هل يتأثر لبنان بالتطورات السورية؟

أول هذه السيناريوهات يتمثل في سيطرة إسرائيل على المناطق الدرزية في سوريا، مثل محافظة السويداء، وهو ما قد يُحدث تأثيراً مباشراً على المناطق الدرزية في جنوب لبنان. فالتجمعات الدرزية على جانبي الحدود تربطها علاقات تاريخية واجتماعية عميقة، وأي تغيير في الوضع الأمني أو السياسي في الجانب السوري قد يخلق حالة من التوتّر أو التدخلات الخارجية في لبنان. قد تدفع هذه الخطوة إسرائيل إلى تعزيز نفوذها في الجنوب اللبناني، أو حتى محاولة استمالة الطائفة الدرزية هناك، مما يُهدّد بزعزعة الاستقرار الداخلي ويُعيد إحياء ذكريات الصراعات الإقليمية التي طالما تفاعلت مع التركيبة اللبنانية.
أما السيناريو الثاني، وهو تقسيم سوريا، فينذر بمخاطر جسيمة على لبنان. فالتقسيم السوري قد يُشجّع على ظهور دعوات مماثلة في لبنان، الذي يعاني أصلاً من انقسامات سياسية وطائفية حادة. قد تتحول الحدود بين البلدين إلى ساحة للصراعات المحلية والعابرة للدول، خاصة إذا نشأت كيانات طائفية أو إثنية في سوريا. هذا الواقع قد يُعمّق الانقسامات الداخلية اللبنانية، ويُفاقم حالة التشظي السياسي، بل ويُعيد إنتاج أزمات الماضي التي كادت تدفع البلاد نحو حرب أهلية جديدة.
في السياق ذاته، فإن الفوضى الكاملة في سوريا، مع استمرار غياب سلطة مركزية قادرة على فرض النظام، ستؤدي حتماً إلى تسرّب العنف والفوضى إلى لبنان. قد يتجلى ذلك عبر تدفق اللاجئين، أو انتشار المليشيات العابرة للحدود، أو تصاعد العمليات الإرهابية، مما سيُزيد الأعباء الأمنية والاقتصادية على الدولة اللبنانية التي تعاني أصلاً من انهيار مؤسساتها. الفوضى السورية قد تُحيي أيضاً النزاعات المحلية.
لا يمكن فصل هذه السيناريوهات عن تأثيرها على واقع “حزب الله” تحديدا، الذي ارتبطت استراتيجيته العسكرية والسياسية بشكل وثيق بالنظام السوري. فسيطرة إسرائيل على مناطق حدودية، أو تقسيم سوريا، قد يُعطّل خطوط الإمداد التي يعتمد عليها الحزب او يعيد تفعيلها. كما أن الفوضى قد تُجبر الحزب على انتهاج سياسات أكثر عدوانية للحفاظ على نفوذه، مما يُغذّي الاحتقان الداخلي في لبنان.
في كل الحالات، يبدو لبنان مُعرّضاً لارتدادات بالغة التعقيد، تُذكّره بأن استقراره رهينٌ تسويات إقليمية قد لا يملك أدوات التأثير فيها.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook