تكنولوجيا

الصين تتقدم في مصر وأفريقيا وأمريكا تتراجع – DW – 2025/2/12

كان من المفترض لمركز متطورمتخصص في علوم الفضاء في إحدى ضواحي العاصمة المصرية القاهرة أن يكون الأول في القارة الأفريقية لإنتاج الأقمار الصناعية، لكن بمجرد التجول بداخله يتوارى شعار صنع في أفريقيا تدريجيا.

تصل معدات وأجزاء الأقمار الصناعية في صناديق من بكين ويفحص علماء صينيون شاشات تبث رصدا للفضاء ويقدمون التعليمات لمهندسين مصريين. وكان أول قمر صناعي جرى تجميعه في المركز والاحتفاء به باعتباره أول قمر صناعي تنتجه دولة أفريقية على الإطلاق قد صُنع في الواقع في الصين، وأُطلق من قاعدة هناك في ديسمبر كانون الأول 2023.

يعد مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية بوكالة الفضاء لمصرية أحدث خطوة في برنامج الفضاء الخارجي الغامض للصين. وتُشكل بكين تحالفات في مجال الفضاء في إفريقيا لتعزيز شبكتها للمراقبة العالمية ودعم مساعيها للتحول إلى القوة الفضائية لمهيمنة في العالم.

وأعلنت الصين الكثير من المساعدات للدول الأفريقية في مجال الفضاء، ومن بينها منح أقمار صناعية وتلسكوبات ومحطات مراقبة أرضية. لكن ما لم تعلنه الصين وتورده “رويترز” هنا للمرة الأولى هو قدرة بكين على الوصول إلى البيانات والصور التي يتم جمعها عبر تلك التكنولوجيا فضلا عن بقاء الموظفين الصينيين لفترات طويلة في المرافق التي تبنيها في أفريقيا.

مدينة الفضاء المصرية

ومركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية الذي بدأ العمل في 2023 هو جزء من تكنولوجيا الفضاء التي أهدتها الصين لمصر على مدار العامين الماضيين.

مسبار صيني يكشف خبايا جانب القمر المظلم

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

وتشمل المنح الصينية المعلنة أيضا مركزا جديدا لمراقبة الفضاء يضم اثنين من أقوى التلسكوبات في العالم، فضلا عن قمرين صناعيين لمراقبة الأرض أُطلقا في 2023 بعد تجميع أحدهما في مصر وتصنيع الآخر بالكامل في الصين. كما أطلقت بكين في العام ذاته قمرا صناعيا  ثالثا صنعته لصالح مصر ويتمتع وفقا لمصدرين مطلعين بقدرات على المراقبة العسكرية.

والمركز هو المكون الأهم في مدينة الفضاء المصرية الجاري تشييدها بالعاصمة الإدراية الجديدة التي يبنيها الرئيس عبد الفتاح السيسي في شرق القاهرة.

ووطد السيسي العلاقات بين مصر والصين في السنوات القليلة الماضية عبر خطوات من بينها التوصل إلى اتفاقيات بشأن مشروعات للبنية التحتية والطاقة في إطار مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ. ولم ترد الرئاسة المصرية على طلب للتعليق.

ومصر، وهي من بين الدول الرئيسية المستقبلة لمساعدات عسكرية أمريكية، ليست البلد الأفريقي الوحيد الذي ينجذب إلى فلك الصين. ولدى بكين وفقا لمعهد الولايات المتحدة للسلام 23 شراكة ثنائية بمجال الفضاء في أفريقيا تشمل تمويل أقمار صناعية ومحطات مراقبة أرضية لجمع صور الأقمار الصناعية والبيانات. وفي العام الماضي وافقت مصر وجنوب أفريقيا والسنغال على التعاون مع الصين في قاعدة مستقبلية معنية بالقمر، وهو مشروع ينافس خططا أمريكية مشابهة.

ولا يمثل ذلك سوى البداية، إذ قال شي في اجتماع مع عشرات الزعماء الأفارقة في بكين في سبتمبر أيلول إن الأقمار الصناعية واستكشاف القمر والفضاء ستكون من بين الأولويات في إطار قروض واستثمارات صينية بقيمة 50 مليار دولار لأفريقيا على مدى السنواتواستثمارات صينية بقيمة 50 مليار دولار لأفريقيا على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

“شبكة مراقبة عالمية”

وصرحت إدارة شي بأنها تساعد في تعزيز برامج الفضاء الأفريقية في ضوء رغبة بكين في دعم الدول لمواكبة التقدم في هذا المجال مع اعتماد الاقتصادات والجيوش بشكل متزايد على تكنولوجيا الفضاء.

وقالت ستة مصادر مطلعة على مشروعات الفضاء الصينية في أفريقيا إن بكين تحصل على الكثير مقارنة بحجم استثماراتها، بما في ذلك الوصول إلى بيانات الأقمار الصناعية والتلسكوبات إضافة إلى وجود دائم في المرافق التي تبنيها.

ويقول نيكولاس إفتيميديس، ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق والخبير في عمليات التجسس الصينية، إن المعدات الفضائية التي تضعها بكين في البلدان النامية تساعد الصين في إنشاء “شبكة مراقبة عالمية”. وأضاف “عملت الصين على إضفاء الطابع الديمقراطي على الفضاء لتعزيز قدراتها الاستبدادية… وهي تفعل ذلك بفاعلية كبيرة”.

وبالتزامن مع توطيد الصين لعلاقاتها في أفريقيا من خلال الحوافز التكنولوجية، تتراجع الولايات المتحدة. إذ يقود الملياردير إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركتي سبيس.إكس وتسلا جهود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتقليص حجم الحكومة الاتحادية.

 وكانت الوكالة الأمريكية للتنمية ضمن أهدافه الأولى، وهي وكالة لتقديم المساعدات ساهمت في ترسيخ القوة الناعمة للولايات المتحدة في شتى أنحاء العالم منذ أن أسسها الرئيس جون كنيدي في عام 1961.

الفضاء تحول إلى مجال للصراع.
الصين تنافس بقوة أمريكا في حسم معركة السيطرة على الفضاء. أرشيفصورة من: Imaginechina/Sipa USA/picture alliance

وتقول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إن مشروعات الفضاء الصينية في أفريقيا ومناطق أخرى من العالم النامي تشكل خطرا أمنيا لأن بكين يمكنها جمع بيانات حساسة وتعزيز قدراتها العسكرية، كما سيكون لديها القدرة على التحكم بالدول إذا تمكنت من تطويقها داخل منظومة الاتصالات الخاصة بها.

ولم يقدم البنتاغون أو إفتيميديس أدلة محددة على استخدام الصين تكنولوجيا الفضاء التي منحتها لأفريقيا في أغراض استخباراتية أو عسكرية، ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من تلك الادعاءات.

ولم يقدم لو بينجيو المتحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن إجابة مباشرة على أسئلة حول ما إذا كانت الصين تستخدم معدات في أفريقيا للمراقبة. وقال إن الولايات المتحدة “ليست في وضع يسمح لها بتشويه سمعة الصين” بسبب سجل واشنطن في التجسس. وأضاف “الولايات المتحدة أكثر دولة تقوم بأعمال مراقبة في العالم”.

وللبنية التحتية ومعدات الفضاء التي تشيدها الصين في أفريقيا استخدامات مدنية شائعة منها نقل البيانات، ومراقبة تأثير تغير المناخ، والمساعدة في توجيه المركبات الفضائية. لكن لها أيضا استخدامات عسكرية.

وتُستخدم التلسكوبات القوية في تشكيل الوعي بالظروف المحيطة في الفضاء. ووفقا لتقرير صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية في 2022، يمكنها التنبؤ بحركة الأقمار الصناعية العسكرية الأمريكية والمساعدة في تنسيق استخدام الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية.

فإذا غزت الصين تايوان على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تدمير الأقمار الصناعية للعدو خلال المعركة إلى تعطيل أنظمة توجيه الصواريخ وأنظمة الاتصالات بين القوات البرية والجوية والبحرية.

وذكر تقرير وكالة استخبارات الدفاع أن الصين وروسيا اختبرتا في السابق أسلحة مضادة للأقمار الصناعية وتواصلان تطوير طرازات أكثر تقدما.

وتستطيع الصين، عبر دخولها إلى مجموعة واسعة من الأقمار الصناعية الصينية المملوكة لدول أخرى، تنسيق العمليات العسكرية بشكل أفضل. ويمكن لتلك الأقمار أن تمنح الصين صورة أوضح للأنشطة العسكرية الأمريكية في شتى أرجاء العالم. فعلى سبيل المثال، يتمتع قمر المراقبة الذي جرى تجميعه في مصر بقدرة على التقاط صور عالية الدقة لمناطق تُجري فيها الولايات المتحدة ومصر تدريبات عسكرية مشتركة.

ويمكن استخدام محطات التحكم الأرضية الصينية في الدول الأخرى، مثل محطة بنتها في إثيوبيا وأخرى تخطط لإنشائها مع ناميبيا، لتنسيق العمليات العسكرية وتتبع إطلاق الصواريخ ومراقبة الأصول الفضائية للدول. وتنضم تلك المحطات إلى شبكة عالمية مترامية الأطراف من البنى التحتية لجمع البيانات تشمل كابلات الإنترنت البحرية وشبكات الجيل الخامس.

وانسحب حلفاء للولايات المتحدة من شراكات مع الصين في مجال الفضاء. ففي عام 2020، رفضت السويد تجديد اتفاقية تسمح لبكين باستخدام محطات أقمار صناعية أرضية في السويد وأستراليا، وعزت قرارها إلى “الوضع الجيوسياسي”.

ورفضت شركة الفضاء المملوكة للدولة في السويد الإدلاء بتصريحات عن الاتفاقية. ولم ترد وزارة الدفاع الأسترالية بعد على طلب للتعليق.

ولفهم الجهود الصينية في مجال الفضاء في أفريقيا، أجرت رويترز مقابلات مع أكثر من 30 شخصا على دراية بالمشروعات الصينية في القارة، من بينهم دبلوماسيون ومهندسو فضاء ومستشارون ومسؤولون عسكريون ومسؤولو استخبارات. كما راجعت رويترز أكثر من 100 براءة اختراع وورقة بحثية نشرتها الحكومة الصينية وهيئات عسكرية تقود برنامج الفضاء الصيني.

منافسة النفوذ الأمريكي 

قال ستيفن وايتنج، قائد قوة الفضاء الأمريكية في البنتاغون، لرويترز إن التوسع السريع للصين في بنيتها التحتية الفضائية على الأرض هو مثال على توجه أكبر يشمل سعي بكين للحاق بالولايات المتحدة في كل ما يخص الفضاء، بداية من الأقمار الصناعية ومرورا بالهبوط على القمر بمركبات غير مأهولة وصولا إلى الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية.

وسرعت الصين خلال العامين الماضيين إطلاق أقمار اتصالات تسبح في مدار منخفض حول الأرض في مسعى لمنافسة أقمار ستارلينك التابعة لماسك والمملوكة لسبيس.إكس وتوفر خدمات الإنترنت التجارية. وتبني الشركة أيضا شبكة من مئات الأقمار المخصصة للتجسس لصالح مكتب الاستطلاع الوطني، وهي وكالة استخبارات أمريكية تدير ذاك النوع من الأقمار.

وقال وايتنج “نرى تقدما هائلا من جانب الصين في الفضاء”، مضيفا أن البنتاغون “يراقب” شراكات بكين مع الدول النامية.

حددت شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، وهي شركة عسكرية وفضائية مملوكة للدولة، هدفا وهو جعل الصين أكبر قوة فضائية في العالم بحلول 2045. وتشمل الخطط إرسال رواد فضاء إلى القمر بحلول عام 2030، وبناء قاعدة على سطح القمر، وتطوير مركبات فضائية تعمل بالطاقة النووية.

ولا تزال الولايات المتحدة تملك أكبر برنامج فضائي في العالم، تدعمه شركة سبيس.إكس ومجموعة من شركات الفضاء الأخرى التابعة للقطاع الخاص.

ولم تمض استثمارات الصين الخارجية في مجال الفضاء دوما وفقا للخطة. فعلى سبيل المثال، عندما انفجر صاروخ صيني يحمل قمرا صناعيا لإندونيسيا في عام 2020، سمح ذلك لشركة سبيس.إكس بالتدخل وتقديم نفسها للدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا باعتبارها المتعاقد الأهم نفسها للدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا باعتبارها المتعاقد الأهم في مجال الفضاء، وفقا لتقرير لرويترز.

ومع ذلك يشكل التقدم الذي أحرزته الصين في الفضاء تحديا لترامب. فخلال فترة ولايته الأولى، أسس الرئيس الأمريكي قوة الفضاء الأمريكية، وهي ذراع جديدة للجيش الذي انتبه إلى أهمية دور الفضاء في الصراعات المستقبلية.

ومن غير المرجح أن يعطي فريق ترامب المتخصص في الفضاء الأولوية لتكوين علاقات ثنائية كما فعلت بكين في أفريقيا، وفقا لثلاثة خبراء في سياسات الفضاء قدموا استشارات للفريق الانتقالي للرئيس الأمريكي.

ويتوقع الخبراء أن يضاعف ترامب القدرة العسكرية الأمريكية في الفضاء ويمضي قدما في سباق إلى القمر وربما المريخ، مدعوما بصداقته مع ماسك. ويهدف برنامج أرتميس التابع لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا)، بدعم من شركات خاصة مثل سبيس إكس، إلى إعادة رواد الفضاء إلى القمر بحلول عام 2028. كما تخطط ناسا بالشراكة مع الإمارات وكندا واليابان ووكالة الفضاء الأوروبية لبناء محطة فضائية في مدار القمر تُعرف باسم بوابة القمر. ولم يرد البيت الأبيض بعد على طلب للتعليق.

سباق الفضاء الجديد – كيف تغزو الشركات الخاصة الفضاء الخارجي

To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video

لم تتمكن دبلوماسية الفضاء الأمريكية من التصدي لتنامي العلاقات الصينية في أفريقيا. وتكتسب تلك العلاقات وفقا لمقابلات مع مسؤولين أمريكيين وأفارقة في القطاع أهمية مع انطلاق سباق عالمي جديد نحو الفضاء.

وتملك حوالي 90 دولة حاليا برامج فضائية خاصة بها، إذ تقوم العديد من الدول الأصغر بمواءمة سياساتها الوطنية حول الأطر التي حددتها واشنطن أو بكين. وتشكل الصين تحالفات هامة من خلال مساعدة دول نامية في بناء صناعات فضائية.

وضمت الولايات المتحدة أكثر من 50 دولة إلى اتفاقيات أرتميس، وهي مجموعة من القواعد تتعلق باستكشاف الفضاء واستغلال القمر والمريخ. ووصفت الصين القواعد الأمريكية بأنها استيلاء على الأراضي على النمط الاستعماري، واقترحت بدلا من ذلك بناء محطة أبحاث دولية تعاونية على القمر. وتلقت بكين دعم 12 دولة لتلك المحطة، منها روسيا ومصر.

ووصف سكوت بيس، رئيس المجلس الوطني للفضاء في إدارة ترامب الأولى، الصين بأنها “طرف مهتم بمصلحته الخاصة” وتهدف شراكاته بشكل أساسي إلى جعل بكين “مركز القوة” في الفضاء. ولم ترد وكالة الفضاء الوطنية الصينية على طلب للتعليق.

وفي رد على سؤال من مراسل رويترز في مؤتمر صحفي في بكين في أكتوبر تشرين الأول، قال يانج شياويو، مدير إدارة هندسة النظم في وكالة الفضاء الوطنية الصينية إن بكين لديها اتفاقيات لتبادل البيانات مع دول شريكة لكنها “لم ولن تستخدم الصور والبيانات إطلاقا” لتعزيز قدراتها في المراقبة العسكرية.

وقال لو، المتحدث باسم السفارة الصينية “دول أفريقيا وشعوبها لديها الحكمة والقدرة على اختيار الشركاء الملائمين لمصالحها”.

 أخطاء أمريكية

تعكس دبلوماسية الفضاء الصينية في كثير من جوانبها استراتيجية تنفذها الولايات المتحدة منذ عقود. إذ تملك وكالة ناسا وقوة الفضاء الأمريكية وشركات خاصة أمريكية شبكات من المحطات الأرضية حول العالم لتتبع الأقمار الصناعية والتواصل معها، تستضيفها في الغالب أقاليم تابعة للولايات المتحدة في الخارج أو دول حليفة.

وتُستخدم  المواقع لمراقبة الفضاء وتنزيل البيانات وإجراء عمليات عسكرية سرية في الفضاء. وقال وايتينج إن البرامج الأمريكية لا يمكن مقارنتها ببرامج الصين.

وتحدث عن المحطات الأرضية العسكرية الأمريكية قائلا “نعلن مواقعها وأنشطتها… أما فيما يتعلق بالصين، فلا نرى نفس المستوى من الشفافية، ويؤدي ذلك إلى شكوك حول ما يجري”.

وقال وايتينج إن قوة الفضاء الأمريكية ليس لديها أي أصول لتتبع الفضاء في البلدان التي تعمل فيها الصين على إنشاء قدرات مماثلة.

ويُبرز توسع الصين في مجال الفضاء في أفريقيا غياب الولايات المتحدة. فقد بدأت ناسا العام الماضي في بناء محطة أرضية في جنوب أفريقيا، وهي الأولى لها في القارة، للتواصل مع المركبات الفضائية في برنامج القمر الأمريكي. وتتكون شراكاتها بشكل أساسي من شبكة من

36 جهاز استشعار جويا بحجم صندوق الأحذية منتشرة عبر 14 دولة أفريقية، وفقا لاتفاقيات ناسا الدولية التي اطلعت عليها رويترز. كما ضمت ثلاث دول أفريقية هي أنجولا ونيجيريا ورواندا لاتفاقيات أرتميس.

إلى من ستميل القارة الإفريقية في النهاية؟
القارة الإفريقية أصبحت ساحة صراع بين أمريكا والصين. أرشيف.صورة من: picture alliance/Xinhua News Agency

وقال تيميدايو أونيوسون المدير الإداري لشركة سبيس إن أفريكا، وهي شركة استشارات مقرها نيجيريا، إن بعض الحكومات الأفريقية سئمت من تحذيرات واشنطن الأمنية بشأن الصين وأصبحت أكثر اهتماما بالبلد الذي سيوفر المال وتكنولوجيا الفضاء.

وأضاف “كان أمام الولايات المتحدة عشرات السنين لمساعدة أفريقيا في تطوير برامجها الفضائية، لكنها لم تفعل مطلقا… تدرك تلك الدول أن الولايات المتحدة لا تضع مصالحها في الاعتبار على الإطلاق”.

وقال بيس، رئيس المجلس الوطني للفضاء في إدارة ترامب الأولى، إنه كان يتعين على الولايات المتحدة فعل المزيد لبناء علاقات في أفريقيا وأماكن أخرى. وأوضح أن جزءا كبيرا من المشكلة يكمن في أن وكالة ناسا ووزارة الخارجية ووكالات التنمية الأمريكية لا تنسق جهودها في كثير من الأحيان بقدر ما تفعل الوكالات الحكومية الصينية. ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية أو وكالة ناسا على طلبات التعليق.

تجلى نهج الصين المنسق في الطريقة التي انخرطت بها في برنامج الفضاء المصري منذ البداية، وذلك وفقا لمقابلات أجريت مع خمسة أشخاص شاركوا في المشروعات.

ثلاثة اقمار صناعية مصرية

أعلنت وكالة الفضاء الصينية في عام 2017 إطلاق شراكة مع الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء في مصر، وذلك لبناء منشأة للأقمار الصناعية في القاهرة. وتزامنت تلك الشراكة مع إنشاء القاهرة وكالة الفضاء المصرية في يناير كانون الثاني 2018 ووضع خطة لبناء مدينة فضائية بإحدى ضواحي العاصمة المصرية.

وقال مصدران على صلة مباشرة بالتعاون المصري الصيني إنه في الفترة من نوفمبر تشرين الثاني 2017 إلى يناير كانون الثاني 2018، تلقى مهندسون وفنيون مصريون تدريبا في الصين في مواقع فضائية وعسكرية.

وعندما بدأ العمل في منشأة الأقمار الصناعية كان السفير الصيني في مصر لياو لي تشيانج في الموقع. ووفقا للمصدرين، تولى لياو، الدبلوماسي المخضرم والمدافع عن زيادة عدد المشاريع الفضائية التي تقودها الصين في أفريقيا والشرق الأوسط، الإشراف عن كثب على تطوير المنشأة لاحقا.

وانتقل عشرات من عمال البناء والمهندسين من شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية إلى مدينة الفضاء، ولا يزال بعضهم هناك.

وقال مصدران إن المشروع كان يُنظر إليه باعتباره أولوية لشركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، وكان يجري إطلاع رئيس الشركة تشانج تشونج يانج على التقدم المحرز فيه. وتطور الشركة تكنولوجيا الفضاء لدعم القدرات العسكرية للصين، وفقا لمراجعة رويترز لبراءات الاختراع. ويشمل ذلك استخدام الأقمار الصناعية لتنسيق الضربات الصاروخية.

ومع ذلك لا تمثل المنشأة، وهي مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية، برنامجا فضائيا كاملا، إذ يعتمد المركز على الصين في جميع الجوانب تقريبا. فقد جرى بناء اثنين من الأقمار الصناعية الثلاثة المنبثقة عن الشراكة منذ بدايتها بالكامل في الصين، بينما جرى تجميع القمر الصناعي الثالث في مصر من مكونات صينية. وأُطلقت الأقمار الثلاثة من الصين.

ووصل القمر الصناعي الأول المسمى (حورس 1) إلى مداره في فبراير شباط 2023. وقالت وكالة الفضاء المصرية في ذلك الوقت إن القمر المخصص لمراقبة الأرض يمكن أن يساعد مصر في رصد الإنتاجية الزراعية والتنبؤ بالكوارث الطبيعية، فضلا عن رصد الأنشطة الإجرامية مثل زراعة المخدرات.

وأعلنت شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية إطلاق القمر الصناعي الثاني (حورس 2) بعد أسابيع من نفس قاعدة الإطلاق في الصين، وذلك دون تحديد المستفيد من العملية. وقال مصدران مطلعان على حورس 2 إن القمر الصناعي من أقمار المراقبة العسكرية وتم بناؤه لصالح مصر. ولم ترد وكالة الفضاء المصرية على أسئلة حول الغرض من حورس 2.

وأُطلق القمر الصناعي المصري الثالث (مصر سات-2) في ديسمبر كانون الأول 2023. وكان أول قمر صناعي يخرج من مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية بالقاهرة.

وقال مصدران مطلعان لرويترز إن معظم أعمال بناء (مصر سات-2) تمت ​​بواسطة شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية في الصين، قبل شحن القطع إلى القاهرة وتجميعها واختبارها من قبل مهندسي الشركة والمهندسين المصريين، ثم شحنها مرة أخرى إلى الصين لعملية الإطلاق.

وقال المصدران إن القمر الصناعي الذي تبلغ قيمته 72 مليون دولار مملوك عمليا لمصر، إلا أن شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء لا تزال تراقب البيانات والصور التي يجمعها.

وقال شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية، لرويترز إن منشأة التجميع ومصر سات-2 منحة من الصين، ولم يكن هناك أي شيء متوقع في المقابل. وأوضح صدقي أن البيانات الواردة من أقمار مصر الصناعية مملوكة للقاهرة وتخضع لسيطرتها.

ولم ترد وكالة الفضاء المصرية على أسئلة حول ما إذا كانت الصين لديها أيضا إمكانية للوصول إلى بيانات القمر الصناعي.

وتقول الوكالة إن القمر الصناعي مصر سات-2 سيساعد مصر في مواجهة تغير المناخ وزيادة الإنتاج الزراعي وتحسين التخطيط الحضري.

وقال صدقي إن مصر لا تنحاز إلى أي طرف في سباق الفضاء من خلال الشراكة مع الصين. ووفقا لموقع وزارة الخارجية الأمريكية على الإنترنت، تلقت القاهرة أكثر من 80 مليار دولار من المساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية منذ أواخر السبعينيات.

وقال صدقي في مقابلة أجريت معه في مكتبه بمدينة الفضاء المصرية، وهي مجمع يضم العديد من المنشآت منها مبنى وكالة الفضاء المصرية ومبنى وكالة الفضاء الأفريقية التي أسسها الاتحاد الأفريقي “نحن محايدون، نتعامل مع الجميع… إذا تلقينا عرضا سنقبله”.

وشاهد صحفي من رويترز مهندسين صينيين يترددون على مجمع مدينة الفضاء. وعندما سئل عن وجودهم، قال صدقي إنهم هناك لتركيب معدات وتدريب موظفين مصريين، وسيغادرون في نهاية المطاف.

وقد يستقبل مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية شريكا جديدا له علاقة بالصين. إذ أعلنت مجموعة يو.سبيس تكنولوجي، وهي شركة تكنولوجيا فضاء خاصة مسجلة في هونج كونج، في أغسطس آب أنها وقعت شراكة استراتيجية مع شركة وكالة الفضاء المصرية لتطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية في مدينة الفضاء المصرية. ولم ترد شركة يو سبيس على طلب للتعليق.

 التلسكوبات

تتعاون الصين ومصر أيضا في مشروع لمراقبة الأقمار الصناعية في مداراتها باستخدام تلسكوبات متطورة. ويقول محللون عسكريون إن تلك التكنولوجيا حاسمة في ضوء تزايد عدد الأقمار الصناعية في الفضاء، إلى جانب القدرة على تطوير الأسلحة القادرة على تعطيلها.

وجرى في الآونة الأخيرة تركيب تلسكوبين على سطح محطة أبحاث خارج القاهرة. وساعد في ذلك عمال من المرصد الفلكي الوطني الصيني.

وقال مكرم إبراهيم، وهو أستاذ بقسم الشمس وأبحاث الفضاء بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية في مصر، إن التعاون مع الصين يخدم أهداف البحث العلمي.

وأضاف إبراهيم لرويترز “التعاون قد يكون له دوافع سياسية. ويمكنك تحليل الاستفادة السياسية بنفسك… وثانيا، يستفيدون علميا لأن البيانات التي أجمعها هنا نستخدمها معا”.

ولم يعلق لو، المتحدث باسم السفارة الصينية، على دوافع الصين للاستثمار في برنامج الفضاء المصري. وقال إن “دعم تنمية أفريقيا مسؤولية مشتركة للمجتمع الدولي”.

تتلقى إثيوبيا أيضا مساعدات في مجال الفضاء من بكين. فمنذ عام 2019، أطلقت الصين قمرين صناعيين لمراقبة الأرض لصالح الدولة الواقعة في شرق أفريقيا ومولت بناء محطة أرضية هناك. وقال أبديسا يلما، المدير العام لمعهد علوم الفضاء والجيومكانية الإثيوبي، إن

الصين تمول أيضا جمع البيانات لمساعدة إثيوبيا في رصد الفيضانات والجفاف.

وأوضح أن إثيوبيا محايدة ولن تنجر إلى التنافس بين الولايات المتحدة والصين. لكنه أضاف أن المنافسة يمكن أن تساعد في تعزيز التطور التكنولوجي، تماما كما فعلت المنافسة بين الشرق والغرب في أثناء الحرب الباردة.

ر.م (رويترز).


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى