رواتب متآكلة وحوافز غائبة.. هل انتهى زمن الإقبال على المؤسسات الأمنية؟

في هذا السياق، يقول مصدر أمني متابع لعملية التطويع التي أطلقتها الدولة مؤخرا لـ”لبنان24″ أنّه “منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في لبنان، باتت المؤسسات الأمنية في البلاد تواجه تحديات غير مسبوقة، لم تقتصر تداعياتها على مستوى التجهيزات اللوجستية والإدارية فحسب، بل امتدت لتطال العنصر البشري، الذي يشكّل العمود الفقري لهذه المؤسسات. فرغم الأهمية البالغة لدور القوى الأمنية في حفظ الاستقرار، ورغم الجهود المبذولة لتحفيز الشباب على الالتحاق بالسلك الأمني عبر مواد دعائية مكثفة، تبقى الاستجابة ضعيفة، حيث بات العمل في هذه المؤسسات خياراً لا يغري الطامحين إلى حياة كريمة في ظل الانهيار المالي المتسارع”.
أضاف المصدر:” لم يكن الانضمام إلى الجيش أو قوى الأمن الداخلي أو أي من الأجهزة الأمنية الأخرى مجرد وظيفة تقليدية، بل كان يُنظر إليه لعقود على أنه مسار يحمل بعض الامتيازات، سواء من حيث الراتب أو التقديمات الاجتماعية، فضلاً عن الشعور بالانتماء الوطني والأمان الوظيفي. لكن هذه الصورة بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً مع التدهور المستمر للقدرة الشرائية وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية، حيث لم تعد الرواتب، التي بالكاد تتجاوز في بعض الحالات 350 دولاراً، تتيح للعناصر الأمنية الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة، ما دفع العديد منهم إلى البحث عن مصادر دخل إضافية أو حتى التفكير في ترك الخدمة لصالح وظائف أخرى داخل لبنان أو خارجه.. هذا الواقع لا يؤثر فقط على الأفراد وعائلاتهم، بل يهدد فعالية المؤسسات الأمنية نفسها، إذ تواجه نقصاً متزايداً في التجنيد، ما يضع عبئاً إضافياً على من تبقى في الخدمة، ويؤدي إلى إرهاقهم مهنياً ونفسياً”.
وعليه، يواجه عناصر القوى الأمنية على اختلافها تحولات كبيرة في هيكل الرواتب والمزايا المالية، وذلك في خضم أزمة اقتصادية طاحنة ألقت بظلالها الثقيلة على أوضاع الجنود وقدرتهم على تلبية متطلباتهم الحياتية الأساسية. فبعد أن كان راتب الجندي من الفئة الأولى يصل إلى نحو 786 دولارًا أميركيًا قبل الأزمة، تراجع الآن إلى ما يقارب 274 دولارًا فقط، حيث يبلغ الراتب الأساسي حوالي 982,000 ليرة لبنانية، ليصبح إجمالي الراتب الشهري حوالي 24,535,200 ليرة لبنانية. هذا الانخفاض الكبير في الدخل يعكس بشكل صارخ مدى التأثير السلبي للأزمة على القوة الشرائية للعسكريين، مما يضعهم في مواجهة صعوبات جمة في توفير أبسط مقومات الحياة. وفي خضم هذه الظروف الصعبة، تبرز معاناة حقيقية تعيشها عائلات الجنود والعناصر، خاصةً في ظل الفجوة الواسعة بين مدخولهم وتكاليف المعيشة المتصاعدة. ففي المناطق الريفية، تحتاج الأسرة إلى ما لا يقل عن 650 دولارًا شهريًا لتغطية نفقاتها الأساسية، او كحد اقصى 50 مليون ليرة حسب تقارير رسمية صادرة عن الأمم المتحدة، بينما ترتفع هذه التكاليف إلى أكثر من 900 دولار في المناطق القريبة من المدن، حيث تزداد أسعار السلع والخدمات بشكل ملحوظ.
إن الفجوة بين الراتب الذي يتقاضاه الجندي بعد الأزمة وبين النفقات الشهرية للعائلة تضع الأخير في موقف صعب، حيث تصبح مسألة تحقيق التوازن بين الدخل والمصاريف اليومية معضلة تؤثر على استقراره المالي والمعنوي. فبالرغم من ضرورة تقديم حوافز لتحفيز الشباب على الانضمام للسلك الأمني، فإن انخفاض الرواتب مع ارتفاع تكاليف المعيشة يجعل من وظيفة الجندي خيارًا غير جاذب، خاصة في ظل مقارنة الواقع الحالي بالمرحلة التي كانت تتميز برواتب أعلى قبل الأزمة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook