تقسيم سوريا أولاً

لكن قلائل جداً كانوا يصدقون أن العكس صحيح أيضاً. فالتغيير في لبنان، أي التراجع الملموس لنفوذ «حزب الله » داخل السلطة المركزية، ساهم في حصول التغيير دراماتيكياً في سوريا، أي سقوط الأسد.
لا يبدو وضع لبنان أفضل بكثير. فالحكومة المركزية تبسط سلطتها على بيروت ومناطق أخرى، لكن إسرائيل هي الطرف القوي الذي يمتلك فعلاً حرية الحركة في الجنوب.
وفي المقابل، يعلن «حزب الله » أنه لن يسلم سلاحه للدولة في شمال الليطاني. وفي أي لحظة، قد تقع الواقعة، بين السلطة المركزية وإسرائيل، أو بين هذه السلطة
و »حزب الله »، أو بين إسرائيل والسلطة اللبنانية و »حزب الله »، ما دام أفق الحل مقفلاً. إذا نجحت حكومتا لبنان وسوريا في بسط السلطة على أراضي البلدين، فسيكون ممكناً تجنب مخاطر التفكك التي تتقدم بشكل سريع. وطوال الأسابيع الفائتة، عكف المراقبون على رصد ملامح الاتجاه الغالب، وجاءت النتائج مثيرة للقلق، خصوصاً في سوريا. وتتعاطى إسرائيل اليوم مع جنوب سوريا وجنوب لبنان كأنهما ساحة عمل واحدة. ولذلك، تمددت إلى حدود معينة داخل الأراضي اللبنانية والسورية، لكنها فرضت سيطرتها بالنار مباشرة في عمق عشرات الكيلومترات، أي حتى صيدا وخط الأولي في لبنان، وحتى ريف دمشق في سوريا. مع التذكير بأنها دمرت تماماً، وباكراً، كل القدرات الصاروخية الكبرى في للبلدين، حتى صارت لها السيطرة العسكرية شبه مطلقة. وللمرة الأولى، بات ممكناً التفكير بالذرائع التوراتية للتوسع، والتي يكشفها الإسرائيليون تباعاً في البلدين.
وبدأ اللبنانيون يتعاطون بجدية مع أفكار الاستيطان الإسرائيلية عندما دخل نحو ألف مستوطن إلى موقع يدّعون أنه يحمل رمزية دينية لهم، على مقربة من الحدود، الأسبوع الفائت.
في المحصلة، إذا أصرت إسرائيل على استكمال تنفيذ ما خططت له في سوريا ولبنان، برعاية إدارة دونالد ترامب، فهذا يعني أن سوريا مقبلة على تقسيم وتقاسم: التقسيم بين مكوناتها والتقاسم بين قوى النفوذ الخارجية، ولاسيما إسرائيل وتركيا وروسيا. ولأن حدود الكيانات في الشرق الأوسط مترابطة، فهذا يعني أن هذه الكيانات ستهتز كلها عند اهتزاز أي منها، وستسقط بسقوطه. وتبدو سوريا هي الحجر الأول في «الدومينو ،» والبقية تأتي.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook