حصيلة ثقيلة في درعا آخر معاقل المعارضة بعد 75 يوما من الحصار

نشرت في: آخر تحديث:
منذ بداية شهر تموز/ يوليو، أصبحت مدينة درعا في جنوب سوريا مسرحا لمعارك بين المعارضين وجيش النظام. وطيلة 75 يوما، حاصر الجيش أحياء يسيطر عليها المعارضون ما أدى إلى نزوح الآلاف من الأشخاص. وبعد فشل الهدنة الأولى التي خرقها النظام مع بداية أيلول/ سبتمبر، تم التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار في 5 أيلول/ سبتمبر تحت مراقبة روسية. ويصف مراقبنا مدينة تكابد من أجل النهوض من جديد.
تعتبر محافظة درعا الواقعة في أقصى جنوب شرق سوريا بالقرب من الحدود مع إسرائيل والأردن ولبنان مهد الانتفاضة الشعبية ضد نظام بشار الأسد في 2011. وبعد أن عادت السيطرة فيها للنظام من جديد سنة 2018، فإن مركز المدينة القديم “درعا البلد” يحتضن عددا كبيرا من مجموعات المعارضين.
منذ 2 تموز/ يوليو، وقعت درعا تحت حصار ضيق على مسالك التموين والمساعدات الطبية وتعيش على وقع غارات مكثفة تنفذها القوات المسلحة السورية والميليشيات الموالية لإيران. ويعود سبب هذا الحصار إلى مقاطعة المدينة للانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الرئيس بشار الأسد بدون مفاجئة في أيار/ مايو 2021.
وتظهر صور هواة مذهلة الضربات الجوية التي تنفذ باستخدام الصواريخ والبراميل المتفجرة وهي سلاح مرتجل يعتمد بالأساس على إلقاء متفجرات من طائرات مروحية وهي طريقة حظرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وبين يومي 29 تموز/ يوليو و31 آب/ أغسطس، قتل 16 مدنيا و23 مقاتلا حسب مكتب توثيق الشهداء في درعا. وتسببت المعارك في نزوح أكثر من 38 ألف شخص وتدمير البيوت والمعالم والمباني العامة.
ضربات جوية في حي السد باستخدام صواريخ سورية من طراز ”فيل”، في 28 آب/ أغسطس 2021، حسبما يؤكده صاحب هذا المقطع المصور على فيسبوك.
في مطلع أيلول/ سبتمبر، تم التوصل إلى هدنة بين الجيش السوري والمعارضين المسلحين في المحافظة. ولكن تم خرقها في نفس اليوم من قبل قوات النظام التي نفذت غارات مكثفة استهدفت عددا من الأحياء التي تصنف على أنها معاقل للتمرد المسلح خصوصا أحياء درعا البلد وحي السد.
ضربة جوية على الحي القديم “درعا البلد” في مطلع أيلول/ سبتمبر 2021.
وتم التوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار في 5 أيلول/ سبتمبر مع مشاركة مساعد وزير الخارجية والشرطة العسكرية الروسية.
“قوات النظام منعت تزويد المدينة بالغذاء والماء والكهرباء”
أيمن أبو نقطة هو الناطق باسم “تجمع أحرار حوران” وهو تجمع مدني في محافظة درعا يعمل على تقديم شهادات حية عن الوضع على المستوى المحلي والدولي. وفي انتظار نهاية الحصار المفروض على المدينة، يصف أبو نقطة وضعا إنسانيا غاية في الصعوبة:
ليلة التوصل إلى وقف إطلاق النار، في 4 أيلول/ سبتمبر، استؤنفت الغارات الجوية في حدود منتصف الليل باستخدام صواريخ أرض-أرض من طراز فيل وسجيل [فريق التحرير: صاروخ إيراني للمدى المتوسط] بالإضافة إلى إطلاق نحو مئة قذيفة مدفعية ثقيلة وقذائف الدبابات وقذائف صاروخية تم توثيقها. استهدفت هذه القنابل وسط المدينة في درعا البلد وحي السد ومخيم للاجئين الفلسطينيين الواقع في تخوم المدينة. وأدى إطلاق الصواريخ إلى مقتل عدد كبير من المدنيين وثلاثة مقاتلين على الأقل في تلك الليلة.
في مقطع الفيديو هذا الذي التقط في 26 آب/ أغسطس في بلدة طفس على بعد 13 كيلو مترا شمال درعا، يقول صاحبه “(إطلاق) أكثر من عشرين صاروخا على طفس”.
قمنا بإحصاء 253 صاروخا من طراز أرض- أرض وصواريخ من طراز جولان [فريق التحرير: طراز صواريخ روسية طوره النظام السوري في سنة 2018] والتي ضربت درعا خلال 75 يوما من الحصار. تملك ميليشيات الفرقة الرابعة [فريق التحرير: فرقة النخبة في الجيش السوري قدمت ضدها شكوى في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية عام 2013] السيطرة المطلقة على بعض أحياء المدينة والسكان غير قادرين على مغادرة هذه المناطق.
يظهر هذا المقطع المصور الذي نشر في مطلع أيلول/ سبتمبر على فيسبوك الخسائر التي تكبدها مسجد المنصور في درعا البلد والمباني السكنية بعد الغارات الجوية التي نفذها الجيش السوري.
الوضع الإنساني كارثي حيث تم تدمير المنازل والمحال التجارية التي يملكها المدنيون بشكل تام بالإضافة إلى المنشآت العامة. اضطر عشرات الآلاف من سكان المدينة إلى مغادرة المحافظة في تموز/ يوليو وآب/ أغسطس والتجؤوا عند أقربائهم في أحياء درعا المحطة وريف درعا. عاشت المدينة قرابة الشهر والنصف بدون مواد غذائية وبدون أدوية أو الحد الأدنى الطبي للإسعافات الأولية. لقد وثقنا حالات من الجرحى الذين توفوا متأثرين بجراحهم لعدم وجود المستلزمات الطبية الكافية داخل الأحياء المحاصرة. قوات النظام تمنع تزويد المدينة بالغذاء وتقطع الماء والكهرباء عن الأحياء. على سبيل المثال، نفد الطحين تماما منذ شهر ونصف.
يبكي صاحب هذا الفيديو على رحيل أقاربه وكل سكان حيه وتدمير مدينته.
“نعتقد أن النظام سيحترم الهدنة الجديدة”
الهدنة الجديدة ليوم 5 أيلول/ سبتمبر تمكّن النظام من أربع نقاط تفتيش إضافية وتجبر المعارضين الراغبين في البقاء بدرعا على تسليم أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة. كما أن قوات النظام تملك الحق في تفتيش منازل المدنيين بحضور الشرطة العسكرية الروسية وأعضاء لجنة التفاوض في درعا. في 6 أيلول/ سبتمبر، تمت تسوية وضعية 150 شخصا مهجرين من درعا لدى السلطات وذلك بهدف العودة إلى بيوتهم. في الأخير، فإنه من المفترض أن تغادر التعزيزات العسكرية لقوات الوحدة الرابعة المحافظة وتنهي الحصار حال دخول تفاصيل الاتفاق حيز التنفيذ.
يعبر صاحب هذا الفيديو وهو أحد سكان درعا عن فرحته بوصول القوات الروسية إلى المدينة في أول يوم من الهدنة الأولى، مطلع أيلول/ سبتمبر 2021.
في الأيام المقبلة، ننتظر فتح الطرقات المؤدية إلى منطقة درعا البلد التي لا تزال محاصرة وانسحاب القوات المسلحة ما سيؤدي إلى العودة التدريجية للنازحين واستئناف تسوية وضعية المهجرين والمعارضين المطلوبين لدى النظام. نعتقد أن النظام سيحترم هذه الهدنة الجديدة على اعتبار أن موسكو تقوم بضغط على السلطات السورية. بدأت اللجان المدنية في درعا بالتحضير لعودة النازحين ومساعدة السكان على إصلاح بيوتهم المدمرة، نحن بحاجة إلى مساعدات إنسانية وطنية ودولية.
ورغم الهدنة، فقد ألقت القوات المسلحة التابعة للنظام القبض على معارضين مدنيين في ليلة 6 أيلول/ سبتمبر في ريف درعا. وخلال شهر تم إيقاف 44 مدنيا تم إطلاق سراح 14 منهم في شهر آب/ أغسطس.
مصدر الخبر