أسرار مثيرة جداً عن قاتل كمال جنبلاط.. مفاجآت جديدة عن الحويجي

نشر موقع “الجزيرة نت” تقريراً تحت عنوان: “تل الزعتر واغتيال جنبلاط.. بصمات مميزة للضابط السوري إبراهيم حويجي”، وجاء فيه:
الحرس القديم
يتتبع الكاتب اللبناني نقولا ناصيف مراحل التدخل السوري في لبنان منذ اتخاذه أولا صيغة “وساطة” بين المتحاربين اللبنانيين يوم 24 أيار 1975 قادها وزير الخارجية وقتئذ عبد الحليم خدام ورئيس هيئة الأركان حكمت الشهابي، مروراً بإلحاق الأسد مجموعة من ضباط الاستخبارات للمشاركة في كانون الثاني 1976 بـ”لجنة التنسيق العليا” التي شكلت قبل ذلك بـ3 أشهر بضغط من رئيس الحكومة رشيد كرامي لمتابعة وقف إطلاق النار، وصولا إلى التدخل العسكري المباشر السابع من حزيران 1976.
يقول بلال حسن المسؤول عن فرع مخيم تل الزعتر في تنظيم الصاعقة (الفرع الفلسطيني لحزب البعث السوري) -في مقابلة مسجلة يوم 23 أيار 2017- إن الرائد إبراهيم حويجي كان ضمن ضباط اللجنة الأمنية، وكان مقره في ضاحية سن الفيل الملاصقة لمخيم تل الزعتر للاجئين الفلسطينيين.
ويضيف أن رائدا ثانيا يدعى رفعت انتدب للعمل في صيدا، وانتدب رائد سوري آخر لمنطقة الشمال يدعى منصور.
كان حسن وقتها مسؤولاً عسكرياً للصاعقة في تل الزعتر وعضواً في لجنة شرق بيروت التي ضمت الرائد حويجي بوصفه ممثلا للسوريين، وحبيب حكيم والحاج نقولا وجوزيف شديد وسليم رعيدي بوصفهم ممثلين للمليشيات المسيحية، إلى جانب شخص أرمني، بينما مثّل الدولة اللبنانية العقيد جوزيف خوري والنقيب سيف.
يقول حسن عن علاقته بحويجي خلال الشهور السابقة على مهاجمة تل الزعتر وترحيل سكانه إن الأخير كان يقول له: “يا بلال، كل يوم بدك تكتب لي تقرير(يقول) إن الفلسطينيين يضربون المسيحيين في مناطقهم”. أجبته: “نحن لم نكن نضربهم”. فقال لي: “هنالك قرار من حزب البعث، ومن السيد الرئيس (حافظ الأسد) بأننا نحن الفلسطينيين نضرب بالمدفعية مواقع المسيحيين والجبهة اللبنانية”. ويستدرك حسن قائلاً: “كان هنالك نفور بيني وبينه. أنا كنت ملزم بأن أكتب التقرير، لأنه كان يقول لي اكتب! (..) وكنت أكتب”.
وبعد أن قررت مليشيات اليمين المسيحي حسم معركة مخيم تل الزعتر عسكريا وشنت هجومها عليه في 22 حزيران 1976 بدعم سوري غير منظور، وقعت حادثة أخرى كان لحويجي بصمته الخاصة، في إطار ما سماه بلال حسن “قرارًا سوريًا بإسقاط المخيم لا رجعة عنه”.
يقول حسن إن القوات المدافعة عن المخيم شنت في اليوم التالي -أي في 23 حزيران- هجوماً مضاداً تمكن خلاله المهاجمون من أسر 14 من تنظيم حراس الأرز ونقلهم إلى داخل إلى جامع أحمد الكامل، داخل المخيم على مقربة من مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني. ويضيف: “اتصل بي حويجي عبر الهاتف الذي كان ما زال يعمل، سائلا عن 14 شخصا مفقودين. فقلت له: تسأل عن 14 مفقودا ولا يهمك أمر 17 ألفا (من السكان) في المخيم، وأغلقت الهاتف”.
ويستدرك قائلا “نزل علينا بعدها غضب الله”، في إشارة إلى القصف المدفعي الشديد من طرف المليشيات المهاجمة، ردا على أسر أفراد من عناصرها.
يقول حسن: “قمت آخذ المسؤولية على عاتقي.. هنالك ولد سوري مقاتل اسمه عنتر.. كتبت رسالة إلى إبراهيم حويجي قلت فيها: هل أنتم مستعدون لوقف إطلاق النار حتى نتباحث في عملية إخلاء مخيم تل الزعتر. أرسلت الرسالة مع عنتر. عاد الولد على الطريق في المرة الأولى (…) ثاني مرة، عاد لي بورقة من إبراهيم حويجي كتب فيها: هل هذا القرار هو قرارك الشخصي أم قرار كل المنظمات مجتمعة ؟. أرسلت له رسالة (قلت) فيها: هذا القرار قرار شخصي، وأنا ابن المخيم، وأنا أقدر وأعرف ما هو الموقف داخل المخيم. إذا أنتم وافقتم على هذا الطرح، أذهب واجتمع إلى القيادة الفلسطينية وأضعهم بصورة الوضع بأن علينا أن نعمل وفق الخطة التالية: المرحلة الأولى: وقف إطلاق النار، المرحلة الثانية: حصار المخيم من قبل الجيش السوري وإبعاد القوى الانعزالية عن المخيم، المرحلة الثالثة: إجلاء الجرحى والمصابين من المخيم، المرحلة الرابعة: إخلاء كل العجزة وكل الذين يسببون لنا إرباكا إلى خارج المخيم. أما موضوع المقاتلين، فيبقون في المخيم وتبحث قضيتهم مع القيادة الفلسطينية”.
يتابع حسن: “هذا ما أرسلته بالحرف الواحد مع عنتر. عند عودة الولد، ألقت فتح القبض عليه. أخذوا منه الرسالة، وأعدموه”.
ويجزم حسن في إطار شهادته بأن حويجي كان قائد القوة السورية المهاجمة لمخيم تل الزعتر، وأن آخر لقاء له به كان بعد فراره (أي حسن) إلى الجانب الآخر من خطوط القتال يوم 11 آب 1976، إثر اقتتال بينه وبين باقي الفصائل الفلسطينية، قبل يوم من سقوط مخيم تل الزعتر.
بعد انتهاء أحداث تل الزعتر بمجزرة ارتكبتها المليشيات يوم 12 آب بحق مدنييه، بقي حويجي – كما دلت الأحداث اللاحقة – يعمل في مقره في سن الفيل، وهو المقر ذاته الذي استُخدم بعد 7 أشهر غرفة عمليات لإدارة عملية اغتيال كمال جنبلاط زعيم الحركة الوطنية اللبنانية يوم 16 آذار 1977 مع مرافقيه في بعقلين.
ووقعت الجريمة التي لم يتحدد مرتكبوها، بعد أن حسمت الجولة الأولى من الحرب اللبنانية بهزيمة مشروع جنبلاط الإصلاحي، وبعدما أضفت قمة عربية طارئة عقدت في القاهرة في تشرين الأول 1976 الشرعية على القوة المهاجمة وسمتها “قوات الردع العربية”.
أول الواصلين
وارتبط تحريك الملف مجددا عام 2015 بنشر العميد عصام أبو زكي القائد السابق للشرطة القضائية مذكراته المعنونة “محطات في ذاكرة وطن”.
ويجزم أبو زكي الذي كان محققا وقت الاغتيال، وكان أول الواصلين إلى مسرح الجريمة أن الرأس المنفذ هو الضابط إبراهيم حويجي الذي كان مسؤولا عن مكتب القوات السورية في سن الفيل، والذي أصبح فيما بعد مديرا عاما للمخابرات الجوية السورية.
وكشف أبو زكي عن أن الجناة الأربعة الذين نفذوا الجريمة توجهوا بعد العملية إلى مكتب القوات السورية في دوار الصالومي بمنطقة سن الفيل.
رتبة عالية
تضمن هذا الشريط شهادة جديدة لأبو زكي قال فيها بشأن العناصر الأربعة الذين نفذوا عملية الاغتيال “إنه الرائد السوري إبراهيم حويجي، الذي كان مسؤولا عن مكتب المخابرات السورية في مستديرة الصالومي، والذي تسلّم سيارة (من طراز) البونتياك واحتفظ بها. ولدينا إفادات تؤكد أنه كان يقود البونتياك ويستخدمها في تنقلاته الشخصية. وتوصلنا فعلا إلى اكتشاف تطابق صفاته على أحد المسلّحين الأربعة. كما أنّ الشاهد سليم حداد، الذي نقل المسلّحين إلى الصالومي، أكد أن شخصا جلس بجانبه وكانت لديه رتبة عسكرية عالية، وكان عناصر الحواجز السورية الذين ينتشرون على الطرق يؤدون له التحية العسكرية، والدليل أنهم قصدوا الصالومي، حيث كان مركز الرائد حويجي”.
ويقول رفعت في هذا الصدد إن المخابرات الجوية منفصلة عن الجيش و”خاصة بالرئيس”، وإن قائدها إبراهيم حويجي هو من طلب إطلاق النار على جنبلاط، وهو “ما زال موجوداً في (مخابرات) القوى الجوية ولا يستطيع أن ينكر هذا الشيء، لأن عندنا 100 شاهد على الحادثة”. (الجزيرة نت)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook