتصادية، فرأى أن “هناك تهرب منذ ما يزيد عن 5 سنوات من تحديد المسؤوليات في قضية أموال المودعين”، وسأل: “من بدد المال العام، وما هو الحل؟”، وقال: “هناك شريحة واسعة من الطبقة السياسية وشركاء ماليين ومصرفيين يتحملون بالتكافل والتضامن مسؤولية الانهيار المالي، وثمة محاولة للتهرب من العقاب وتحميل المجتمع نتائج الكارثة والتهرب من المحاسبة إلى غير رجعة”.
وسأل خليفة الحكومة عما اذا كانت “ستصدر التشريعات والتنظيمات اللازمة من أجل إصلاح الوضعين المالي والمصرفي ومكافحة الفساد واستعادة الأموال المتأتية عنه، وهل تضمن إعادة الودائع المشروعة ويتم التسديد بشكل معقول؟ وهل سترفع السرية المصرفية بالكامل ويتم التدقيق في الحسابات المصرفية لتحديد الودائع المؤهلة للحماية والاسترداد مع تطبيق خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي؟ ومتى يتم الانتهاء من التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي والمصاريف التجارية لتحديد المسؤوليات وكشف الجرائم المالية وغير المالية، وعن التحقيق التحويلات المصرفية التي تمت بعد 17 تشرين الأول 2019، وهل ستنفذ خطة مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة التي اقرتها الحكومة في العام 2020، وقرار مجلس الوزراء مع خطة العمل؟ هل أن الأشخاص الذين عينوا على رأس المصرف المركزي ولجنة الرقابة على المصارف واللجان والهيئات الأخرى سيكونون مستقلين وذات مناقبية وقدرة على إعادة هيكلة المصارف؟ وهل ستتم محاسبة فعلية للمقصرين السابقين، وهل سيتم تعديل قانون النقد التسليف وتغيير إدارات المصارف الحجز على أصولهم احترازيا واسترجاع ما تم تحويله منذ 17 تشرين الأول 2019 وفقا لاحكام القانون، وهل سيطهر القضاء نفسه ويحاسب المقصرين فيه والمرتكبين، وهل سيقر قانون استقلالية القضاء العدلي والإداري على نحو يضمن استقلالية فعلية للهيئات القضائية وفق المعايير الدولية؟”.
وعرض الدكتور خليفة لبعض الحلول الإصلاحية، ومنها: “استعادة الأموال المهدورة في قطاع الكهرباء والمياه والأموال من ناهبي مشاريع الصرف الصحي، واستثمار الاملاك العقارية للدولة، وإجراء إصلاح في الإدارات العامة، كما البيع في المزاد العلني لمئات السيارات الموضوعة بتصرف أفراد في الإدارات العامة والأجهزة العسكرية واقفال مراكز الإدارات والمؤسسات العامة التي فتحت في مختلف المناطق من دون أي قرار من مجلس الوزراء، وتطهير الجمارك من الفاسدين منها وضبط التهريب على الحدود البرية والبحرية والجوية الذي يقدر حجمه ب 5 مليار دولار، ضبط الضرائب في الدوائر العقارية واستحداث ضريبة الدخل مقطوعة على العاملين الأجانب رفع الجباية الضريبية وملاحقة المتهربين، وفرض غرامة على الاملاك البحرية والنهرية التي من شأنها أن توفر مليار دولار سنويا للخزينة، كذلك شراء النفط حصرا من قبل الدولة الأمر الذي يوفر على 220 مليون دولار سنويا، واصلاح وصيانة مصفاتي طرابلس والزهراني، والإسراع في استغلال الثروة النفطية والغاز في البلوكات البحرية والنفط الموجود في البر، كذلك رفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة المماثلة للسلع التي ينتجها لبنان، إضافة إلى إغلاق المعابر غير الشرعية والتفاوض مع سوريا لتخفيض الرسوم على الشاحنات اللبنانية المتجهة إلى الخليج أو التعامل بالمثل وإلغاء حق الحصرية التجارية”.
وعن النزوح السوري والكارثة التي يشهدها الوضع الديموغرافي، رأى الدكتور خليفة أن “لبنان البلد الذي يستضيف أكبر عدد من النازحين نسبة لكل فرد في العالم”، مشيرا إلى “الضغوط التي مورست على لبنان من أجل توطين السوريين في العامين 2014 و2016″، عارضا لدراسات للأمم المتحدة أبرزت أن “لبنان احتل المرتبة الأولى في العالم من حيث تناقص عدد السكان في عام 2023، حيث بلغت نسبة تراجع السكان نحو 2.68 بالمئة وذلك نتيجة الهجرات المغادرة والهجرات الوافدة، كما أن تناقص عدد اللبنانيين يعود إلى انخفاض الخصوبة وتزايد عدد الوفيات ثم تزايد موجات الهجرة الخارجية، خصوصا من الشباب الجامعيين والأطباء والمهندسين وأصحاب المهارات العالية وتتوقع الدراسات أن يستمر هذا التراجع طيلة العشر سنوات المقبلة حتى العام 2035”.
وارتكز الدكتور خليفة على “إحصاءات قام بها الدكتور علي فاعور، بينت التغير السكاني في لبنان بين 2018 و2023 ، اذ برز أن هناك تراجعا كبيرا في عدد الولادات نسبته – 28 بالمئة بمقابل ارتفاع نسبة الوفيات +2.68 بالمئة، كما أظهرت تراجعا في معاملات الزواج -15.8 بالمئة في مقابل ارتفاع حالات الطلاق +6.82 بالمئة، كما أن 42 بالمئة من مجموعة السجناء في لبنان هم من الجنسية السورية، وأن الولادات لدى النازحين السوريين باتت تزيد عن ولادات اللبنانيين، أما نسبة النازحين الحاصلين على إقامة قانونية في العام 2022 بلغت 17 بالمئة”.
واستشهد خليفة على مستند للدكتور علي فاعور، يتضمن “جدولا لتوزيع السكان المقيمين في لبنان من اللبنانيين والنازحين السوريين بحسب الأقضية، بين أن 64.9 بالمئة هم من اللبنانيين و35,1 بالمئة من السوريين، وذلك استنادا على بيانات إدارة الأحصاء المركزي بالنسبة لللبنانيين بين عامي 2018 و2019، أما بالنسبة للنازحين السوريين فهي نتيجة تقديرات مستندة إلى مصادر الأمن العام في العام 2022″، وراى أننا “أمام ظاهرة انفجار سكاني خطير واختلال كبير في التوازن بين المجتمعات اللبنانية المضيفة ومجتمعات النازحين. ومن أبرز التجليات شيخوخة اللبنانيين السريعة الناجمة عن تراجع الولادات وانخفاض الخصوبة وهجرة الشباب، بالمقابل استمرار تدفقات الهجرة الوافدة وتكاثر أعداد النازحين وهذا سيؤدي حتما إلى اختلال بين الطوائف وتغيير أسس لبنان. فمن أصل مليوني نازح سوري هناك فقط 300 الف لديهم إقامة 800 الف ومليون 200 الف غير مسجلين”.
وعن القرار 1701، شدد خليفة على نقاط عدة، وأهمها: “الحرص على وحدة لبنان الإقليمية واستقلاله السياسي ووحدته الوطنية ضمن حدوده المعترف بها دوليا”، مؤيدا النقاط السبع التي أعلنها رئيس الوزراء، وهي انسحاب إسرائيل إلى وراء خط الأزرق، عودة النازحين، إطلاق سراح الأسرى، وضع مزارع شبعا بعهدة الأمم المتحدة بانتظار ترسيم الحدود، سلطة الدولة على اراضيها بقوتها المسلحة الذاتية بشكل لا يعود فيه أسلحة أو سلطة لغيرها حسب ما ورد في اتفاق الطائف وتعزيز قوات الأمم المتحدة، إضافة إلى تطبيق اتفاقية الهدنة 1949 ودعم لبنان في إعادة الأعمار، كذلك، تكليف قوات اليونيفيل، بعد تعزيزها بالعدد والعديد والانتشار في الجنوب مع الجيش اللبناني وتطبيق القرارين 1559و1680 بكامل أحكامهما”.
وسجل خليفة بعض الملاحظات قائلا” أن حزب الله وإسرائيل لم ينفذا القرار 1701، ان الإعلان واضح في تأكيد نزع سلاح حزب الله من كل لبنان وليس من جنوب الليطاني فقط”، وأن تصاريح “بعض الأطراف لتطبيق الإعلان من خلال تصادم الجيش مع حزب الله هو أمر متناقض للمصالح العليا للبنان”، مشيرا إلى أن “البديل هو المبادرة فورا من قبل الحكومة إلى إقرار استراتيجية دفاعية ومن أسسها أولوية مطلقة لدور الجيش اللبناني والقوى الأمنية الرسمية من دون شروط خارجية أو داخلية، وأن تتخذ الحكومة وحدها القرارات العسكرية الأمنية وتحدد متى تنفيذها، وعدم الاحتكام الى السلاح في الداخل بأي شكل من الأشكال، واحتكار الدولة لحمل السلاح يفترض على حزب الله التخلي عن سلاحه، وهذا الأمر يرتبط بقرار إيراني على المستوى الإقليمي وهناك شك حول نجاح تطبيق القرار 1701، والعودة بالعمل إلى التجنيد الإجباري”.
ورأى أن “القرار 1701 يتضمن ثغرات، لذلك، نطالب بترسيم الحدود مع سوريا، وأخرى تنص على التوصل إلى تسوية لموضوع الحدود مع إسرائيل”، داعيا إلى ضرورة “مكننة الأرشيف المتعلق بالحدود الجنوبية والشرقية الشمالية، وتكليف لجنة متخصصة من أجل وضع خطة لحماية حدودنا الشمالية والشرقيه والجنوبية”، مؤكدا أن “انتصار الشعب اللبناني يكمن في التمسك بالوحدة الوطنية وعدم التبعية لهذه الجهة أو تلك وإيلاء المصلحة اللبنانية العليا الأولوية المطلقة”، مشددا على وجوب “الاهتمام الكبير بالاغتراب اللبناني الذي هو الداعم للخروج من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها والمساعد في العلاقات الدولية للدفاع عن حق الشعب اللبناني في دولة سيدة حرة ومستقلة”.
وسأل خليفة: “هل يصمد لبنان أمام عواصف الأزمة المالية والاقتصادية العميقة؟ وهل يتخطى الانفلاش الديموغرافي السوري على امتداد الجغرافيا اللبنانية؟ هل يستطيع لبنان مع الرئيس الجديد والحكومة الجديدة أن يعيدا أعمار ما تهدم ويعيدا كل المهجرين إلى منازلهم و أراضيهم؟ هل ستستطيع الدولة أن تحتكر وحدها حمل السلاح في إطار خطة دفاعية واضحة وهل سيقبل حزب الله بهذا الحل طوعيا؟ هل أن اليمين الإسرائيلي يستسيغ استمرار الأوضاع للعمل للتوسع شمالا نحو الليطاني مثلما توسع إلى قمم حرمون ومجاري اليرموك شرقا؟ وهل سصمد العيش المشترك، وتاليا هل ستصمد التجربة اللبنانية أي بناء دولة واحدة من المسيحيين والمسلمين يسودها الحداثة والمساواة والحريات العامة؟”.
وختم معتبرا انه “على الرغم من كل الكوارث الاقتصادية والمالية والديموقراطية والعسكرية والوطنية، نحن نتشبث باستقلال الدولة وسيادتها على كامل ترابنا الوطني، ونتمسك وندافع عن حقوق الإنسان اللبناني في مواجهة كل الأخطار الخارجية والداخلية. وكما انتصر اجدادنا على التحديات، نأمل نحن وأجيالنا المقبلة أن ننتصر على كل الأخطار ويبقى لبنان قائدا للنهضة والتقدم في هذا المشرق العربي”.
=====م.ع.ش.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook