آخر الأخبارأخبار محلية

هل سيبدأ الاشتباك السياسي الداخلي لتجنب الضغوط؟

تتزايد الضغوط السياسية الخارجية على الحكومة والعهد في لبنان، والهدف الواضح هو سحب سلاح حزب الله. الأميركيون، كما تردد في الأروقة السياسية، وجهوا تهديدات مباشرة بأن استمرار الوضع الحالي قد يؤدي إلى عودة الحرب، إذا لم يتم التوصل إلى توافق على تشكيل لجنة تفاوض مدنية مع اسرائيل. ومع تراجع التهديدات العسكرية العلنية، فإن الضغوط تأخذ شكلاً مختلفًا، حيث يتم التلويح بعدم تقديم أي دعم مالي أو مساعدات أو حتى المساهمة في إعادة الإعمار، ما لم يتم تفكيك الترسانة العسكرية للحزب.

لكن ما يجري حاليًا يتجاوز مجرد الضغط الخارجي. يبدو أن الهدف الأساسي هو دفع السلطة السياسية في لبنان نحو مواجهة مفتوحة مع حزب الله. هذه المعركة ليست فقط مطلبًا أميركيًا أو إسرائيليًا، بل أيضًا جزء من الترتيبات الإقليمية التي تسعى واشنطن إلى تثبيتها بعد الحرب الأخيرة في غزة. فإسرائيل، رغم ما تظهره من تصعيد محدود، لا تبدو راغبة في العودة إلى حرب شاملة، لأن ما تحقق في المواجهة الأخيرة كان كافيًا وفق الحسابات الإسرائيلية. ولذلك، فإن المرحلة الحالية ليست مرحلة مواجهات عسكرية، بل مرحلة استثمار النتائج في السياسة، ولبنان هو الساحة الأمثل لذلك.

التجاوب الأول مع الضغوط جاء من رئيس الحكومة نواف سلام، الذي اعتبر أن سلاح حزب الله أصبح من الماضي، مشيرًا إلى أنه سيتم بحث الموضوع في مجلس الدفاع الأعلى قريبًا. هذا التصريح يحمل دلالات واضحة، فهو أول موقف رسمي عالي المستوى يتحدث عن الملف بهذه الصيغة، ما يعني أن الضغوط بدأت تعطي نتائجها، أو على الأقل أن الحكومة تحاول تقديم إشارات إيجابية إلى الجهات الخارجية.

لكن هل يمكن أن تؤدي هذه الضغوط إلى تحقيق الهدف المعلن؟ الواقع أن التوازنات الداخلية لا تزال معقدة، والموقف الداخلي لحزب الله لم يتغير. الحزب يدرك تمامًا أن ما يجري ليس مجرد ضغط خارجي، بل محاولة لإطلاق معركة سياسية ضده، وهو مستعد للتعامل مع هذا التحدي بأساليب مختلفة، سواء عبر تعزيز نفوذه داخل المؤسسات أو عبر فرض وقائع سياسية تحول دون الذهاب إلى مواجهة حاسمة.

ما يجري اليوم هو إعادة ترتيب الاولويات السياسية في لبنان، حيث يحاول المعسكر المناهض لحزب الله استغلال اللحظة الإقليمية والدولية لتحقيق مكاسب داخلية. لكن في المقابل، فإن قدرة الحزب على المناورة لا تزال جيدة، وهو يعتمد على تحالفاته الداخلية وعلى شعبية جدية لضمان استمرار وضعه الحالي. ومع أن التلويح الأميركي بالعقوبات والضغوط الاقتصادية قد يترك أثره على السلطة السياسية، إلا أن التجارب السابقة أثبتت أن هذه الضغوط وحدها ليست كافية لإحداث تغيير جذري، ما لم تترافق مع تحولات داخلية تدفع باتجاه تغيير المعادلة بالكامل.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى