عودة آمنة وطوعية لـالترويكا الرئاسية إلى قصر بعبدا

ووفق المعلومات المسرّبة من جلسة الخمس ساعات أن الوزراء الشيعة، ممثلي “حزب الله” وحركة “أمل”، لم يعترضوا كثيرًا على كثير من النقاط البارزة في البيان الوزاري، وبالأخص لجهة استعاضة الحكومة بـ”حق لبنان بالدفاع عن النفس وفق ميثاق الأمم المتحدة، وأن تتحمل الدولة بالكامل مسؤولية أمن البلاد والدفاع عن حدودها”، بديلاً من بند البيانات الوزارية السابقة التي كانت تتحدّث عن “التمسك باتفاقية الهدنة، والسعي لاستكمال تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، بشتى الوسائل المشروعة، مع التأكيد على حق المواطنين اللبنانيين في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وردّ اعتداءاته، واسترجاع الأراضي المحتلة”.
وتزامن إقرار البيان الوزاري مع الانسحاب الإسرائيلي غير الكامل من الأراضي اللبنانية غير المحتلة، وعشية التشييع الرسمي والشعبي للسيدين الشهيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، والأزمة الديبلوماسية بين بيروت وطهران على خلفية منع هبوط الطائرة الإيرانية، التي تقلّ عددًا من اللبنانيين، وما يمكن أن ينتج عنها من مضاعفات.
وفيما لبنان يسير بخطىً حذرة في حقل من الألغام، لوحظ أن زيارات رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى قصر بعبدا، وعقد لقاء رئاسي ثلاثي ستعيد على أغلب الظن مشهدية “الترويكا الرئاسية” بعدما غابت لست سنوات تقريبًا يوم كان العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية. ولا بدّ هنا من طرح بعض الأسئلة السياسية البريئة عن عودة الرئيس بري إلى لعب دور محوري في الحياة السياسية كما كان يفعل ذلك في السابق يوم أطلق عليه كثيرون ألقاب محبّبة إلى قلبه، ومن بينها “مهندس تدوير الزوايا”، قبل أن ينتقل من “الترويكا” الوطنية إلى “الدويكا” الشيعية عبر ثنائية الحركة التي يترأسها مع “حزب الله” في المواجهات السياسية والأمنية والسياسية.
فلقاء “الترويكا” بصيغتها الجديدة – القديمة الممثلة برئيسين جديدين في الميدان السياسي والرئاسي وبرئيس متمرّس في العمل السياسي، وله فيه صولات وجولات، أمس في القصر الجمهوري لن يكون يتيمًا. وسيعتاد اللبنانيون على مثل هكذا لقاءات تحت عنوان “عودة الترويكا” إلى واجهة الحياة السياسية. وهنا يأتي السؤال الأول البريء: هل اقتنع الرئيس بري بأن دوره كرئيس مجلس النواب أهمّ بكثير على المستوى الوطني من كونه رئيسًا لحركة سياسية أملت حيثياتِها ظروفٌ معينة أدّت في مرحلة مفصلية إلى “ثنائية شيعية” كان لها وقعها على ساحة التوازنات السياسية؟
أمّا السؤال الثاني المهم فهو: هل سيسهّل الرئيس بري انطلاقة العهد المتمثل بالرئيسين عون وسلام على عكس ما يتهمه به “العونيون” لناحية تعطيله مسيرة “العهد القوي”، وما أدى إليه من سلسلة مترابطة من الإخفاقات، والتي بدأت معالمها منذ اللحظة الأولى في جلسة انتخاب العماد ميشال عون عندما أعيد تكرار العملية الانتخابية ثلاث مرّات، وهي كانت مؤشرًا كان يجب التنبّه إليه “من أول الطريق”؟
أمّا السؤال الثالث الأهم من بين أسئلة كثيرة فهو: هل يمكن اعتبار عودة الحياة إلى “الترويكا الرئاسية” موافقة ضمنية من قِبل “الأخ الأكبر” لـ “حزب الله” على السياسة التي سينتهجها العهد، والتي ترجمها البيان الوزاري بوضوح، وهو المستوحى في كثير من نقاطه من خطاب القسم، لجهة حصر احتكار السلاح بيد القوى الشرعية دون غيرها من القوى الأخرى، وإسقاط معادلة “الشعب والجيش والمقاومة” أو ما يعادلها من صيغ أخرى في هذا البيان؟
أسئلة لا بدّ من طرحها، وهي مشروعة، ويحق لكل مراقب سياسي أن يطرحها حرصًا على مسيرة العهد، وحرصًا على الوحدة الوطنية، وحرصًا على السلم الأهلي، الذي كاد يهتز على طريق المطار. وما صدر عن اجتماع “الترويكا” أمس من موقف موحد حيال الانسحاب الإسرائيلي غير الكامل من كل الأراضي اللبنانية المحتلة يؤكد بما لا يقبل اشك صحة التوقعات بعودة “آمنة وطوعية” لـ “الترويكا الرئاسية”.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook