“بوريس”.. إنسان آلي يمكنه تعبئة غسالة الصحون
- مايكل إير
- مراسل بي بي سي للشؤون العلمية
شهد المهرجان البريطاني للعلوم الكشف عن إنسان آلي يمكنه أن يعمل على تعبئة جهاز غسل الصحون، وذلك بحسب ما ذكره مطوروه.
ويأتي الروبوت “بوريس” في طليعة الروبوتات في العالم التي يمكنها أن تتحكم بذكاء في الأشياء الغريبة عليها بقبضة أشبه ما تكون بقبضة الإنسان.
وطُور هذا الروبوت من قبل باحثين في جامعة برمنغهام.
ويعمل الفريق أيضا على روبوت آخر يدعى “بوب”، وهو روبوت مستقل بذاته استكمل مؤخرا عمله في شركة “جي فور اس” للخدمات الأمنية.
وقال جيريمي وايات، الأستاذ بمدرسة علوم الكومبيوتر : “يعتبر هذا أول ظهور للروبوت بوريس أمام الجمهور”.
واستغرق تطوير هذا الروبوت خمسة أعوام وبلغت تكلفة تطويره 350 ألف جنيه استرليني.
ويمكن للروبوت بوريس أن “يرى” الأشياء بأجهزة تحسس عمق مثبتة على وجهه ومعصميه. وخلال عشر ثوان، يقوم بوريس بحساب ألف طريقة تقريبا يمكنه من خلالها أن يمسك بأصابعه الآلية الخمسة بجسم جديد، ويحدد طريقا لحركات ذراعه للوصول إلى هدفه وتفادي العقبات التي تواجهه أثناء ذلك.
وأوضح البروفيسور وايات: “لم يبرمج هذا الروبوت على التقاط الأشياء، بل جرت برمجته على أن يتعلم كيف يلتقطها”.
أما المهندس الباحث ماكسين آدجيغبل، الذي شارك في تصميم الروبوت، فقال: “يمكن لهذا الروبوت أن يرى الأشياء، كما أنه دُرب على التقاط الأجسام بطريقة معينة،” بحيث يقارنها بما تعلمه، ومن ثم يقوم بالتقاطها”.
ويأمل البروفيسور وايات والمتعاونون معه في العمل بمشروع “باكمان” الدولي أن يتمكنوا من إنجاز هدفهم الطموح بحلول أبريل/ نيسان عام 2015.
وقال: “يتمثل هذا الهدف في جعل الروبوت قادرا على ملء غسالة الصحون”.
وأضاف وايات: “تكون أمامك مجموعة من الأشياء مبعثرة على طاولة الطعام في المطبخ، ومن ثم سينظر الروبوت في تلك الأشياء ويحدد الشيء الذي يريد التقاطه ليضعه في مكانه المناسب داخل غسالة الصحون”.
وعن السبب وراء جعل الروبوت يقوم بمهمة المطبخ هذه دون غيرها، قال وايات إن ذلك “لا يرجع إلى كون هذه المهمة أصبحت ضرورة اجتماعية أو اقتصادية في الوقت الحالي، بل لأنها مهمة يقوم بها البشر، بحيث تتطلب هذه المهمة أن يستغل الإنسان قدرات تطورت لديه على مدار مئات الملايين من السنين”.
وتابع قائلا: “لذا فإنه وبوضع هذه القدرات في روبوت واحد، فإننا نأمل أن تكون الروبوتات أكثر مرونة في المستقبل”.
بيد أن الروبوت بوريس، كما هو الحال مع البشر، يجد أن أدوات تناول الطعام صغيرة نوعا ما.
ويعترف وايات بأن “الصحون تتميز بأشكال متناسقة”، إلا أنه يعتقد أنه “قد يكون من الصعب على الروبوت التعامل مع أجسام أخرى دقيقة كالشوكة والسكين”.
التعامل مع المجهول
ويرى وايات أن “بوريس” يمثل جيلا ثالثا من الروبوتات.
فالجيل الأول يتمثل في الآليات الصناعية التي تقوم بمهام محددة، ومن ثم فإن السيطرة عليها تكون أكثر دقة.
أما الجيل الثاني فيضم الطائرات بدون طيار، والسيارات ذاتية القيادة وغيرهما من الروبوتات الآلية المتنقلة التي “يمكنها أن تتحرك في عالمنا وتشاركنا إياه، على الرغم من أن هذا العالم أصبح مليئا بالأشياء الجديدة”.
إلا أن استفادة الروبوتات من عالم يشاركهم فيه البشر وقيامهم بمهام جسدية كالبشر يتطلب وجود جيل جديد منها. وسيكون عليها أن “تتعامل مع كل ما يقدمه البشر للبيئة”، وتابع وايات أن “لدينا عالما غير منظم، وسنكون في حاجة إلى تكنولوجيا يمكنها أن تتعامل مع ذلك”.
كما قدم فريق الباحثين أيضا إنسانا آليا جديدا شديد الذكاء يدعى “بوب”.
ومع أن الروبوت “بوريس” ماهر في الحركة إلا أنه ثابت لا ينتقل من مكانه، أما بوب فلديه عجلات تحمل هيكله بسلاسة لينتقل داخل المنطقة التي تحيط به، ويعمل على رسم صورة دقيقة للأجسام والأشخاص من حوله من خلال اجهزة تحسس للأبعاد تعمل بأشعة الليزر.
وأوضح نيك هاويس، كبير الباحثي في الفريق الذي يعمل على تدريب الروبوت بوب: “يدمج الروبوت هذه الصور داخل خريطة حرارية لديه، تظهر أمامه العقبات التي تواجهه.”
وتعد أكثر العقبات تحديا في مواجهة بوب هي العقبات المتحركة، كالبشر.
وأضاف هاويس: “إذا رأى بوب شخصا ما فإنه يبطئ حركته،” كما أنه يأخذ في الاعتبار المسافة التي يفضل البشر أن يضعوها بين بعضهم البعض.
ويمكن لبوب أن يستطلع بيئة داخلية محيطة به لما يقرب من أسبوع دون أي تدخل من الإنسان، وأن يقوم بعدد من المهام البسيطة ويخرج بالملاحظات.
وأضاف هاويس: “يتمثل الجديد في الروبوت بوب في مستوى الاستقلالية لديه وقدرته على اتخاذ قرارات بنفسه، وقدرته أيضا على القيام بذلك على مدار فترات زمنية طويلة”.
وقام بوب مؤخرا بأول تجربة عمل في مكتب شركة “جي فور اس” الأمنية في غلاوسيسترشير، حيث إنه “كان يقوم بمهام مراقبة هناك على مدار ثلاثة أسابيع”.
إصبع مكسور
وتحدث آدجيغبل عن عدد من المبادئ التي تقترن ببعضها البعض للخروج بإنسان آلي مثل الروبوت بوب، بما في ذلك “الهندسة الميكانيكية والكهربائية والتطوير البرمجي، بالإضافة إلى التحكم أيضا”. وأضاف أن دمج كل ذلك “يتطلب معرفة ولو ضئيلة بكل تلك المجالات، وهو ما يجعل الأمر نوعا ما معقدا”.
إلا أن عددا من الانتكاسات المفاجئة التي لحقت بالمشروع كانت سببا في تعقد الأمور. إذ قال وايات إن “كسرا لحق بخنصر الروبوت في شهر يونيو/ حزيران الماضي، وأن الفريق لا يزال يعمل على إصلاح ذلك، لذا فهو يعمل حاليا بإصبع مكسور”.
ويستمر الفريق في تطوير الروبوت بوريس، حيث يعكف مؤخرا على أن يضيف لديه القدرة على اختيار أفضل طريقة من الطرق الخمس المختلفة للإمساك بالأشياء.
ويعلق وايات: “ذلك أمر توصلنا إليه مؤخرا، إلا أننا لم نفصح عن ذلك حتى الآن”.
ولا يستخدم بوريس ذراعه الأيسر في الوقت الحالي، وهو أمر يحرص فريق الباحثين على تقديمه. فمن أكثر الأمور التي يقوم بها بوريس صعوبة عليه هي التقاط جسم ما ونقله إلى مكان آخر، لذا فإن عمله بكلتا يديه سيعتبر ميزة حقيقية من جميع النواحي. كما أنه يفتقر إلى حاسة اللمس أيضا، وهو ما يعتبر “تحديا حقيقيا” بالنسبة إليه.
وأوضح هاويس أن الهدف طويل المدى من هذه الروبوتات يتمثل في “صنع روبوتات قادرة على القيام بمهام في البيئات التي يعمل فيها الإنسان، كالمكاتب والمستشفيات والمخازن”.
وكان وايات متحمسا لإنجاز ذلك في بريطانيا، وقال: “من الرائع أن تحصل بريطانيا على براءة الاختراع لهذا المشروع، فالمملكة المتحدة تعد من إحدى الدول الرائدة في العالم في هذا المجال”.
مصدر الخبر