تفاوض أو ابتزاز الرئيس المكلف!
![](/wp-content/uploads/2025/02/تفاوض-أو-ابتزاز-الرئيس-المكلف.png)
وقد واجه سلام ولا سيما تحت وطأة رغبته في تأليف سريع لحكومة كفايات وحكومة “مهمة” ومختلفة وتحظى بالرضى السياسي، فضلا عن الضغط الداخلي والخارجي، عمليات تفاوض صعبة، والبعض يقول إنها عمليات ابتزاز سياسية واضحة ومكشوفة، وخصوصا في اللحظات الأخيرة الممهدة لإعلان الحكومة. ويخشى في ضوء ذلك تظهير قدرة اللاعبين السياسيين التقليديين على مراوغة الداخل والخارج معا وعدم الاهتمام بعامل الوقت الضاغط على اللبنانيين من أجل حفاظهم على القدرة على إعادة إنتاج أنفسهم وفق الحد الأقصى للهامش المتاح لهم. وهذا العامل وحده كفيل بالإيحاء بالبقاء ضمن أساليب الماضي أو العودة إليها، وهو ما ينذر بحكومة لن تسهل عليها قيادة المرحلة المقبلة في ملفات معقدة تتعلق ببسط سيادة الدولة في الجنوب واستعادتها في كل لبنان، ، فضلا عن إدارة انتخابات بلدية ونيابية وإعادة إنهاض الاقتصاد.
والواقع أن ما يجري في عملية التأليف لم يجار الانتخاب الرئاسي والتكليف الحكومي في وتيرته فيما المفترض أولا، أن الضغط الخارجي الذي ساهم في إعطاء دفع واضح لانتخاب العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية وعبر رسائل مباشرة وضعت أمام القوى السياسية بعدم وجود خطة أخرى غير انتخاب قائد الجيش والدعم الخارجي الذي غاب عن إعادة تسمية الرئيس نجيب ميقاتي وأفسح في المجال أمام نواف سلام، لا يزال زخمه قائما في تأليف الحكومة. فرفعت القوى السياسية شروطها ومارست ابتزازها، وخصوصا أن نجاح الإعلان عن تأليف الحكومة ظهر الخميس كان سیستبق زيارات ديبلوماسية أميركية وسعودية للبنان تردد أنها ستحصل، بحيث يجري استبعاد أي تأثير خارجي على تأليف الحكومة أو طبيعتها.
وليس خافيا أن هناك معايير خارجية للحكومة العتيدة يخشى أن ينعكس عدم التزامها أو توسيع الهامش في شأنها، سلبا على التعامل الإيجابي مع لبنان في المرحلة المقبلة. ويبدو الكباش واضحا في هذا الإطار لجهة سعي الثنائي الشيعي إلى التصدي لذلك وإبقاء ورقة المساومة قوية بين يديه على هذا المستوى حفاظا على نفوذه وقوته ولترك هامش كبير لإيران.
ثانيا، إن القوى السياسية التي يفترض أن تظهر وعيا لما يجري في المنطقة على أقل تقدير لا تقيم وزنا لمدى الإلحاح الداخلي على إنهاء كوارث المرحلة السابقة، وتمارس ترف الاستغلال والتقاط ما يمكنها من فرص لتعزيز موقعها وأوراقها ومصالحها، أيا تكن الانعكاسات السلبية على لبنان، وربما تستدرج تدخلا خارجيا للوساطة تحت وطأة الحصول على أثمان معينة على مستويات مختلفة.
لازمت المخاوف : على إقلاع الرئيس المكلف بحكومة يريدها مغايرة عن كل ما سبقها، وتقود المرحلة الجديدة في لبنان، أصدقاء ومؤيدين كثرا له رأوا بداية أنه لم يكن جزءا من التفاهم الذي انضم فيه الثنائي الشيعي إلى انتخاب العماد جوزف عون للرئاسة الأولى. فيما المشاورات العميقة التي فتح الرئيس المكلف بابها أتاحت دخول الحسابات السياسية، ولاحقا توازناتها، ما جعله يخسر الزخم المستقل الذي طمح إليه هو والرأي العام اللبناني، وهذا ما رفع مستوى الإحباط الداخلي ولم يثر حماسة اللبنانيين في الخارج، بما يهدد بالانعكاس على رد الفعل الديبلوماسي الخارجي على الحكومة وما ستحتاج إليه من جهد بالغ لإثبات قدراتها وفاعليتها.
في المقابل، يخفف البعض وطأة ذلك ربطا باعتقاد أن انطلاق الحكومة على خلفية وفاقية قوية قد يدحض بسرعة هذه الانطباعات الحادة راهنا.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook