آذار كل الحكاية.. ماذا خسر حزب الله خلال 20 عاماً؟

Advertisement
لبنانياً، كانت “ثورة الأرز” وليدة حادثة هزّت لبنان تمثلت باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم 14 شباط، لكنّ المفارقة هو أنه بعد ذاك الزلزال، انتهت حقبة الوجود السوري في لبنان بعدما دامت لعقودٍ عديدة، وما ساهم بذلك هو “الثورة” التي شهدها لبنان عام 2005.
في الواقع، يمثل عام المذكور سنة خروج لبنان من تحت الوصاية السورية، فحينها، غادر جيش النظام السوري السابق لبنان تاركاً وراءه ذكريات كثيرة في نفوس من واجهوا قمع المخابرات السورية.
وعام 2011، اندلعت الثورة السورية في وجه النظام السابق، وبعد حربٍ دامت لنحو 13 عاماً، سقط نظام الأسد يوم 8 كانون الأول الماضي، وباتت سوريا لأول مرة متحررة من حُكم النظام الذي دام لعقودٍ طويلة.
فعلياً، فإنّ آذار لهذا العام طعمٌ مُختلف لبنانياً وسورياً، فالإحتفال بذكرى ثورة الأرز والثورة السورية يجمعهما أمرٌ واحد وهو “سقوط نظام الأسد”. أما على الصعيد السياسي، فيبدو المتأثر الأول مما حصل هو “حزب الله”.. فماذا يعني آذار بالنسبة له من الناحية السياسية والإستراتيجية؟
“خسارة السند”
قبل 20 عاماً، وبعد انسحاب دمشق من لبنان، وجد “حزب الله” نفسه من دون السند السوري في الداخل، الأمر الذي دفعه لتعزيز نفوذه وتعويض النقص الإستراتيجيّ الذي حصل. على هذه القاعدة، سار “حزب الله” فانخرط أكثر في الحكومات والسياسة الداخلية، إلى أن جاءت حرب العام 2006، فاستطاع الحزب حينها رفع منسوب التأييد الشعبي له، وبالتالي “تعويم نفسه” بعد خروج سوريا وتكريس سلطةٍ قوية في الداخل اللبناني لم تكن موجودة لدى الحزب خلال وجود دمشق في لبنان.
تقول مصادر سياسية : “صحيح أن التأثير السوري على لبنان تراجع تدريجياً خلال السنوات التي تلت عام 2005، لكن حزب الله حاول إحياء ذاك التأثير أكثر من مرة من خلال مُطالبته لبنان الرسمي بتعزيز العلاقات مع دمشق والتواصل مع النظام السابق والتأسيس لمرحلة تعاون وسط عقوبات مفروضة على سوريا ساهمت في إضعافها اقتصادياً وسياسياً”.
فعلياً، ورغم محاولاته، بحسب المصادر، فقد خسر “حزب الله” الكثير من أوراقه حينما لم يستطع “دمج” لبنان الرسمي مع سوريا سابقاً في علاقات نديّة، فالمسألة هذه كانت عنواناً غير ملائم له، وقد أثر هذا الأمر عليه كثيراً.
المصادر عينها تقول إنَّ “حزب الله كان مخولاً بترتيب العلاقة بين لبنان والدولة السورية الماضية، لكن هذا الأمر لم ينجح”، مشيرة إلى أنَّ الحزب جنح أكثر للاستفادة من النظام السابق من خلال الحصول على ما يريده من مال وسلاح لكنه لم يبذل جهداً واسعاً لتمكين العلاقات علماً أن هذا الأمر كان يُواجه بمعارضة شرسة في الداخل اللبناني.
أما اليوم، فقد “انقلبت الآية”، فبات من كان ينادي بـ”قطع العلاقات مع سوريا” يرفع شعار “إعادة التشبيك مع دمشق” من خلال نظامها الجديد. أما “حزب الله”، فبات في موقع المُناوئ لسوريا بعدما كان “الحليف الأول” لها، وأضحت كل التفاصيل مُعاكسة لبعضها البعض، فغدا عدو الأول صديق اليوم والعكس صحيح.
صحيح أن “حزب الله” كان يشهد في السنوات الماضية على ذكرى ثورة الأرز في آذار والتي دحرت الجيش السوري من لبنان عام 2005، لكنه بات اليوم أمام مشهد جديد في آذار 2025: ذكرى رحيل سوريا من لبنان وسط سقوط النظام السوري السابق الذي تُوّج باحتفال السوريين بانتصار الثورة يوم 16 آذار 2025 ولأول مرة من دون الأسد.
الأمرُ هذا لم يكن متوقعاً حصوله خلال هذه المرحلة بعدما كان الرئيس السوري السابق بشار الأسد قد عاد إلى الجامعة العربية ويعيشُ ظروف حكمه بكل أريحية قبل حصول ما حصل في سوريا وهروب “الرئيس السابق” إلى روسيا، تاركاً وراءه حُكماً ضاع بـ”ساعات”.
من دونِ أدنى شك، بات “حزب الله” أمام “سوريا جديدة” و “لبنان جديد”، فآذار يمثل “نهاية الحقبات السورية السابقة” في البلدين، وهو الأمر الذي لا يروق لـ”الحزب” على الإطلاق. وهنا، يأتي السؤال الأساس: إلى أي مدى سيستوعب “حزب الله” التغيير الذي طال سوريا وساهم بقطع الإمدادات عنه عبرها؟ إلى أي مدى ستكون خسائره محمولة؟ وهل باستطاعة “حزب الله” الصمود من دون سوريا التي خسرها في آذار 2005 عبر “ثورة الأرز” وفي آذار 2025 باحتفال الثورة السورية من دون الأسد؟
مصدر الخبر
للمزيد Facebook