آخر الأخبارأخبار محلية

تريندات الموت… الـ TikTok يفتك بأرواح أطفالنا

تكنولوجيا العصر الحديث أصبحت جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، لا نكاد نعيش لحظة من دون أن نتفاعل معها. فقد أحدثت هذه التكنولوجيا ثورة في العديد من المجالات وسهلت الكثير من جوانب حياتنا. وإذا نظرنا إلى تأثيراتها، نجد أنها تحمل في طياتها جوانب إيجابية وسلبية، وهو ما يجعلها موضوعًا مثيرًا للنقاش. في السنوات الأخيرة، شهدنا العديد من التحديات والممارسات الخطيرة التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ودفعت بعض الشباب والأطفال إلى تقليدها من دون التفكير بالعواقب. أحد أبرز هذه الأمثلة هو تحدي “تيك توك” الذي أصبح واحدًا من أكثر التطبيقات رواجًا بين الأطفال والمراهقين، والذي يدفعهم إلى محاولة تقليد التريندات، التي تهدد الحياة وتُعرّض المشاركين لخطر حقيقي.









ومن بين هذه التحديات، برز تحدي “كيكي دو يو لوف مي”، في السنوات الماضية الذي دفع العديد من الشباب إلى القيام بتصرفات خطيرة مثل قيادة السيارة وتركها تسير دون السيطرة عليها، مما أسفر عن حوادث مأسوية. وما لبثنا أن شاهدنا تحديًا آخر، one bite أو “القضمة الواحدة”، الذي انتهى بمأساة، عندما فقد الطفل جو سكاف حياته، بعد اختناقه أثناء محاولته تناول الكرواسان وتنفيذ هذا التحدي. فما سبب “هوس” أطفالنا بتحديات تيك توك والعالم الافتراضي الأخصائية النفسية روبى بشارة، عبر لـ “لبنان 24” تؤكد أن “حياة الإنسان اليوم تشهد تحولات سريعة تتناقض مع طبيعته النفسية والصحية، حيث أصبحت الثوابت النفسية التي نلجأ إليها دائماً، وكذلك الثوابت الصحية التي يجب أن تتماشى مع الاتجاه الصحيح، مهددة بتأثيرات خارجية. اليوم، نلاحظ انتشار العديد من المحتويات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي، التي أصبحت سهلة الوصول بشكل يتجاوز الحدود الزمنية والمكانية، مما يؤثر بشكل كبير على حياتنا، شئناً أم أبينا”. موضحةً أن “المشكلة تكمن عندما يبدأ الإنسان في تقليد هذه العوالم الافتراضية بشكل مفرط، مما يؤدي إلى انحراف عن طبيعته وتوازنه النفسي.” أما في ما يخص اصرار الأطفال على المشاركة في تحديات الـ”TikTok”، كشفت بشارة أنّ “هذا العمر يعد مرحلة حساسة ومهمة، حيث يبدأ الطفل في محاولة إثبات نفسه وإظهار قوته، فيسعى لتأكيد وجوده أمام أصدقائه ومجتمعه”، مشيرة إلى أنّ “هنا يظهر دور فكرة “التماثل” ، حيث يشعر الطفل بالحاجة إلى الانتماء إلى مجموعة معينة لكي لا يشعر بالغربة. ولتحقيق ذلك، يبدأ في تحدي نفسه لإرضاء أصدقائه، فيتفاعل مع ما يشاهده ويقدمه من محتوى ليحظى بقبولهم”. تابعت: “لكن مع ظهور هذه التحديات، يصبح الهدف الذي يسعى إليه الطفل بعيد المنال، ويواجه صعوبة في الوصول إلى تلك الصورة المثالية التي يشاهدها على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي في الغالب تكون غير واقعية. وبما أن الكثير مما يعرضه العالم الافتراضي تمثيل أو خيال، فإن الطفل يتأثر بما يشاهده ويسعى لتحقيقه رغم أنه يفوق قدراته الواقعية. وهذا ما يتجسد في حادثة الطفل “جو “.

وإعتبرت بشارة أنّه “إذا أردنا فهم كيف يجب أن يكون التفاعل بين الأفراد، وكيف ينبغي أن ينطلق الطفل من مبادئ واضحة ليتمكن من التعرف على نفسه وفهم ما يقبله وما يرفضه، يتعين عليه أن يدرك أنه يتعرض باستمرار لمؤثرات متعددة يتبناها أو يتفاعل معها. وينبغي أن يكون انطلاقه من مفهوم الأسرة، حيث يجد الأب والأم دائمًا إلى جانبهما، يستمعان إليه ويقدمان له لغة تواصل تربوية واضحة. من هنا، يصبح من المهم أن يكون لدى الطفل القدرة على تمييز ما هو مناسب له، وهذا يتطلب من الأهل دورًا أساسيًا في توجيهه”، متسائلة “هل يقوم الأهل بتوجيه أولادهم بشأن ما يجب أن يتقبلوه من وسائل الإعلام المتعددة وما يجب أن يتجنبوه؟ لأن المشكلة تكمن في أن الأهل أنفسهم بدأوا يتأثرون بهذه الوسائل، وأصبحوا بحاجة إلى توجيه لأنفسهم قبل أن يتمكنوا من توجيه أولادهم بشكل صحيح”.
وأوضحت أنّه “من الضروري مراقبة تفاعل الأطفال، بما في ذلك ما يلعبونه وما يتحدثون عنه بينهم، وكيفية بناء شخصياتهم، مؤكدة أنّه”إذا لم يتفاعل الأطفال مع بعضهم البعض بشكل طبيعي بعيدًا عن العالم الافتراضي والتحديات الغريبة على منصة الـ “Tik Tok”، فإن ذلك سيؤثر على تطورهم النفسي”.

وفسرت بشارة أنّه “من المهم هنا أن نُفهم الطفل أنه لا يجب عليه تحدي جسده أو تحميله ما يفوق قدرته. يجب أن يشرح له الأهل بشكل واضح مفهومه عن نفسه وهويته، ويُعلمونه أنه ليس من الضروري أن يشبه الآخرين. كما ينبغي أن يوضحوا له أهمية عدم “الهوس” بعالم التريندات والتحديات على “TikTok”، وأن يحافظ على توازنه الشخصي بعيدًا عن ضغوط هذه الظواهر”. أضافت :”بالطبع، لا يعني ذلك أنه يجب أن نمنع أطفالنا من التفاعل مع التطور التكنولوجي، بل يجب أن نحرص على مراقبتهم وتوجيههم بشكل صحيح، مع تقديم التفسير والتعليم اللازمين”، مُنبهةً “الأهالي إلى أهمية توجيه أبنائهم نحو البرامج الثقافية والمحتويات الهادفة التي تساهم في تنمية ثقافتهم وتوسيع آفاقهم وتجنب المحتويات السطحية أو الضارة التي لا تضيف قيمة حقيقية لحياة الأطفال”. بإختصار، أصبح العالم الافتراضي أسرًا لا مرئيًا يلتف حول حياتنا جميعًا، حيث يخطف وقت أطفالنا لدرجة أنه بدأ يخطف أرواحهم. هذا العالم الذي بدا وكأنه مجرد وسيلة ترفيه أو اتصال، تحول مع مرور الوقت إلى فراغ يبتلع الوعي والروح. لقد أحدث شرخًا عميقًا بين الأهل والأطفال، وأدى إلى انفصال كبير في العلاقات الإنسانية، فتراكمت الفجوات العاطفية والفكرية بين الأجيال. فهل سنشهد المزيد من الكوارث نتيجة لهذه البرامج والتحديات؟

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى