الوكالة الوطنية للإعلام – المطران الجميل اختتم جولته الايطالية بقداس في ميلانو: الفقراء الحقيقيون من فقدوا علاقاتهم الإنسانية وانفصلوا عن مجتمعهم

وطنية – اختتم الزائر الرسولي في أوروبا المطران مارون ناصر الجميل جولته الراعوية في ميلانو – إيطاليا، بقداس شكر شارك فيه عدد كبير من الجالية اللبنانية والجالية العربية . وألقى عظة من وحي إنجيل “الابن الضال” الذي ترك اباه واهله ليفتش عن حريته وموقف والده الذي احتضنه بعد عودته تائبًا.
وقال :” يروي يسوع قصة محبة الله للبشرية، وهي تشبه محبة هذا الأب لأبنائه. هذا هو الابن الأصغر، الذي يطالب بحريته واستقلاله. يريد أن يبتعد عن هذا الأب الذي يمثل السلطة والقيد والروتين والنظام القائم. يطالب بحقه في أن يكون هو نفسه، وأن يعيش حياته كما يشاء. نحن ندرك جيدًا هذا الاحتياج للحرية لدى الكثير من أبنائنا، وهذا في النهاية جزء طبيعي من الحياة. نرى هذا التحرر نفسه في مشاهد التلفزيون عندما تثور الشعوب المظلومة ضد مضطهديها، ساعية إلى إثبات هويتها، والمطالبة بحقها في تقرير مصيرها، والسيطرة على مواردها”.
وسأل: ” أليست هذه أيضًا صورة مجتمعاتنا المتقدمة التي تعتقد أنها لا تحتاج إلى الله لتقرير مصيرها، وتثق في قوتها الخاصة، وترفض أن تكون مدينة بأي شيء لشعبها؟”، وقال:”مع ذلك، فإن الأب يترك الأمر يحدث. إنه ليس مثل هؤلاء الآباء الذين، عند جرح كبريائهم، يسعون الى استعادة سلطتهم بطرد الابن العاق. لا، بل هذا الأب يشارك ابنه في أملاكه، ويدعه يرحل دون أي شروط. هذه هي أعظم شهادة على محبته، فهي محبة حرة تمامًا، تمنح الآخر حتى حرية الهروب والإنكار”.
أضاف:”يغرق الابن الأصغر في الشقاء والانحطاط. من أراد أن يكون حرًا، يجد نفسه غريبًا، مهاجرًا، مقطوعًا عن جذوره، وحيدًا بلا حب. يصل به الحال إلى فقدان كرامته الإنسانية، حتى أنه يعامل أسوأ من الخنازير. إن الفقراء الحقيقيين هم الذين فقدوا علاقاتهم الإنسانية وانفصلوا عن مجتمعهم. هذا هو الألم الذي يعانيه الابن الأصغر. لكن، في أعمق لحظات المحنة، تحدث المعجزة. لأنه بدون محبة الأب، حتى وإن كانت صامتة، لما استطاع الابن أن ينهض ويجد طريقه إلى البيت من جديد. ولكن عودة الابن الضال ليست مجرد شأن بينه وبين الأب، بل تمثل أيضًا تحديًا للأخ الأكبر. لم يكن غضب الأخ الأكبر بسبب حياة أخيه بقدر ما كان بسبب موقف الأب. ألم يكن يجب على الأخ الأصغر، حتى بعد توبته، أن يخضع لفترة اختبار؟ لا أحد يستطيع الإجابة على هذا السؤال إلا المسيح. فقد فتح ذراعيه على الصليب ليحتضنهما معًا”.
وقال: “محبة الله مجانية. فقد نظر الابن الأكبر إلى علاقته مع الأب من منظور العمل والاجر. وبما أنه لم يعش في محبة أبيه، لم يستطع أن يحب أخاه. يقول الأب لابنه الأكبر أمرين: “ابني هو أخوك” و”أخوك كان ميتًا فعاد إلى الحياة”. هذا هو الجوهر: الانتقال من الموت والغياب إلى الحياة”.
ختم:”أيها الإخوة والأخوات، يترك لنا هذا المثل سؤالًا ودعوة موجهة لكل واحد منا. هل سيبقى الابن الأكبر خارجًا أم سيدخل البيت؟ لا تقدم لنا المثل إجابة، وهذا أفضل، لأنها دعوة لنا لاكتشاف فرح المغفرة والحياة الأقوى من الموت، سواء في عائلاتنا أو في الكنيسة. إن كنا مثل الابن الأصغر، فهذه دعوة لنا للعودة. وإن كنا مثل الابن الأكبر، فهذه دعوة لنا لنفرح بعودة من كان ضائعًا إلى الحياة. نحن جميعًا مدعوون للمشاركة في فرح الآب! آمين.”
====أ.أ.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook