آخر الأخبارأخبار محلية

رهانات على زيارة عون إلى السعودية.. خطوة أولى نحو تصويب العلاقات؟!

لا تُعَدّ زيارة رئيس الجمهورية جوزاف عون إلى المملكة العربية السعودية “عاديّة”، ليس فقط لأنّها الرحلة الخارجية الأولى للرجل منذ انتخابه رئيسًا، مع ما ينطوي على ذلك من دلالات ومعانٍ، وليس بسبب الدور المهمّ الذي تلعبه الرياض في ظلّ الظروف التي تشهدها المنطقة على أكثر من صعيد، ولكن قبل هذا وذاك، بالنظر إلى “عناوين” الزيارة، التي حدّدها عون في مقابلته الأخيرة، حين قال إنّ “اللبنانيين اشتاقوا للسعودية”.








 
في هذه المقابلة، قال عون إنّه يأمل وينتظر من السعودية، خصوصًا وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، “أن نصوّب العلاقة لمصلحة البلدين، ونزيل كل العوائق التي كانت في الماضي القريب، حتى نبني العلاقات الاقتصادية والطبيعية بيننا، ويعود السعوديون إلى بلدهم الثاني لبنان”، لكنّه في الوقت نفسه وضع الزيارة في خانة “الاحترام والشكر”، بالنظر إلى المجهود الكبير الذي لعبته الرياض في الآونة الأخيرة من أجل إنهاء الشغور الرئاسي.
 
وقبل مقابلته الأخيرة، حرص الرئيس عون على توجيه رسائل “إيجابية” للمملكة العربية السعودية، وغيرها من الاشقاء العرب، منها مثلاً قوله أمام وفد إيراني رسمي زار بيروت للمشاركة في تشييع الأمين العام السابق لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، إنّ “لبنان تعب من حروب الآخرين على أرضه”، وقبل ذلك قوله إنّ “لبنان لن يكون منصَّة للهجوم على الدول، ولا سيَّما الدول العربية”، فهل يتوّج مثل هذه المواقف بزيارته إلى الرياض، وهل تكون هذه الزيارة بحدّ ذاتها “منطلقًا” لصفحة جديدة بين البلدين؟!
 
رسائل سياسية “نوعية”
 
إذا كان صحيحًا أنّ زيارة الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى الرياض تأتي بعد دعوة رسمية تلقاها من السلطات السعودية، وبعد زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى بيروت، فإنّ الصحيح أيضًا أنّ اختياره الرياض لتكون وجهته الخارجية الأولى، يشكّل بحدّ ذاته رسالة “انفتاح” لبنانيّة تجاه المملكة العربية السعودية، “المنكفئة” عن لبنان الرسميّ، منذ عهد الرئيس السابق ميشال عون، وما شابه من “خلل” على خطّ العلاقات.
 
بهذا المعنى، يمكن القول إن الزيارة تحمل رسائل سياسية “نوعية” إلى المملكة من الجانب اللبناني الرسمي، قوامها أنّ لبنان يرغب في استعادة علاقات طبيعية وصحية مع السعودية، وسائر الدول العربية، وأنّه لا يريد أن يستمرّ “سوء التفاهم” الذي كان قائمًا في مرحلة سابقة، والذي دفع السعودية إلى اتخاذ قرار “الانكفاء”، نتيجة السياسات التي اعتمدها العهد الماضي، وكانت ترجمتها خروج لبنان الرسميّ عن “التضامن العربي” لصالح إيران.
 
وثمّة من يقول في هذا السياق، إن الظروف الإقليمية الحاليّة تبدو “مساعدة” للرئيس اللبناني في مهمّته، فالكثير من هواجس الرياض تبدّدت، بفعل المتغيّرات الدراماتيكية التي حصلت في لبنان خلال الأشهر الأخيرة، وتحديدًا بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، على مستوى تراجع نفوذ “حزب الله” وقوته، وهو ما تجلّى في الاستحقاقات السياسية، بدليل وصوله شخصيًا إلى الرئاسة، وهو الذي لم يكن يومًا ما “المرشح المفضّل” للحزب إلى الرئاسة.
 
خطوة أولى.. ولكن
 
يريد رئيس الجمهورية من خلال زيارته إلى السعودية إذاً، تبديد هواجس الماضي غير البعيد، من أجل فتح صفحة جديدة في العلاقات، يستعيد فيها البلدان العلاقة “التاريخية” التي لطالما جمعتهما، وهو ما يفترض أن ينعكس على كل المستويات، خصوصًا في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، نظرًا للدور الذي يمكن أن تلعبه الرياض في هذا الصدد، علمًا أنّ عون لم يخفِ طموحه بأن لبنان جزءًا من رؤية وليّ العهد السعودية “رؤية السعودية 2030”.
 
ولا شكّ أنّ التعويل الأساسي على الزيارة، يكمن في فكّ “الحظر” السعودي غير المُعلَن على الاستثمار في لبنان، ولا سيما أنّ الاستثمارات السعودية في لبنان تبلغ نحو 4 مليارات دولار، وهي شبه متوقفة منذ سنوات، ولو أنّ المعنيّين يعتقدون أنّ عودتها ستبقى مؤجَّلة إلى ما بعد بعد زيارة عون، فهي لن تحصل بكبسة زرّ، بل ستتطلّب ترجمة ملموسة من جانب الحكومة اللبنانية، على مستوى الإصلاحات الموعودة، فضلاً عن ضمان الاستقرار.
 
بهذا المعنى، يعتقد العارفون أنّ زيارة الرئيس عون إلى السعودية ستكون خطوة “أولى وغير نهائية” في مسار “تصويب العلاقات”، لكنّها ستكون خطوة مهمّة وأساسيّة في هذا المسار، علمًا أنّ بعض التقديرات تشير إلى أنّ هذه الزيارة ستؤسّس لزيارة أخرى، على نطاق أوسع، بعد شهر رمضان المبارك، سيتمّ خلالها التوقيع عمليًا على سلسلة اتفاقات يتمّ التحضير لها، من أجل تطوير العلاقات الثنائية، بما يخدم مصلحة البلدين.
 
كثيرة إذاً هي الرهانات على زيارة رئيس الجمهورية إلى السعودية، ومن الطبيعي أن تكون كذلك، فاللبنانيون جميعًا يعوّلون على استعادة المسار “التاريخي” لعلاقات لم تشهد يومًا “اهتزازًا” كالذي شهدته في السنوات الأخيرة. ولعلّ الفرصة المُتاحة اليوم، مع انطلاقة العهد الجديد، وفي ظلّ المتغيّرات الكبرى التي شهدتها المنطقة، تكاد تكون “استثنائية” لا من أجل “تصويب العلاقات” فحسب، بل عودة لبنان برمّته إلى الحضن العربي، وهنا بيت القصيد!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى