موقف الثنائي بعد الاستشارات.. هل تسرّع برفع السقف؟!
قد يكون تصريح رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد من قصر بعبدا، بعد لقاء الرئيس جوزاف عون، خير معبّر عن موقف “حزب الله” الممتعض، إذ رفع السقف إلى الحدّ الأعلى كما لم يتوقّع كثيرون، حيث اتهم البعض، من دون تسميتهم، بالسعي إلى التفكيك والتقسيم والشرذمة والإلغاء والإقصاء، تعنتًا وكيدية وتربصًا، على حدّ وصفه، قبل أن يخلص إلى معادلة أن “من حقهم أن يعيشوا تجربتهم ومن حقنا أن نطالب بحكومة ميثاقية”.
ومع أنّ كتلة “التنمية والتحرير” لم تجارِ رعد بالأسلوب نفسه، بعد موعدها في الاستشارات، حيث اكتفت بالقول إنّها لم تسمّ أحدًا، باعتبار أنّ النتيجة كانت قد حُسِمت أصلاً، إلا أنّ “صمت” رئيس مجلس النواب نبيه بري بدا معبّرًا إلى حدّ بعيد، فلماذا رفع “الثنائي” السقف إلى هذه الدرجة، مستبقًا حتى وصول الرئيس المكلّف إلى بيروت، وهل “تسرّع” بمثل هذا الهجوم، في وقت كان بوسعه أن ينتظر نضوج الصورة على الأقلّ؟
“الخديعة والانقلاب”
في الساعات الماضية، كثُر الحديث عن “خديعة” و”انقلاب” من جانب المحسوبين على “الثنائي” أو المقرّبين منهم، انطلاقًا من قول النائب محمد رعد في تصريحه من قصر بعبدا “إننا خطونا خطوة إيجابية عند انتخاب رئيس الجمهورية، وكنّا نأمل أن نلاقي اليد التي طالما تغنّت بأنها ممدودة فإذا بها تُقطَع”، في إِشارة إلى اتفاق “ضمني” حصل على هامش جلسة انتخاب الرئيس، على “سلة متكاملة” تشمل رئاسة الحكومة، وتفاصيل أخرى.
وعلى الرغم من أنّ مثل هذا الاتفاق قد لا يبدو “متناغمًا” مع الآلية الديمقراطية المعتمَدة لتسمية رئيس الحكومة، باعتبار أنّ للنواب الـ128 دورهم في هذه التسمية، التي لا يمكن أن “يحتكرها” فريق أو اثنان، فإنّ المحسوبين على “الثنائي” يشدّدون على أنّ مثل هذا الحديث قد لا يكون دقيقًا، لأنّ الاتفاق الذي حصل كان “شاملاً”، بما يتيح السماح للعهد بانطلاقة قوية، تنسجم مع خطاب القسم الذي أدلى به رئيس الجمهورية بعيد انتخابه.
ولعلّ الأهمّ من ذلك، وفق ما يقول المحسوبون على “الثنائي” والمقرّبون منه، بمعزل عن أي اتفاقات أو تفاهمات جانبية قد تكون حصلت، هو أنّ الخطوة التي أقدم عليها “حزب الله” و”حركة أمل” في جلسة الانتخاب، هي أنّه التحق بالتوافق الوطني الواسع على قائد الجيش، ما أتاح وصوله إلى قصر بعبدا من دون إشكاليات قانونية، لتكون النتيجة أنّ الآخرين لم يبادلوه بالمثل في استحقاق رئاسة الحكومة، فتجاوزوه بكلّ بساطة، مسجّلين “انتصارًا” عليه.
هواجس “حزب الله”
يتحدّث العارفون عن هواجس كثيرة لدى “الثنائي”، وتحديدًا “حزب الله”، من طريقة مقاربة استحقاق رئاسة الحكومة، تتداخل فيها العوامل الداخلية والخارجية، والتي تتقاطع على التعامل معه وكأنّه “مهزوم ومغلوب”، وهو ما يردّده بعض خصومه صراحةً منذ فترة، ومنهم مثلاً رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، الذي يشدّد دائمًا على أنّ المعادلات كلّها تغيّرت، وعلى أنّ “حزب الله” لم يعد يمتلك النفوذ الذي كان يمتلكه سابقًا.
ووفق المنطق نفسه، يتوجّس “حزب الله” من وجود “يد خارجية” دخلت على خط استحقاق رئاسة الحكومة بعد رئاسة الجمهورية، وهو ما يخشى الحزب أن يكون في سياق “المخطط الكبير” الذي بدأ تنفيذه منذ ما قبل الحرب الأخيرة على لبنان، علمًا أنّ هناك من يردّ على هذه “الفرضية” بتذكير الحزب بأنّ “بيضة القبان” في استحقاق رئاسة الحكومة كان “حليفه السابق” جبران باسيل، إلا إذا كان الحزب أنّ الأخير “يخضع” لقرارات الخارج.
وإذا كان هناك من يتهم “حزب الله” بالتسرّع بالهجوم، ولا سيما أنّ كلام رعد “الغاضب” من بعبدا، فعل فعله لدى جمهور “الثنائي”، الذي لم يتأخر في “التصويب” على الرئيس المكلّف، وصولاً لحدّ “تخوينه”، فإنّ المحسوبين على الحزب يشدّدون على أنّ الأخير ليس بالضرورة المعنيّ بكلام رعد، بل القوى السياسية التي “انقلبت” على الاتفاق، وتجاوزت الحزب بكلّ بساطة، وهو ما يقرع جرس الإنذار بالنسبة إلى الحزب، لما يخفيه من نوايا مبيّتة.
انطلاقًا ممّا تقدّم، يكون لـ”حزب الله” هواجسه ومخاوفه في ظلّ ما يتعرّض له من ضغوط هائلة في هذه المرحلة، وهي هواجس عزّزتها ما يعتبرها “خديعة” تعرّض لها، وكأنّ هناك من أراد “كسره” في مكانٍ ما. لكن أبعد من هذه المخاوف، ثمّة من يرى أنّ الأوْلى بالحزب الآن، أن ينفتح على القوى السياسية الأخرى، وعلى الرئيس المكلف، أقلّه بانتظار انتهاء المشاورات النيابية، ليُبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه..
مصدر الخبر
للمزيد Facebook