آخر الأخبارأخبار دولية

كيف تمكن تنظيم القاعدة من خداعه وقتله في عكر داره؟


نشرت في:

يصادف تاريخ التاسع من أيلول/سبتمبر 2021 الذكرى السنوية العشرين لاغتيال أحمد شاه مسعود آخر قائد بارز مقاوم لحركة طالبان حليفة التنظيم الجهادي في شمال أفغانستان، على يد تنظيم القاعدة في عقر داره. فكيف تمكنت القاعدة من إسقاط مسعود بين أنصاره؟

بعد مرور 20 عاما، لا يزال الأفغان ينظرون إلى اغتيال أحمد شاه مسعود الذي أتى قبل يومين من اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001، على أنهما الكارثتان التوأمان اللتان أطلقتا حقبة جديدة من عدم اليقين وسفك الدماء لا تزال مستمرة حتى اليوم خصوصا مع عودة طالبان إلى الحكم.

في 9 أيلول/سبتمبر 2001، جلس انتحاريان تابعان لتنظيم القاعدة ادعيا أنهما صحافيان لإجراء مقابلة مع أحمد شاه مسعود. لكن قبل أن يتمكن من الرد على أي سؤال، فجّرا عبوات ناسفة قال محققون لاحقا إنها كانت مخبأة في معدات التصوير.

ومسعود ذو الشخصية الجذابة الملقب بأسد بانشير نسبة إلى اسم وادي بانشير مسقط رأسه، ذاع صيته خلال الثمانينات كقائد حرب عصابات بارع صد القوات السوفياتية. وبحلول أواخر التسعينات، كان يقاتل حركة طالبان وحليفها تنظيم القاعدة، وأراد كلاهما التخلص منه. أما الهجوم الجريء الذي نفذه التنظيم، أمر به أسامة بن لادن نفسه.

تلفيق قصة مطبوعة على ورق رسائل

وتظاهر منفذو الهجوم بأنهم يصورون وثائقيا وحصلوا على مقابلة مع مسعود من خلال تقديم قصة ملفقة مطبوعة على ورق رسائل من مركز إسلامي في بريطانيا. وقد استخدموا جوازات سفر بلجيكية مسروقة للسفر. لكنهم لم يتمكنوا من مقابلة مسعود عند وصولهم في آب/أغسطس 2001 إلى قاعدته في قرية خواجة بهاء الدين، بسبب انشغالاته الكثيرة.

وذكر فهيم دشتي في شهادة لوكالة الأنباء الفرنسية بعد الاغتيال، وهو صحافي ومساعد مقرب من مسعود أن عنصري القاعدة “أمضيا عشرة أيام معنا بهدوء وصبر، ولم يصروا بتاتا على إجراء المقابلة”. وكان دشتي يجهز كاميرته الخاصة لتسجيل المقابلة فيما كان اثنان من عناصر القاعدة ينقلان أسئلتهما باللغة العربية إلى المساعد المقرب من القائد، مسعود خليلي، لترجمتها.

“لم نشعر بالارتياح”

وتحدث خليلي في تشرين الأول/أكتوبر 2001 أنه “لم نكن نشعر بارتياح” خصوصا لأنهم طرحوا أسئلة عن بن لادن.

وتابع: “كان المصور يظهر ابتسامة شريرة. أما الصحافي فكان هادئا جدا”. وبمجرد سماع مسعود ترجمة الأسئلة، انفجرت العبوات الناسفة.

إخفاء خبر مقتله لأيام

أراد مساعدو مسعود بادئ الأمر إخفاء خبر مقتله لأيام، مع استمرار التحالف الشمالي مقاومة طالبان كي لا يضعفوا معنويات جنودهم. وبعد أسبوع من مقتله، دفن مسعود في منزله في مقاطعة بازارك بولاية بانشير فيما شارك الآلاف من أتباعه في موكب الجنازة. وبني قبر رخامي اجتذب أعدادا كبيرة من أنصاره.

سبب إضافي لاستمرار القتال

وأفاد أحد سكان المنطقة طالبا عدم ذكر اسمه بسبب مخاوف أمنية أنه “عندما قتل مسعود كنت في بانشير. كانت قوات المقاوم، محاصرة من كل الجهات”.

وتابع: “حتى أن طالبان أعلنت عبر الراديو: زعيمكم مات وأنتم انتهيتم. لكن، وفاة الزعيم أعطت الشعب سببا آخر للقتال بقوة أكبر”.

إلا أن الأمور انقلبت رأسا على عقب في غضون أسابيع بعدما غزت الولايات المتحدة التي كانت تتطلع إلى معاقبة طالبان لإيوائها مرتكبي هجوم 11 أيلول/سبتمبر، أفغانستان.

سقط نظام طالبان بحلول نهاية العام 2001 بعدما استهدفته قاذفات أمريكية بتوجيه من مقاتلي التحالف الشمالي. وكان تنظيم القاعدة الذي كان يأمل في تعزيز مكانته عبر الهجومين في الولايات المتحدة وفي أفغانستان، هاربا.

انتقام طالبان

مع مغادرة آخر القوات التي تقودها الولايات المتحدة أفغانستان، شنت طالبان هجوما خاطفا متوجة تمردها المستمر منذ 20 عاما مع الاستيلاء على كابول في 15 آب/أغسطس.

ومجددا، ظهرت حركة المعارضة الرئيسية في بانشير وهذه المرة بقيادة أحمد مسعود الذي كان يبلغ 12 عاما عندما قتل تنظيم القاعدة والده. لكن طالبان سرعان ما أرسلت مقاتلين لتطويق المنطقة وقد أعلنت الاثنين أنها سيطرت على وادي بانشير.

ومن بين قتلى المقاومة الذين لقوا حتفهم في القتال العنيف، فهيم دشتي الصحافي الذي نجا من العملية التي استهدفت مسعود قبل 20 عاما. ونشر حساب تابع لحركة طالبان صورة لمقاتلين في بانشير أمام ملصق مُخرب لأحمد شاه مسعود.

ويرى أحمد والي شقيق أحمد شاه مسعود في جنيف الثلاثاء أنه على الرغم من أن جبهة المقاومة الوطنية “أصيبت”، يمكن لآلاف المقاتلين العودة في أي وقت. إنه سيناريو صعب لمحمد سناء صفا البالغ 63 عاما والذي عمل مع مسعود خلال الثمانينيات عندما كانت القوات السوفياتية تشن هجمات يومية على بانشير.

وأوضح صفا: “أحمد مسعود شاب ووطني لكن ليس لديه خبرة عسكرية مثل والده. لو كان (والده) على قيد الحياة اليوم، لما شهدنا سقوط بانشير في أيدي طالبان”.

 

فرانس24/ أ ف ب


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى