آخر الأخبارأخبار دولية

كيف خطط الإرهابيون لتنفيذ اعتداءات 13 نوفمبر 2015 في باريس؟


نجحت الشرطة الأوروبية “يوروبول” بالتعاون مع نظيرتها الفرنسية ووحدة التعاون القضائي الأوروبي “يوروجاست” في الوقوف عند أبرز محطات مخطط العملية الإرهابية، التي استهدفت باريس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، بناء على معلومات قامت بتجميعها. مخطط امتد من الحدود بين سوريا والعراق حتى بروكسل والعاصمة الفرنسية.

ساعدت معلومات جمعتها وكالة الشرطة الأوروبية “يوروبول” ووحدة التعاون القضائي الأوروبية “يوروجاست” والشرطة الفرنسية وعدد من أجهزة الاستخبارات الفرنسية، على تحديد كيفية تنفيذ العملية الإرهابية التي استهدفت العاصمة الفرنسية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.

الوصول لأوروبا عبر طريق المهاجرين

توصل المحققون إلى أن معطى في غاية الأهمية، يؤكد استغلال تنظيم “الدولة الإسلامية” لمسالك الهجرة للوصول إلى أوروبا وتنفيذ عمليات إرهابية. لقد عُثر ليلة الهجمات على قطع ممزقة من جوازات سفر سورية قرب جثتي اثنين من الانتحاريين الثلاثة الذين فجروا أنفسهم قرب ملعب استاد دو فرانس.

وبعد التحقيقات، تبين أن الرجلين العراقيين الجنسية، دخلا إلى أوروبا عبر جزيرة ليروس اليونانية في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 وكانا ضمن مجموعة من 198 مهاجرا غير قانوني.

ورصدت الشرطة لاحقا ضمن المجموعة ذاتها من المهاجرين الجزائري عادل حدادي والباكستاني محمد عثمان، اللذين اعتقلا لفترة وجيزة عند وصولهما إلى اليونان.

وألقي القبض عليهما في مأوى للمهاجرين في النمسا بموجب مذكرة توقيف أوروبية صدرت في 10 ديسمبر/ كانون الأول 2015. وأقرا لدى استجوابهما بأن تنظيم “الدولة الإسلامية” أرسلهما في مهمة انتحارية إلى فرنسا.

وخلال التحقيقات، اكتشف المحققون أن معظم عناصر الوحدة الجهادية، وصلوا إلى أوروبا قادمين من سوريا على أنهم لاجئون.

وسلكوا بمعظمهم طريقا مماثلا، فوصلوا إلى اليونان بموجب جوازات سفر سورية مزورة، وعبروا في سيارات مستأجرة المجر والنمسا وألمانيا أو مروا عن طريق البلقان قبل الانتقال إلى بلجيكا.

“وحدة العمليات الخارجية” واستراتيجية “زرع الرعب”

اختيار “طريق المهاجرين” في الوصول إلى أوروبا بغرض إرهابي، كان من صنع ما يعرف في تنظيم “الدولة الإسلامية” “وحدة العمليات الخارجية”.

أنشئت هذه الوحدة في يونيو/حزيران 2014 تحت إشراف المتحدث سابقا باسم تنظيم “الدولة الإسلامية” أبو محمد العدناني، وبقيادة البلجيكي المغربي أسامة عطار المعروف بلقب “أبو أحمد العراقي”.

وفي سبتمر/أيلول 2014، دعا أبو محمد العدناني المسلمين إلى التصدي لـ”الصليبيين” وحلفائهم ردا على التحالف العسكري الدولي وضرباته الجوية على مناطق سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وتركزت النقمة بشكل خاص على فرنسا، فحض العدناني الجهاديين قائلا: “اقتلوا الكفار في أمريكا وأوروبا، وخصوصا في فرنسا… اقتلوهم بأي طريقة… حطموا رؤوسهم بالحجارة، أو اطعنوهم بالسكين، أو ادهسوهم بسياراتكم، أو ألقوهم من مكان عال”.

وقال المحققون الفرنسيون أن “ذلك الخطاب أسس لاستراتيجية جديدة تهدف إلى نقل المعركة مع ‘الكفار‘ إلى أرضهم وتحديدا في فرنسا، مع هدف معلن هو زرع الرعب فيها”.

ولبى هذا النداء عدد من الأفراد تحركوا بمفردهم أو في مجموعات صغيرة، وقد اعتنقوا التطرف بعدما جذبتهم دعاية تنظيم “الدولة الإسلامية”، فنفذوا اعتداءات دامية في فرنسا تبنى تنظيم “الدولة الإسلامية” معظمها لاحقا.

وكان العديد من أعضاء خلية العمليات الخارجية في التنظيم فرنسيين أو بلجيكيين وهو ما اعتبره المحققون “أمرا منطقيا إذ جعل قادة التنظيم علنا من فرنسا هدفهم الأول”.

مدبر الاعتداءات والشبكة اللوجستية

يعتبر المحققون الفرنسيون أسامة عطار مدبر اعتداءات باريس. ولم يتم القبض عليه، ويعتقد أنه قتل في ضربة جوية للتحالف الدولي في منطقة سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الحدود بين العراق وسوريا. وسيحاكم غيابيا أمام محكمة الجنايات الخاصة في باريس.

وكان البلجيكي المغربي أسامة عطار من أوائل الذين انضموا إلى صفوف الجهاديين في سوريا منذ 2003 ثم اعتبارا من 2004 في العراق حيث قاتل القوات الأمريكية في الفلوجة، قبل أن يقبض عليه الأمريكيون في شباط/فبراير 2005.

حكمت عليه محكمة عراقية بالسجن عشرين عاما لدخوله البلد بصورة غير قانونية، فتعرف في السجن على أبو محمد العدناني الذي أصبح لاحقا القيادي الثاني في تنظيم “الدولة الإسلامية”، وقتل في ضربة أمريكية في 30 أغسطس/آب 2016.

أطلق سراح عطار في سبتمر/أيلول 2012 لأسباب صحية، فعاد إلى بلجيكا قبل أن يغادر مجددا إلى سوريا في ديسمبر/كانون الأول 2013.

ويعتقد أنه لعب خلال مكوثه في بلجيكا “دورا أساسيا” في دفع قريبيه إبراهيم وخالد البكراوي إلى اعتناق التطرف، وقد اعتقلا لاحقا لارتكابهما عمليات سطو.

وبعد خروج خالد البكراوي من السجن في كانون الثاني/يناير 2014، غادر في نوفمبر/تشرين الثاني إلى سوريا ثم عاد في ديسمبر/كانون الأول إلى بلجيكا حيث دبر مخابئ وأقام شبكة لوجستية في حي مولنبيك في بروكسل.

ومر العديد من الجهاديين الضالعين في اعتداءات باريس عبر هذه الشبكة قبل تنفيذ عملياتهم.

ومن بينهم عبد الحميد أباعود، المعروف بلقب “أبو عمر البلجيكي”، الذي يشتبه بأنه دبر العديد من الاعتداءات في أوروبا بينها الهجوم الفاشل على قطار تاليس بين أمستردام وباريس في 21 أغسطس/آب 2015، ويعتقد أنه كان قائد الوحدات التي نفذت الاعتداءات على ملعب استاد دو فرانس قرب باريس وشرفات مقاه ومسرح باتاكلان في العاصمة الفرنسية.

ووصل الجهاديون القادمون من سوريا إلى بلجيكا اعتبارا من أواخر أغسطس/آب 2015 حاملين بطاقات هوية بلجيكية مزورة، فأقاموا في المخابئ التي استأجرها الشقيقان البكراوي.

ويعتقد المحققون أنهم اغتنموا الفترة الممتدة بين أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني “لاقتناء المواد الضرورية لصنع بيروكسيد الأسيتون (مادة متفجرة تصنع من منتجات تباع في السوق) والحصول على ما يبدو على البنادق الهجومية التي استخدمت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2015”.

مقاتلون متمرسون متورطون في جرائم

معظم الجهاديين الذين ينفذون عمليات في أوروبا هم من المقاتلين المتمرسين. وخضع عناصر الوحدات التي نفذت اعتداءات باريس لتدريب عسكري وعقائدي مكثف. وتلقى الفرنسي بلال حدفي أحد انتحاريي سان دوني تدريبا خاصا على صنع الأحزمة الناسفة.

وفي فيديو دعائي تم بثه في كانون الثاني/يناير 2016 لكنه صور قبل الاعتداءات، يظهر سبعة من عناصر الوحدات التسعة يعدمون سجناء لم يتم التعرف عليهم بقطع الرأس أو بالرصاص، ويمكن سماعهم يبررون مسبقا اعتداءات باريس.

وبحسب أجهزة الاستخبارات، فإن “جريمة الدم هذه التي ارتكبها كل من الأطراف كانت بمثابة الاختبار الأخير الذي يسمح للمنظمة بالتثبت من مصداقيتهم والتزامهم”.

وبعد انتقالهم إلى أوروبا، بقي الجهاديون على تواصل مع “أميرهم” من خلال تطبيقات الرسائل المشفرة.

وكان العراقي، المعروف باسم أحمد المحمد والذي فجر نفسه أمام ملعب استاد دو فرانس، يحمل رقم الهاتف التركي لأسامة عطار.

 

فرانس24/ أ ف ب


مصدر الخبر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى