قضية محورية تهدد حياة اللبنانيين.. الأمن الغذائي على المحكّ
يشكّل الأمن الغذائي أحد التحديات الكبرى التي يواجهها لبنان في ظل الأزمات الاقتصادية المستمرة والصراعات المسلحة. ومع تدهور الوضع الاقتصادي منذ عام 2019 وتفاقم الأزمة جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان في 2024، شهد الأمن الغذائي في البلاد تدهورًا حادًا، مما أثر على حياة ملايين اللبنانيين.
وفقًا للتقارير الدولية، يعاني نحو ثلث سكان لبنان من انعدام الأمن الغذائي الحاد. إذ يشير تقرير “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في لبنان” إلى أن حوالي 1.65 مليون شخص يعانون من مستويات أزمة أو طوارئ من انعدام الأمن الغذائي، وهو ما يتطلب تدخلًا عاجلًا.
وقد أظهرت الأرقام أن الأوضاع أصبحت أكثر صعوبة بالنسبة للاجئين السوريين والفلسطينيين في لبنان، حيث يعاني نحو 40% من هؤلاء اللاجئين من انعدام الأمن الغذائي، مما يزيد من الضغط على موارد الدولة التي تعاني بالفعل من أزمات متعددة. كما أن الظروف الاقتصادية التي أدت إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 34% منذ عام 2019، أسهمت في تفاقم الوضع المعيشي العام.
ويرجع التدهور في الوضع الغذائي إلى عوامل عدة، بما في ذلك تدمير البنية التحتية الزراعية في مناطق عدة بسبب الأعمال العدائية، وكذلك تراجع القدرة على توفير الغذاء نتيجة للأزمات الاقتصادية المتتالية.
وفي هذا الإطار، واستناداً لأرقام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو)، فإن “70 بالمئة من القطاع الزراعي في لبنان تأثر بشكل مباشر وغير مباشر، وآلاف الهكتارات قُضيَ عليها بشكلٍ كاملٍ أو شبه كاملٍ، وإن 65 ألف شجرة زيتون أحرقت بالكامل نتيجة القصف بالفوسفور الأبيض المحرَّم دولياً، وأيضاً القصف بالقنابل العنقودية التي ستدفع حتماً الحكومة ووزارة الزراعة إلى العمل طويلاً لتنظيف هذه الحقول الشاسعة”.
وعن الأكثر تأثراً بضعف الأمن الغذائي، فالأطفال والمراهقون هم الفئات الأكثر بروزاً، حيث أظهرت دراسات حديثة أن ثلاثة من كل أربعة أطفال دون سن الخامسة يتبعون أنظمة غذائية تفتقر إلى التنوع، مما يعرضهم لخطر التقزم والهزال. هذا يشكل تهديدًا كبيرًا على الصحة العامة في لبنان ويؤثر على المستقبل التنموي للبلاد.
في مواجهة هذه الأزمة، تبذل العديد من المنظمات الدولية مثل برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) جهودًا حثيثة لدعم لبنان في تلبية احتياجات السكان المتضررين. فيتم توفير مساعدات غذائية من خلال وجبات ساخنة، إمدادات غذائية، ومساعدات نقدية للأشخاص المتضررين، مع خطط لزيادة عدد المستفيدين في المستقبل.
كما تعمل السلطات اللبنانية، بالتعاون مع المنظمات الدولية والمحلية، على تطوير برامج تهدف إلى دعم القطاع الزراعي وتوفير سبل العيش للمزارعين المتضررين، بالإضافة إلى تنفيذ مسوحات لتحديد الأضرار الزراعية وتعويض المتضررين.
وفي الخلاصة، وفي ظلّ غياب إصلاحات جذرية، سيبقى الأمن الغذائي في لبنان قضية محورية تهدد حياة شريحة واسعة من المواطنين والمقيمين.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook