تكنولوجيا

الكوارث المناخية .. مأساة مستمرة منذ عقود – DW – 2025/2/13

يُمكن أن تُدمر الأحوال الجوية المتطرفة بلدا، فهي تقتل الناس وتصيبهم، وتدمر البنية التحتية المُكلفة والشركات والمحاصيل. ويزداد هذا السيناريو حدة مع تغير المناخ.

“مؤشر المخاطر المناخية 2025″، الذي أصدرته منظمة “جيرمان ووتش” غير الحكومية والمعنية بالتخفيف من آثار تغير المناخ، كشف عن بيانات لهذه التأثيرات خلال الفترة من 1993 إلى 2022.

ووجد التقرير أن العواصف والفيضانات والجفاف وموجات الحر وحرائق الغابات أسفرت عن مقتل ما يقرب من 800.000 شخص، كما بلغت الأضرار الاقتصادية حوالي 4.2 تريليون دولار أمريكي (4.07 تريليون يورو). وتصدرت القائمة: جمهورية الدومينيكان والصين وهندوراس.

التأثير البشري والخسائر الاقتصادية

وقالت لينة عادل، مستشارة السياسات في منظمة “جيرمان  ووتش” (.Germanwatch e.V)، وهي من المشاركين في التقرير: “يهدف مؤشر المخاطر المناخية إلى وضع السياسات الدولية للمناخ في سياق المخاطر الفعلية التي تواجهها الدول”.

وهناك أنواع مختلفة من المخاطر التي تؤدي إلى تصدر بعض الدول قائمة المؤشر. فمن ناحية، هناك التأثير البشري: الوفيات، والإصابات، والتشرد، والنزوح. ومن ناحية أخرى، هناك الخسائر الاقتصادية. ويتم إعطاء نفس الوزن لهاتين الفئتين.

وقد تصدرت دولة الدومينيكان، الدولة الكاريبية المعرضة للأعاصير، القائمة بسبب الخسائر الاقتصادية الهائلة التي تكبدتها على مدار الثلاثين عاماً التي شملتها الدراسة.

فمثلا، تسبب إعصار “ماريا” في عام 2018 في أضرار بلغت قيمتها 1.8 مليار دولار أمريكي، أي ما يعادل 270% من الناتج المحلي الإجمالي للدومينيكان.

زيادة على ذلك، فإن لهذه الدولة معدل وفيات مرتفع نسبيا، وهو ما يعني أن عدد الوفيات كبير بالمقارنة بعدد سكان الدولة الصغيرة.

أما الصين، فجاءت في المرتبة الثانية لأن أعدادا كبيرة من سكانها تأثرت أو لقيت حتفها بسبب موجات الحر والأعاصير والفيضانات المتكررة. ففي عام 2016، أسفرت الفيضانات عن مقتل أكثر من 100 شخص وتشريد مئات الآلاف.

تؤثر الأعاصير المتكررة في الصين على مختلف القطاعات الاقتصادية.
تتعرض الصين غالبا للأعاصير المدارية. صورة أرشيفية.صورة من: Jiang Kehong/Xinhua/IMAGO

بينما تحتل هندوراس المرتبة الثالثة في المؤشر، حيث تعاني بشدة من آثار الطقس المتطرف، خاصةً كونها واحدة من أفقر الدول في نصف الكرة الغربي. ففي عام 1998، تسبب إعصار “ميتشل” في مقتل أكثر من 14,000 شخص، وتدمير 70% من المحاصيل والبنية التحتية.

وقال دييغو أوباندو بونيا، أستاذ العمل المناخي في جامعة زامورا في هندوراس: “حدث ذلك قبل أكثر من عقدين، لكن تأثيره كان شديداً لدرجة أننا لا نزال نتحدث عنه حتى اليوم”.

بلغت الخسائر الناتجة عن الإعصار 7 مليارات دولار، مما أوقف عملية التنمية في البلاد. ويعد القطاع الزراعي من أكثر القطاعات عرضة للأعاصير والجفاف في هندوراس.

قدرت الخسائر المالية بمليارات الدولارات.
على مدار الثلاثين عامًا الماضية، واجهت هندوراس كوارث طبيعية متكررة.صورة من: AFP/Getty Images

وتابع المتحدث ذاته كلامه قائلا :”يُعتبر القطاع الزراعي أحد أهم القطاعات هنا بعد التحويلات المالية. فهناك القهوة والموز المُعدان للتصدير، بالإضافة إلى الحبوب الأساسية مثل الذرة والفاصولياء، التي تؤثر على الاستهلاك اليومي للناس أو حتى على معيشتهم”.

التغير المناخي لا يميز بين الدول

ومن المحتمل أن تواجه دول الجنوب العالمي أكبر التهديدات الوجودية، لكن المراكز العشرة الأولى في المؤشر تشمل أيضاً دولاً ذات دخل مرتفع مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا. وفي عام 2022 تحديداً، جاءت هذه الدول في أعلى المراكز، ويعود ذلك ربما إلى موجات الحر الشديدة.

وفي هذا الصدد، قالت لينة عادل: “تُظهر النتائج أن جميع الدول حول العالم تتأثر. لا يوجد تمييز بين الشمال والجنوب العالمي”. وأضافت: “الرسالة الأساسية هنا هي أن الشمال العالمي لم يكن مستعداً بعد لإدارة مخاطر الكوارث والتكيف معها”.

وأشار تقرير منظمة “جيرمان ووتش” إلى أن الفيضانات الشديدة في ألمانيا قبل أربع سنوات، وفي إسبانيا قبل سنة من الأمثلة على تأخر السلطات الأوروبية في إعلان حالة الطوارئ، مما أدى إلى عواقب كارثية. ففي كلتا الحالتين، لقي أكثر من 100 شخص حتفهم، بينما تغيرت حياة كثيرين آخرين بشكل جذري.

وترى لينة عادل أن هذا يلقي بمسؤولية مضاعفة على عاتق الدول ذات الدخل المرتفع. وواصلت كلامها قائلة:”هناك مسؤولية على الشمال العالمي لتكييف سياساته وإدارة مخاطره بشكل أفضل على المستوى المحلي، لكنه في الوقت نفسه مطالب بمساعدة الجنوب العالمي، لأنه مسؤول عن أقل نسبة من الانبعاثات العالمية”.

وينطبق الأمر أيضا على جهود هذه الدول في خفض الانبعاثات، لأنه مادامت الدول الكبرى المسببة للتلوث مستمرة في حرق الوقود الأحفوري، فإن الظواهر الجوية القاسية التي تدفع البلدان إلى تصدر مؤشر مخاطر المناخ ستزداد قوة وتتكرر كثيرا.

أعده للعربية: ر.م/ ص.ش 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى