حزب الله.. الصبر حتى الانتخابات

في هذا السياق، تبرز الانتخابات المقبلة كفرصة أساسية لاستعادة جزء من التوازن المفقود. فمن خلال الفوز في هذه الاستحقاقات، سيتمكن الحزب أولاً من تكريس شرعيته الشعبية داخل بيئته المباشرة، الأمر الذي يبدد أوهام بعض القوى حول إمكانية عزله أو تهميش دوره في الحكومة والإدارة العامة. فطالما يحظى الحزب بالتأييد الشعبي الكاسح ضمن ساحته، فلن يكون من الممكن تجاوزه أو منعه من فرض رؤيته في عملية تشكيل السلطة وتوزيع المناصب.
ثانياً، لن تقتصر مكاسب الانتخابات على تعزيز موقع الحزب داخل بيئته التقليدية، بل ستمتد إلى توسيع كتلته النيابية عبر الفوز بمقاعد غير شيعية كان يمنحها سابقاً لحلفائه. هذا التحول من شأنه أن يمنحه قدرة تفاوضية أكبر في البرلمان، ويتيح له التأثير المباشر في القرارات المفصلية، من دون الحاجة إلى الاعتماد على أطراف أخرى قد تكون خاضعة لتقلبات سياسية أو ضغوط خارجية.
ثالثاً، ستؤدي هذه المكاسب إلى الحدّ من الزخم الأميركي المعادي له، على الأقل بالمستوى الحالي. فمن خلال تأكيد حضوره القوي في المعادلة الداخلية، سيصبح واضحاً للجهات الخارجية أن الضغوط المباشرة لم تؤدّ إلى إضعافه سياسياً، بل ربما عززت من تماسكه الشعبي. وهذا قد يدفع واشنطن إلى تعديل استراتيجيتها تجاهه، والانتقال إلى مرحلة جديدة من الضغوط ذات طبيعة مختلفة، قد تكون أقل حدة من المواجهة المفتوحة التي اتبعت في السنوات الأخيرة.
وأخيراً، لا يمكن فصل الانتخابات المقبلة عن التطورات الإقليمية، إذ قد تتزامن مع تسوية إيرانية-أميركية أو على الأقل نوع من فك الاشتباك بين الطرفين، ما سينعكس إيجاباً على لبنان ككل، ويعيد ترتيب المعادلة الداخلية بطريقة أكثر توازناً. لذلك، تشكل هذه الانتخابات محطة حاسمة في إعادة رسم المشهد السياسي، وستحدد إلى حد كبير مستقبل التوازنات الداخلية في المرحلة المقبلة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook