الوكالة الوطنية للإعلام – البناء: بيان أميركي روسي لمجلس الأمن عن أحداث الساحل السوري: أول خسارة للنظام

ويتكوف يقفز بين حبال غزة وأوكرانيا بحثاً عن حلول مؤقتة لتعقيد الحلول النهائيّة
لبنان أمام خطر الانزلاق إلى فخ التفريط بالقرارين 1701 و425 بقبول التفاوض
وطنية – كتبت صحيفة “البناء”: بعد أيام من الدعوة الأميركية الروسية لانعقاد مجلس الأمن الدولي للبحث في أحداث الساحل السوري والمجازر التي ارتكبت بحق المدنيين وذهب ضحيتها آلاف النساء والأطفال والشباب والمسنين من العزل الآمنين، أنهى مجلس الأمن جلسة نقاش كان واضحاً أنها من الجلسات النادرة التي لا تشهد تجاذباً روسياً أميركياً كان معتاداً في كل بحث حول سورية، وبدا أن أوروبا التي تميل لدعم نظام الحكم الجديد قد أصيبت بالإحباط جراء ما جرى في الساحل وباتت تواجه رأياً عاماً عبّر عن نفسه في مناقشات البرلمانات في دول مثل فرنسا وألمانيا وهولندا أدانت انفتاح الحكومات على النظام الجديد. وجاء البيان يمثل أول خسارة على الصعيد الدولي لنظام الحكم الجديد في دمشق بعد ثلاثة شهور من مراكمة الأرباح، حيث حمّل البيان النظام الجديد مسؤولية ما جرى مطالباً بخطوات عملية لحماية المدنيين ومحاسبة الذين ارتكبوا المجازر، مذكراً بمسؤوليات سورية في ملاحقة المنظمات الإرهابية المصنّفة لدى الأمم المتحدة من جهة، وكذلك بالقرار 2254 كإطار أممي للحل في سورية الذي يتعارض مع الإعلان الدستوري الذي أقرّه النظام الجديد أول أمس، وبخاصة لجهة مدة الحكم الانتقالي أو لجهة الهيئة الحاكمة.
على حبال الحروب التي تشغل العالم، وفي المقدمة حرب أوكرانيا وحرب غزة، يتنقل المبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف ناقلاً رغبات الرئيس دونالد ترامب في تسجيل اختراقات تنهي الحروب، لكن مسارات التفاوض التي يعمل عليها ويتكوف تطمح إلى إنجاز حلول مؤقتة عنوانها في أوكرانيا وقف إطلاق النار الذي لا ترغب به روسيا خارج إطار حل دائم واضح لتحقيق السلام، ولا تمانع به مدخلاً لتحقيق هذا الهدف حرصاً على الحفاظ على الإيجابية المحققة في العلاقات الأميركية الروسية، بينما عنوان مساعي ويتكوف في غزة تمديد وقف إطلاق النار وإنجاز خطوات متبادلة تتيح ذلك، بينما المقاومة تتمسّك باتفاق 17 كانون الثاني الذي نفذت مرحلته الأولى وبقي قبول الاحتلال بالانتقال إلى مفاوضات حول المرحلة الثانية معلقاً، ورغم التقدم الأميركي في مساري الحربين يبقى تعقيد الحلول النهائية سبباً لعرقلة التوصل إلى اتفاقات مؤقتة توقف إطلاق النار وتراهن على أن وقف إطلاق النار المديد يخلق مناخات تغيّر شروط التفاوض حول الحلول النهائيّة.
في لبنان بدأ الترويج للانخراط في التفاوض الذي تتبناه تل أبيب وتشجع عليه واشنطن، ومعه حملة للقول إن التفاوض المطروح على الطاولة لا يمهد للتطبيع، الذي يُجمع اللبنانيون على رفضه، بينما حذرت مصادر دبلوماسية وقانونية من خطورة التفاوض على حقوق لبنانية كفلها القراران 1701 و425، حيث إن القرار 1701 ضمن للبنان حق الانسحاب الفوريّ للاحتلال من كل الأراضي التي انسحب منها عام 2000 دون تفاوض ودون إبطاء، وضمن أيضاً احترام القرار 425 في بتّ النزاع حول الأراضي الواقعة بين الخط الأزرق للانسحاب عام 2000 والحدود الدولية المعترف بها، بحماية لبنان من خطر التفاوض واعتماد بديل هو تكليف الأمين العام للأمم المتحدة بإدارة محادثات تنتهي بتقديم مقترحات لحل النزاع، وفيما تحفظ القرارات الدولية حقوق لبنان وتحميه من مخاطر قبول التفاوض، يشكل الانزلاق إلى التفاوض إعلان تخلي لبنان عن القوة القانونيّة التي يمثلها القراران. وهذا ما حدث عام 1983 عندما قبل لبنان التفاوض على اتفاق 17 أيار متجاهلاّ القرار 425.
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ «لبنان لن يقبل تحت أي ظرف من الظروف ومهما بلغت الضغوط، التخلّي عن أي شبر من أرضه أو ذرّة من ترابه أو حق من حقوقه السياديّة، وسوف يلجأ لكل الوسائل المتاحة لحماية هذه الحقوق وصونها وتحرير ما تبقى من أرضنا من الاحتلال «الإسرائيلي».
وخلال استقباله في عين التينة، وفدًا من الهيئة الإدارية الجديدة لجمعية التخصص والتوجيه العلمي، قال الرئيس بري إنّ «حفظ لبنان من حفظ الجنوب، وحفظه هو مسؤولية وطنية جامعة ويجب أن تكون نقطة إجماع ووحدة وليس نقطة افتراق». وأضاف «صدّقوني إذا كنا موحدين نستطيع تجاوز أي تحدٍ يمكن أن يواجه لبنان»، وتابع «بالوحدة انتصرنا وبالانقسام والتشرذم عانى لبنان ما عاناه من ويلات ومخاطر هدّدت وطننا بأساس وجوده، واليوم أكثر من أي وقت مضى الجميع مدعوّ إلى ترسيخ مناخات الوحدة واستحضار كلّ العناوين التي تقرّب بين اللبنانيين والابتعاد عن كلّ ما يباعد بينهم».
وأمل الرئيس بري أن «يتم التوافق في القريب العاجل على اعتماد آلية موحّدة لإنجاز التعيينات الإدارية وفقًا لمعايير الكفاءة والنزاهة»، مؤكدًا أنّ «الاطمئنان والثقة هي في الداخل اللبناني وبيد اللبنانيين»، ومشيرًا إلى أنّ «وتيرة العمل القائمة حاليًا، سواء في إنجاز التعيينات التي بدأتها الحكومة وإعادة النبض للإدارة العامة حتمًا سيؤدي إلى سلوك لبنان درب الخروج من أزماته».
وتطرّق الرئيس بري إلى ملف النازحين السوريين، وقال: «لا يجوز أن يبقى هذا الملف على النحو القائم حاليًّا. لقد آن الأوان للمجتمع الدولي وبعد التحوّلات التي حصلت في سورية أن يقارب المجتمع الدولي ومنظماته هذا الملف في أسرع وقت ممكن بما يحفظ للبنان استقراره ويعيد النازحين إلى وطنهم الأم سورية».
وفي سياق ذلك، طرح النائب طوني فرنجية علامات استفهام حول أموال جمعيات المجتمع المدني، لا سيما أنها تصرف إما لإبقاء السوريين، وإما لأسباب سياسية صرف، وهذه الأموال لم تُصرف في مكانها الصحيح ولم يتم تحويلها لإنتاج مشاريع ناجحة.
وتوقعت أوساط سياسية ومطلعة على الشأن الإقليمي دخول سورية في مخاض طويل من الفوضى والتوترات الأمنية والسياسية وفي دوامة الأطماع والتجاذبات والصراعات الإقليمية والدولية التي ستحول دون استقرار سورية وانتقالها الى شاطئ الأمان. وهذا ما بدأت معالمه تظهر عبر المجازر الإرهابية في الساحل السوري ومناطق أخرى وتوقيع اتفاقات هشّة بين الحكومة السورية وكل من الجنوب والشرق، في ظل وجود مخططات جدّية بتقسيم سورية الى دويلات متعددة في الشمال والساحل والشرق والجنوب تحت رعاية شبه دولة مركزيّة في دمشق، أو ما يُعرَف بنظام الفدرالية. وتوقعت المصادر عبر «البناء» حصول المزيد من الأحداث والاضطرابات الأمنية في سورية وخلافات بين الفصائل المسلحة إضافة الى اجتياح إسرائيلي الى تخوم دمشق للضغط على النظام وفرض شروط عليه تتعلّق بالوضع الأمني في الجنوب والشرق. وحذّرت المصادر من تداعيات أمنيّة للتطورات السورية على الداخل اللبناني لا سيما على الحدود الشرقية والشمالية في ظل احتمال شن المسلحين هجمات على القرى الحدوديّة إضافة إلى وجود خلايا نائمة داخل مخيمات النازحين السوريين، علاوة على تزايد أعداد النازحين السوريين من الساحل السوري الى مناطق حدودية عدة وإلى بيروت.
وتشير معلومات «البناء» إلى أن أعداد النازحين السوريين في عكار وجبل محسن الذين نزحوا جراء المجازر في الساحل السوري تجاوزت الـ20 ألفًا.
وأمس، أفيد عن عمليات تمشيط من سلاح رشاش وقذائف صاروخية من قبل مسلحين سوريين على بلدة المشرفة لجهة الحدود في الهرمل. ولفتت المعلومات إلى أن «هيئة تحرير الشام قامت بإقفال جميع المعابر غير الشرعية المقابلة لبلدة المشرفة شرق مدينة الهرمل تزامن إطلاق النار من عناصر تحرير الشام بالتجاه البلدة وقذائف بـ٧ من دون تسجيل إصابات».
وذكرت المعلومات أن «الجيش اللبناني اتخذ جميع الإجراءات لمنع دخول المسلحين الى الأراضي اللبنانية»، مضيفاً «اهالي بلدة المشرفة وشباب العشائر أيضاً اتخذوا إجراءات واستنفار خلف الجيش اللبناني لمنع حدوث مشاكل».
ونقلت مصادر «البناء» عن مرجع أمني تخوّفه من حصول توترات واشتباكات بين مؤيدين للنظام السوري الحالي ومعارضين له داخل الأراضي اللبنانيّة في ظل تزايد أعداد نازحي الساحل السوري وحمص في مناطق عكار وجبل محسن.
وعقد لقاء سياسيّ موسّع في دارة الرئيس نجيب ميقاتي في مدينة الميناء للبحث في التطورات الراهنة في لبنان وتداعيات الأحداث الجارية في سورية على الواقع اللبناني لا سيما على صعيد شمال لبنان. وشارك فيه رؤساء الحكومة السابقون نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة، ونواب من الشمال، وحضور نواب ووزراء سابقون وشخصيات روحية. واستنكر المجتمعون وأدانوا أشدّ الإدانة الأحداث الدامية التي شهدتها مناطق الساحل السوري وقراه، وما أدت إليه من تجاوزات يجب ضبطها فوراً.
ودعوا الحكومة السورية إلى «تسهيل عودة النازحين، بعد أن سقط مفهوم اللجوء المعرّف بإعلان جنيف. فاللاجئ هو الذي لا يرغب أو لا يستطيع العودة إلى بلاده، وهذا يعني أنه لم يعد في لبنان لاجئون بحسب المفهوم الدولي». وتوجّه المجتمعون إلى الأشقاء السوريين، والى جميع اللبنانيين منبّهين ومحذّرين من مغبة وخطورة التورط من جديد في مواجهات أهلية عنفية، ودعوا الدولة اللبنانية الى التواصل مع الهيئات والمنظمات الدولية المعنية الى متابعة الأوضاع المستجدة في مناطق شمال لبنان الحدودية بفعل التدفق المستجد للنازحين السوريين بسبب الأحداث الجارية في سورية. وإذ رفضوا فرض التطبيع، شدّدوا على وجوب الاهتمام أمنياً بطرابلس».
في المواقف شدّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في العشاء السنوي للتيار في سن الفيل، الى «أننا كنا بكل الأوقات المعارضة للمسّ بالسيادة والقرار الوطني. واليوم نحن المعارضة للخضوع والارتهان ونحن مع السلام العادل الذي يؤمن الحقوق»، موضحاً «أننا المعارضة للتدخّل بشؤوننا من الخارج، والمعارضة لتدخّلنا بشؤون غيرنا»، موضحاً «أننا سنبقى المعارضة للمسّ بهويتنا وكياننا ودورنا ووجودنا وكرامتنا». وسأل باسيل «كيف تريدون منا ألا نتأثّر بما يحصل على حدودنا ونحن نعلم أنه يمسّ بنا، وكيف لا نفكر ونبكي على الناس التي تخاف على وجودها وحياتها بسبب انتمائها الديني؟».
وسأل: «كيف لا نشعر ونتألّم للأبرياء والأطفال الذين ينتظرون الرصاصة؟ كيف لا نسأل هل هذا هو نظام الديمقراطية وحقوق الإنسان في سورية؟ هل هكذا يكون حكم الأخوان؟ هل هكذا يكون حكم الرفاق؟ ما يحصل هو أفغنة سورية ولا يجوز حدوثه في المشرق».
وقال باسيل «سوف نبقى نتكلم بالنهج الإيجابي نفسه»، مضيفاً «قتلنا حالنا مثلاً لنجيب الكهربا، منعونا وحمّلونا المسؤولية وهذه المرة هم من سوف يتحملون المسؤولية إذا حصل تخريب»، مضيفًا «سوف نريهم كيف تكون المعارضة إيجابية وبنّاءة وهادفة وليست سلبية وهدّامة وعشوائية».
على صعيد آخر، استجوب المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، العميد المتقاعد في الأمن العام محمد حسن مقلد، بحضور وكيل الدفاع عنه وفريق الادعاء الشخصي، وفي نهاية الجلسة قرّر تركه بسند إقامة. وكان البيطار ردّ الدفوع الشكلية المقدمة من مقلد وقرّر إجراء التحقيق معه، على أن يعقد جلسة يوم الجمعة المقبل، مخصصة لاستماع عدد من الشهود.
====
مصدر الخبر
للمزيد Facebook