الوكالة الوطنية للإعلام – النهار: لبنان يسابق التفلّت الميداني بعد عاصفة الصواريخ تكثيف الجهود الديبلوماسية منعَ انهيار “الخطوط الحمر”

تحدثت معلومات عن احتمال قيام أورتاغوس بزيارتها الثانية للبنان في الأيام المقبلة بعد زيارة لإسرائيل في إطار مواكبتها للتطورات بين لبنان وإسرائيل والتحضير لتحريك المفاوضات غير المباشرة بينهما
وطنية – كتبت صحيفة “النهار”: خاض الحكم والحكومة الجديدان في لبنان أحدث وأخطر اهتزاز لاتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل منذ إعلانه في 27 تشرين الثاني الماضي، من منطلق أنه التحدي المبكر الأشدّ خطورة عليهما كما على الانتقال الهش بلبنان من ضفة إلى ضفة، بما يعني ضرورة استنفار وتعبئة كل الوسائل الديبلوماسية الضاغطة وإلى اقصى الدرجات تجنباً لتداعيات هذه الصدمة.
فإطلاق الصواريخ من جنوب لبنان على المطلة يوم السبت الماضي شكل الاختراق الأخطر من الجانب اللبناني لاتفاق وقف النار بما أثار موجة واسعة من المخاوف من أن يشكل هذا الاختراق الذريعة الفضلى لإسرائيل للانقضاض مجدداً على الساحة اللبنانية بتصعيد مشابه للتصعيد الجاري في غزة. ومع إدراك جميع المعنيين في لبنان أن إسرائيل لم تكن أساساً تنتظر الذرائع بدليل أن عدد اختراقاتها للاتفاق منذ إعلانه فاق مئات الاختراقات عبر الغارات الحربية الجوية والمسيّرة وعمليات الاغتيال اليومية لكوادر وعناصر “حزب الله”، فإن الخشية الكبيرة تمثّلت في الشبهة من أن يعود لبنان ساحة صراع إقليمية مفتوحة من منطلق ربط الاختراق الصاروخي المجهول الهوية والمصدر بتحرك أوراق النفوذ الإيراني في المنطقة مجدداً من اليمن إلى لبنان على خلفية “التبادلات الأولية” للرسائل بين إيران والإدارة الأميركية. ومع أن السخونة والتوتر ظلا سائدين في الساعات الـ48 الأخيرة تحت وطأة التخوّف من انفلات التصعيد الإسرائيلي واتّساعه، بدا من المعطيات العميقة لدى المسؤولين اللبنانيين أنهم يستبعدون التفلت وعودة الحرب على النحو الكثيف التدميري السابق وأن حملة الاتصالات الديبلوماسية الكثيفة التي جردها العهد والحكومة عقب التصعيد الأخير قد لجمت إلى حد بعيد تجاوز التصعيد للخطوط الحمر مثل استهداف بيروت والضاحية الجنوبية. وكان عدم تجاوز هذه الخطوط شكّل هاجساً أوّلياً للمسؤولين بعدما انبرى مسؤولون إسرائيليون إلى التهويل بمعادلة “بيروت في مقابل المطلة”، وتردّد أن المراجعات الملحة والمتلاحقة التي تولاها رئيسا الجمهورية العماد جوزف عون ومجلس الوزراء نواف سلام ووزير الخارجية جو رجي وخصوصاً مع الجانب الأميركي قد أدت مبدئياً إلى تراجع الاحتمالات التصعيدية “الكاسرة” من دون انحسار وتيرة الاستهدافات الإسرائيلية.
ومن هنا جاءت الدلالات البارزة للمواقف الفورية التي أطلقها كل من الرئيسين عون وسلام بعد إطلاق الصواريخ السبت الماضي من الجنوب، إذ شكّلا نزعاً فورياً لأي مشروعية لاستخدام ساحة الجنوب مجدداً ميدان تصفية حسابات أو بريداً متفجرا لتبادل الرسائل الإقليمية تحت ستار “المقاومة”. وفي اعتقاد المعنيين أن هذه المواقف، كما الموقف المتقدم لرئيس الحكومة من طي صفحة سلاح “حزب الله” عشية التصعيد الأخير، تركت وستترك آثاراً بارزة في تعامل الدول المؤثرة مع مطالب لبنان الضاغطة لحمل إسرائيل على تجنّب تفجير الوضع أولاً، ومن ثم عودة تحريك المساعي الديبلوماسية الأميركية تحديداً لمعالجة المسارات الثلاثة التي سبق لنائبة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط المعنية بملف لبنان مورغان أورتاغوس أن حددتها قبل فترة وهي مسارات إطلاق الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل ومعالجة النقاط التي تحتلها في الجنوب وإطلاق المفاوضات حول الترسيم البري للحدود بين لبنان وإسرائيل. وتحدثت معلومات عن احتمال قيام أورتاغوس بزيارتها الثانية للبنان في الأيام المقبلة بعد زيارة لإسرائيل في إطار مواكبتها للتطورات بين لبنان وإسرائيل والتحضير لتحريك المفاوضات غير المباشرة بينهما. كما أن هذه التطورات ستكتسب طابع الأولوية في المحادثات التي ستجرى بين الرئيس عون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 28 آذار الحالي في قصر الاليزيه.
ولعل ما تجدر الإشارة إليه أن أوساطاً سياسية ذهبت إلى التحذير من أن يكون استهداف المطلة من الأراضي اللبنانية جاء على يد “حزب الله”، رداً على مواقف الرئيس نواف سلام، إذ لفتت إلى أن نفي”حزب الله” لم يقنع لا الداخل ولا الخارج، كما لم يحقق الهدف منه الرامي إلى تخفيف وطأة التصعيد، بسبب اللغة المزدوجة للحزب، بل على العكس، جاء نفيه ليضع الدولة والجيش في المواجهة مع إسرائيل، تماماً كما فعل في المواجهات على الحدود الشرقية الشمالية مع الجيش السوري. وهذا ما حصل، إذ حمّلت إسرائيل الحكومة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ، وهددت على لسان وزير دفاعها يسرائيل كاتس بمعادلة “بيروت مقابل المطلة”.
ولكن الأجواء المستقاة من المراجع الرسمية تعتبر أن الضربة الأخيرة تشكل إشارة إلى ضرورة استكمال إجراءات انتشار الجيش في الجنوب، ويدفعها إلى التمسك بتطبيق قرار حصرية السلاح، لأنه تبين، لا سيما بعد بيان النفي للحزب، أن أي سلاح خارج الدولة، سيورّط البلاد في حرب.
التصعيد الميداني
في التطورات الميدانية استمرت أجواء التوتر مخيمة أمس على الجنوب والمناطق التي تعرّضت للغارات الإسرائيلية السبت الماضي وتجدّدت الغارات مع قيام مسيّرة بالإغارة على سيارة في بلدة يارون، كما شنت مسيّرة إسرائيلية غارة بصاروخ موجه مستهدفةً سيارة في بلدة عيتا الشعب، ما أدى إلى مقتل العنصر في “حزب الله” حسن نعمة الزين، كما أغار الطيران الإسرائيلي على اللبونة.
وأكد مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة أن الغارة على سيارة في بلدة عيتا الشعب أدت إلى استشهاد مواطن.
وسجل تحليق لطائرات استطلاع على علو منخفض فوق الضاحية الجنوبية، وفي أجواء منطقتيّ بعلبك والهرمل على علو متوسط وفي أجواء مدينة صور وبلدات القضاء وصولاً حتى ضفاف الليطاني منطقة القاسمية.
وألقت محلّقة إسرائيلية عددًا من القنابل على غرفة جاهزة في الناقورة كان قد وضعها أحد أبناء البلدة أمس فوق ركام منزله المدمر. إضافة الى ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي عدداً من البيوت الجاهزة في بلدتي الناقورة وشيحين من دون وقوع اصابات، فيما قامت قوّة إسرائيلية معززة بدبّابات وجرّافات بالتوغل إلى وادي قطمون واستحدثت سواتر ترابيّة.
في المقابل، عزز الجيش انتشاره في المنطقة، وحضرت دورية من قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان – اليونيفيل لتوثيق الانتهاكات، فيما عادت القوات المعادية إلى الداخل المحتل.
تُتابع قيادة الجيش التطورات بالتنسيق مع اليونيفيل والجهات المعنية لاحتواء الوضع المستجد على الحدود الجنوبية”.
====
مصدر الخبر
للمزيد Facebook