حزب الله يحاول مراكمة المكاسب

غير أن المشهد لا يخلو من تعقيدات، فإسرائيل ما زالت تحتل خمس نقاط استراتيجية في الجنوب اللبناني، اضافة الى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهو الأمر الذي يُعتبر ثغرةً في أي حديثٍ عن تطبيق القرار الدولي 1701. هنا، يفتح لـ”حزب الله” الباب أمام سردية مفادها أن عدم التزام إسرائيل بالقرار الدولي يُبرر له بدوره عدم الالتزام به، مُستعيداً ذريعة مشابهة استخدمها بعد حرب 2006 عندما عندما تراجع الحزب عن نفيذ القرار بعد سنوات بسبب عدم تطبيق اسرائيل له. هذه الديناميكية تخلق حلقة مُفرغة تُعطّل أي مسار سياسي لحلّ النزاع، وتُبقي المنطقة على حافة مواجهة محتملة، خاصةً مع تصاعد الخطاب المتبادل بين الضاحية وتل أبيب.
لكن الحزب حقق مكسبا اضافيا، اذ اتى بيان بعبدا الصادر بعد الاجتماع الثلاثي الذي ضم رئيس الجمهورية ورئيسي الحكومة ومجلس النواب الثلاثاء، ليعكس إجماعاً على رفض الوجود الإسرائيلي في أي بقعة لبنانية، مع التمسك بحق لبنان في “استخدام جميع الوسائل” لتحرير أراضيه.
البيان، الذي جاء بعد يومٍ من إعلان البيان الوزاري، يمنح شرعيةً سياسيةً للمقاومة، ويرسّخ الرواية التي تُحمّل إسرائيل مسؤولية استمرار التوتر. لكن هذا الإجماع الهش قد يتأثر بتغيّر التحالفات الداخلية.
من جهةٍ أخرى، تُثير التسريبات الإسرائيلية عن دور تركيا في إعادة تمويل حزب الله وتسليحه عبر إيران أسئلة حول تحوّلات التحالفات الإقليمية. إذا كانت هذه المزاعم صحيحة، فإنها تشير إلى تعاونٍ غير معلنٍ بين أنقرة وطهران، قد يُعيد رسم خريطة التوازنات في المنطقة، خاصةً مع احتمال تطبيع النظام السوري الجديد مع دول إقليمية، مما يؤثر على خطوط الإمداد التقليدية للحزب.
إن انسحاب إسرائيل من القرى الحدودية ليس نهاية المطاف، بل هو محطة في صراعٍ أعمق تُسيّجه حسابات القوى المحلية والإقليمية. فبقاء النقاط الاستراتيجية محتلةً يُغذي سردية المقاومة، ويمنح حزب الله ذرائع لتعطيل التسويات السياسية، بينما تُشكّل التحالفات الخفية بين أطراف إقليمية عاملاً إضافياً يُبقي المنطقة ساحةً لصراعات بالوكالة. في ظل هذا التعقيد، يبدو أن أي حلولٍ مستقبلية مرهونةٌ بتوازنٍ دوليٍ جديد، قد لا يُولد إلا بعد موجاتٍ جديدةٍ من التصعيد.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook