حقائق جديدة عن نازحي الجنوب.. جوعٌ وعنف وتحذيرات
الأنظارُ حالياً تتجهُ إلى الجنوب والأحداث المرتقبة خصوصاً أن حشوداً كبيرة من الأهالي تتحضر للعودة إلى مناطق الشريط الحدودي، لكنّ هذا الأمر قد لا يُترجم على أرض الواقع باعتبار أن إسرائيل لم تنسحب وتطالب بتمديد وجودها داخل لبنان.
وعليه، فإنَّ أمر الوصول إلى القرى التي تحتلها إسرائيل يعتبر خطيراً وصعباً، وفي حال حصول أي دخول للأهالي إلى المناطق المحظورة أمنياً في الوقت الراهن، عندها فإنَّ سيناريوهات المواجهة ستكون قائمة ما قد يؤدي إلى سقوط شهداء وجرحى في صفوف اللبنانيين.
تحذيرات من العودة
اليوم، أصدرت قيادة الجيش بياناً دعت فيه الأهالي إلى التريث في التوجه نحو المناطق الحدودية الجنوبية نظراً لوجود الألغام والأجسام المشبوهة من مخلفات العدو الإسرائيلي.
وشدّدت القيادة على أهمية تحلّي المواطنين بالمسؤولية والالتزام بتوجيهات قيادة الجيش، وإرشادات الوحدات العسكرية المنتشرة، حفاظًا على سلامتهم.
وحالياً، تعمل الوحدات العسكرية باستمرار على إنجاز المسح الهندسي وفتح الطرقات ومعالجة الذخائر غير المنفجرة، وتُتابع الوضع العملاني بدقة ولا سيما لناحية الخروقات المستمرة للاتفاق والاعتداءات على سيادة لبنان، إضافة إلى تدمير البنية التحتية وعمليات نسف المنازل وحرقها في القرى الحدودية من جانب العدو الإسرائيلي.
وأكد الجيش أنه يواصل تطبيق خطة عمليات تعزيز الانتشار في منطقة جنوب الليطاني بتكليف من مجلس الوزراء، منذ اليوم الأول لدخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وفق مراحل متتالية ومحددة، بالتنسيق مع اللجنة الخماسية للإشراف على تطبيق الاتفاق (Mechanism) وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل.
وأوضح الجيش أن تأخيراً تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب من جانب العدو الإسرائيلي، ما يعقّد مهمة انتشار الجيش، مع الإشارة إلى أنّه يحافظ على الجهوزيّة لاستكمال انتشاره فور انسحاب العدو الإسرائيلي.
في المقابل، وردت اتصالات إلى سكان بلدات جنوبية عديدة من العدو الإسرائيلي تحذرهم من العودة إلى قراهم ومنازلهم.
على صعيد آخر، عُلِم أنّ مواطنين في جنوب لبنان بدأوا يستعدون للنزوح المؤقت اعتباراً من اليوم السبت ويوم غد الأحد تحسباً لأي طارئ قد يحصل مع انتهاء مهلة الـ60 يوماً.
وتبين أن مواطنين استأجروا شققاً في مناطق مختلفة وذلك في وقتٍ سابق كي لا تتكرر تجربة النزوح المفاجئ السابقة وتحديداً حينما برزت أزمة منازل وشقق في سائر المناطق اللبنانية.
أزمة النزوح مستمرة
أمام كل ما يجري، فإنّ أزمة النازحين لم تنته بعد. فعلى الرغم من عودة العدد الأكبر من المواطنين إلى منازلهم إلا أنّ أكثر من 160 ألفا آخرين لا يزالون في مراكز الإيواء، أو بيوت الضيافة، أو منازل الإيجار، ينتظرون إما لحظة عودتهم، أو البدء بعملية الترميم وإعادة الإعمار، إذ إن معظمهم لا يملكون إلا منزلا واحدا قد تعرّض للتدمير الكلي أو الجزئي، في انتظار الانسحاب الاسرائيلي الكامل من القرى الحدودية.
التقارير تشير إلى أن ما يقارب 900 ألف شخص نزحوا داخليًا خلال هذه الفترة، واللافت حسب عدد من التقارير اطّلع عليها “لبنان24” أن النساء والفتيات شكلن أكثر من نصف النازحين، مع تسجيل زيادة كبيرة في الأسر التي تقودها نساء نتيجة فقدان المعيلين أو غيابهم. ورغم وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه، توضح الارقام أنّ 80% من النازحين عادوا إلى مناطقهم الأصلية، في حين ظل الباقون عالقين بسبب الأضرار التي لحقت بمنازلهم، أو القيود التي فرضتها القوات الإسرائيلية في المناطق المتضررة.
التحديات التي واجهتها النساء والنازحون بشكل عام خلال هذا النزاع لم تكن مقتصرة على خسائر مادية أو فقدان المأوى. وأظهرت الأبحاث أن النساء كن عرضة لمخاطر متزايدة، بدءًا من العنف الأسري، وصولًا إلى تقليص الأدوار الاقتصادية والاجتماعية التي كن يقمن بها قبل الأزمة.
وعلى الرغم من محاولاتهن التكيف، لجأ العديد منهن إلى آليات تأقلم سلبية، مثل تقليل استهلاك الطعام، أو اللجوء إلى أعمال جديدة لتأمين دخل إضافي، ما زاد من هشاشتهن.
وفي ضوء هذه المعطيات، تؤكد المنظمات الإنسانية على ضرورة تعزيز الاستجابة التي تراعي احتياجات النساء بشكل خاص، ليس فقط لضمان حقوقهن الأساسية، بل أيضًا لتخفيف الأعباء التي تتحملها الفئات الأكثر ضعفًا.
كذلك، فإن توفير المساعدات النقدية وفرص العمل، إلى جانب تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي، باتت خطوات ضرورية لتحسين أوضاع النازحين، خاصة النساء اللواتي يقدن أسرًا بمفردهن.
وحسب العديد من الجمعيات التي لا تزال تعمل على الأرض وتواصل معها “لبنان24″، فقد أشار المسؤولون وأعضاء فرق التطوع الذين لا يزالون يقومون بزيارات دورية على الرغم من العبء الاقتصادي وتوقف تدفق المساعدات إلى أنّ العديد من الأسر التي لا تزال نازحة لا تزال تعاني على صعيد تأمين الاحتياجات الأساسية.
وتحدثت رانيا، وهي أم لطفلين نزحت من قريتها الحدودية، لـ”لبنان24″ عن معاناتها اليومية، حيث تقول: “نعيش مع ثلاث عائلات في منزل صغير، ولا يوجد لدينا أي خصوصية. أطفالي يسألونني كل يوم متى نعود إلى منزلنا، لكن لا أملك إجابة لهم. أشعر بالعجز؛ حتى الطعام بالكاد يكفينا، وغالبًا ما أتنازل عن حصتي لأطعمهم”.
رانيا ليست وحدها؛ العديد من النساء النازحات يشاركن قصصًا مشابهة عن تحديات تأمين الغذاء والخوف من المستقبل المجهول، وهذا ما تؤكده تقارير صادرة عن مؤسسات دولية، اطلع عليها “لبنان24″، إذ تشير إلى أنّ ما يقرب من 48% من النساء النازحات ذكرن أنهن عانين الجوع عدة مرات (3-10 مرات) خلال الأسابيع الأخيرة.
وأشارت جميع النساء تقريبًا إلى ارتفاع أسعار الغذاء كأكبر عقبة (99%)، تليها قلة الدعم للعائلات الكبيرة وصعوبة الوصول إلى نقاط توزيع الغذاء.
وحسب التقارير، فإنّ لمواجهة الأزمة الغذائية، لجأت النساء إلى تقليل حجم الوجبات أو عددها (74%)، وتخطّي بعض الوجبات (48%)، وتناول أطعمة أقل تغذية أو أرخص عند نفاد الخيارات (32%)، وطلب المساعدة من المنظمات أو المطابخ المجتمعية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook