هذا ما بقي من ذكرى 8 و14 آذار…وكأن شيئًا لم يكن

فأين هو تيار “المستقبل” اليوم، وهو المكوّن الأساسي لمشهدية 14 آذار، وإن حملت الذكرى العشرون لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري بعدًا مغايرًا عمّا سبقها من السنوات، التي تلت تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي لتياره؟
أين هي “القوات اللبنانية” التي وجدت نفسها “أسيرة” خيارات مجموعة ما يُسمّى “كلنا إرادة”، التي فرضت على الجميع اسم الرئيس نواف سلام، ومن ضمنهم “معراب”، بعدما كان الدكتور سمير جعجع، وقبل يومين من الاستشارات النيابية الملزمة، قد سمّى النائب فؤاد مخزومي كمرشح “المعارضة”، على رغم أنها حصلت “اسميًا” على أربعة وزراء في الوقت، الذي تجد فيه نفسها محرجة أمام عودة “الترويكا” الرئاسية. وهذا ما لمسه الوزراء المحسوبون عليها في جلسة التعيينات العسكرية، التي طغى عليها جو التسويات على طريقة L’école des fans، بحيث خرج الجميع بنقاط متساوية من حيث تقاسم الحصص. وكان البعض يعتقد أن هذه الروحية في التعاطي مع ملفات إدارة شؤون البلد قد ولّت إلى غير رجعة ؟
وأين هو “الحزب التقدمي الاشتراكي” المنشغل بالتحضير لما ستشهده المختارة اليوم، إحياءً لذكرى استشهاد كمال جنبلاط، وهي المرّة الأولى التي تتمّ فيها مراسم هذه الذكرى بهذه الطريقة الشعبية اللافتة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، وفي ظل البلبلة الحاصلة في الجنوب السوري، التي تنعكس أحداثها على حيثية جبل لبنان بشقّه الدرزي؟
قد يكون رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب سامي الجميل المغرّد الوحيد خارج “السرب الآذاري” التقليدي، وهو الذي لم يكن جزءًا من مشهدية “تشابك الأيدي” في 14 آذار من العام 2005، خصوصًا بعد طرح المتقدّم الذي أعلنه في جلسة الثقة.
أمّا من جهة 8 آذار فإن ما بقي منها فهو ثنائي “حزب الله” وحركة “أمل”، اللذان لا يزالان قادرين على فرض شروطهما على الآخرين على رغم ما تعرّضا له من خسائر فادحة في الحرب الضروس، التي أعلنتها إسرائيل حربًا مفتوحة بعد أكثر من سنة من المناوشات المحدودة من ضمن ما سُمّي بـ”قواعد الاشتباك” بعد إعلان “حزب الله فتح جبهة الجنوب لإسناد قطاع غزة.
ولكن من حق كل لبناني لم ينتمِ يومًا إلى أي محور من هذين المحورين، اللذين تغيّر اسمهما من 14 و8 آذار إلى “معارضة” و”ممانعة”، أن يسأل هؤلاء وأولئك: أليس في ظلّ “8 آذار” و”14 آذار طارت ودائع الناس من المصارف؟ أليس في ظلهمّا أدخل إلى لبنان ما يقارب المليوني نازح سوري؟ ألم يتداعَ اقتصاد لبنان، وهم كانوا يتقاسمون السلطة في شكل أو في آخر؟ ألم “يذهب” لبنان فرق عملة في ظل صراعات هذين الفريقين؟ ألم يقع انفجار المرفأ تحت أنظارهم؟ ألم يعش لبنان أسوأ أيامه ما بين اليوم والأمس في حرب استجلبها عليه “الفريق الممانع” من دون الأخذ في الاعتبار ما يمكن أن تكون نتيجة “حرب الاسناد والاشغال”؟
فلكل هذا وذاك مرّ 8 آذار، وكذلك مرّ يوم 14 آذار، كيومين أقل من عاديين من دون أن يتركا في نفوس معظم اللبنانيين أي أثر باستثناء أثر التحسّر على أيام لم تكن في مستوى طموحاتهم وآمالهم.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook