آخر الأخبارأخبار محلية

ذكرى تاريخية لاغتيال كمال جنبلاط.. رسائل للداخل والخارج!

 
“صبرنا وصمدنا وانتصرنا”. لعلّ هذا العنوان الذي اختاره “الحزب التقدّمي الاشتراكي” عنوانًا للاحتفال الشعبي “الاستثنائي” في المختارة بالذكرى الثامنة والأربعين لاغتيال الزعيم كمال جنبلاط، تختصر الرسائل التي أراد توجيهها في أكثر من اتجاه، ولا سيما مع البعد “التاريخي” الذي اكتسبته، ليس بعد إسقاط نظام الأسد في سوريا فحسب، ولكن بعد إعلان السلطات الجديدة اعتقال إبراهيم الحويجة، المسؤول عن جريمة الاغتيال.


Advertisement










 
وإذا كان الرئيس السابق للحزب وليد جنبلاط، ووريث الزعيم كمال جنبلاط، استغلّ “تاريخية” اللحظة، ليعلن طيّ الصفحة، عبر “ختم” تقليد إحياء الذكرى، “كون عدالة التاريخ أخذت مجراها في مكان ما ولو بعد حين”، وفق قوله، فإنّه حرص على “دوزنة” خطاب المرحلة الجديدة ، بمستوياتها كافة ، سواء داخل الحزب، أو في لبنان الوطن، أو في الفضاء العربي والإقليمي الأوسع، وإن تقاطعت جميعها تحت عنوان “النضال والتحدّي”.
 
واقترنت “رسائل” جنبلاط في مضمون الخطاب الذي ألقاه، برسائل “شكلية” لا تقلّ أهمّية، عبّر عنها الحضور الشعبي الكبير، الذي أراده “بيك المختارة” ربما بمثابة “استفتاء” في هذه اللحظة المفصليّة، إضافة إلى الحضور السياسي الجامع والمعبّر، رغم أنّ أيّ دعوات “رسمية” لم توجَّه في هذا الصدد، فكيف تُقرَأ رسائل جنبلاط في الذكرى الـ48 لاغتيال والده، وماذا يعني “ختم هذا التقليد” على مستوى “الحزب التقدمي الاشتراكي”؟!
 
“صبرنا.. صمدنا.. انتصرنا”

كثيرة هي “الرسائل” التي يمكن قراءتها خلف المشهدية الاستثنائية والتاريخية التي شهدتها المختارة في 16 آذار 2025، وهي مشهدية قد تتلاقى في مكانٍ ما مع تلك المشهدية التي أعقبت 16 آذار 1977، أقلّه على المستوى الشعبي، ربما لأنّ سقوط نظام الأسد واعتقال المسؤول عن اغتيال كمال جنبلاط أعطاها وهجًا استثنائيًا، وربما أيضًا لأنّ النائب السابق وليد جنبلاط أرادها ذكرى مختلفة عن كلّ ما سبق، في لحظة سياسية مفصليّة وتاريخيّة.
 
بهذا المعنى، فإنّ الرسالة الأهمّ من الذكرى تتمثّل في الحضور الشعبي الكبير، الذي لم تشهد المختارة مثله في السنوات الأخيرة، وهو حضورٌ يمكن قراءته على طريقة “الاستفتاء على الزعامة”، خصوصًا في ظلّ الدور المحوري الذي يلعبه جنبلاط في هذه المرحلة، داخليًا وخارجيًا، وهو ما برز خصوصًا بعد أحداث سوريا وصولاً إلى “تحريك” الملف الدرزي، كما يمكن تلقّفه من زاوية التأكيد على “عروبة وعالمية” الحزب، في مكانٍ ما.
 
وربطًا بهذا العنوان، يمكن فهم “العنوان” الذي اختاره جنبلاط للذكرى، التي أراد فيها “طيّ الصفحة” بعد 48 عامًا من المطالبة بالعدالة، والذي انطوى على ثلاثة عناوين أساسية، أسهم في وصول الحزب إلى ما وصل إليه، وهي الصبر، والصمود، والانتصار، وهي عناوين لا يمكن أخذها “منعزلة”، بل هي تتكامل مع بعضها البعض، فالصبر الذي مارسه الحزب، ولو تحت عنوان “الواقعية”، أدى إلى الصمود، الذي تحقّق معه الانتصار، “ولو بعد حين”.
 
مرحلة جديدة من النضال

أغلق “الحزب التقدمي الاشتراكي” إذًا صفحة اغتيال الزعيم كمال جنبلاط، على وقع “انتصار العدالة” بسقوط نظام الأسد، وتوقيف الحكم السوري الجديد بقيادة رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، للمسؤول عن الجريمة، لكنّه في الوقت نفسه فتح صفحة جديدة من “النضال”، وفق وصفه، عبّر عنها بالمواقف التي أطلقها في الذكرى، على المستويين الداخلي والخارجي، والتي استند فيها إلى “زعامة” تتكرّس أكثر فأكثر مع كلّ استحقاق جديد.
 
فعلى المستوى الداخلي، حدّد جنبلاط أسُس النضال والتحدّي، وأولها مواجهة العدو الإسرائيلي، من خلال تحرير الجنوب من الاحتلال، ومتابعة ترسيم الحدود، وإعادة إعمار المناطق المتضرّرة من الحرب الأخيرة، لكنّ “التحدّي الأكبر” قد يكون في إعادة بناء العلاقات اللبنانية-اللبنانية، “فوق الانقسامات السياسية”، كما قال، وأساس ذلك ومنطلقه يبقى مصالحة الجبل، ولعلّه بذلك أراد أن يقول إنّ أيّ تحرّك جديد يجب أن يجسّد هذه المصالحة، ويعبّر عنها.
 
وعلى أهمية هذه الرسائل الداخلية، التي عزّزها الحضور “الجامع” في الذكرى، لشخصيات من أطياف سياسية مختلفة ومتنوعة، بل متناقضة، جاءت رسائل “البيك” العابرة للحدود، وتحديدًا في الاتجاهين السوري والدرزي، وهنا أيضًا كانت الرسائل “حازمة”، من بناء العلاقات اللبنانية-السورية على قواعد جديدة، إلى التأكيد على “الهوية العربية” للدروز في لبنان وسوريا، والتحذير من مخططات التقسيم، التي دخل العدو الإسرائيلي على خطّها بشكل مباشر.
 
ثمّة من يرى أنّ أهمية مشهدية المختارة تكمن في التوقيت قبل الشكل والمضمون، باعتبار أنّها تأتي بعد توقيف المسؤول عن اغتيال كمال جنبلاط اللواء إبراهيم حويجة الذي أوقفته السلطات السورية قبل أيام. لكن، أبعد من “رمزية” الأمر، ثمّة من يربط أهمية التوقيت بالتحوّلات الجارية في المنطقة، وبما يُحاك من مخططات للدروز تحديدًا، وهو ما يريد جنبلاط أن يلعب دورًا محوريًا في التصدّي له، خصوصًا أنه يستند إلى “زعم” حماية الأقليات!


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى