جنبلاط يواجه طريف.. ويستعرض الشارع الدرزي

وجاء الإعلان عن المهرجان الشعبي في إطار سعي جنبلاط لتأكيد حضوره الجماهيري وتجذير شرعيته التاريخية كوارث لسياسة والده الشهيد، الذي يعد رمزاً للنضال الوطني اللبناني والعربي ضد الاحتلال الإسرائيلي. ومن خلال استحضار إرث كمال جنبلاط، يحاول وليد تعزيز موقفه كحامٍ للهوية الوطنية الدرزية الرافضة للتطبيع، في مواجهة الخطاب الذي يروج له طريف، والذي يراه البعض محاولة لتحويل الطائفة الدرزية نحو مسارٍ يخرق الإجماع العربي الرافض للتطبيع مع إسرائيل.
يُطرح هذا الصراع في سياقٍ تتجاوز حدوده الطائفية، ليتحول إلى معركة على الزعامة الدرزية عربياً، حيث يسعى كل طرفٍ إلى تقديم نفسه كممثل شرعي للدروز، لا سيما في ظل الدور التاريخي لعائلة جنبلاط في قيادة الطائفة، في مقابل محاولات طريف، المدعوم من جهات إقليمية، إعادة تشكيل الخريطة السياسية الدرزية عبر تبني خطابٍ يدمج بين المطالب المحلية والدعوة إلى التعامل مع إسرائيل.
لا تقتصر تداعيات هذا التنافس على المجتمع الدرزي فحسب، بل تمتد إلى المشهد السياسي اللبناني بأكمله، حيث يُعتبر موقف جنبلاط الرافض للتطبيع جزءاً من التحالف التقليدي مع القوى اللبنانية المناهضة لإسرائيل، في حين قد يُفتح الباب أمام تحالفات جديدة في حال تزايد نفوذ تيار طريف، الذي قد يجد تقارباً مع أطرافٍ لبنانية وإقليمية تسعى لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية.
رغم ذلك، يبدو أن جنبلاط يعتمد على رصيدٍ شعبي وتاريخي قد يعيق تحركات خصمه، خاصةً أن المهرجان الشعبي المزمَع تنظيمه ليس مجرد فعالية رمزية، بل أداة لاستعراض القوة وتأكيد القدرة على حشد الجماهير في ظل ظروفٍ إقليمية معقدة، حيث تُعيد التوترات مع إسرائيل إحياء خطاب المقاومة في لبنان. من جهة أخرى، يواجه طريف تحدياً في كسب التأييد الشعبي لسياساته، نظراً للرفض الدرزي التاريخي للتطبيع، مما يضع عقباتٍ أمام تحويل مشروعه إلى تيارٍ جماهيري واسع.
في الختام، تُشكل التطورات داخل المجتمع الدرزي مرآةً للصراعات الأوسع في لبنان والمنطقة، حيث تتداخل العوامل الطائفية والإقليمية في تشكيل التحالفات. وبينما يحاول جنبلاط توظيف الإرث النضالي لعائلته لتعزيز موقعه، يبدو أن المعركة مع طريف ستظل مفتوحة، تتأثر بقدرة كل طرفٍ على تقديم نفسه كحامٍ لمصالح الطائفة في ظلّ معادلاتٍ سياسية متقلبة، يصعب فيها الفصل بين الخطاب الوطني والمصالح الطائفية الضيقة.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook