آخر الأخبارأخبار محلية

قراءة في انتخاب جوزيف عون رئيسًا.. هل كان باسيل الخاسر الأكبر؟!

أخيرًا، وبعد طول انتظار، انتهى “زمن الفراغ” في سدّة الرئاسة اللبنانية، وقد دام لأكثر من عامين كاملين وشهرين إضافيين، لينتخب مجلس النواب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيسًا للجمهورية، بعد 12 جلسة أخفق فيها عن إنجاز الاستحقاق، في سيناريو تكرّر في الدورة الأولى من الجلسة الـ13، قبل أن تنقلب الصورة في الدورة الثانية، ليفوز عون بتوافق وطني تخطّى الثلثين، وبلغ 99 نائبًا من أصل 128.








 
صحيح أنّ جدلاً واسعًا أثير على هامش العملية الانتخابية، على المستويين السياسي والدستوري، سواء لجهة “الزخم” الذي أحاط بها، وحركة الموفدين العرب والدوليين غير المسبوقة التي رافقتها، أو لجهة الإشكاليّة القانونية المرتبطة بانتخاب قائد الجيش رئيسًا، والتعديل الدستوري الذي يتطلبه ذلك، والاجتهادات الدستورية على هذا الصعيد، فضلاً عن بعض السجالات الدونكيشوتية التي شهدتها الجلسة بين عدد من النواب.
 
إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ “الدخان الأبيض” تصاعد في نهاية المطاف من مجلس النواب، منبئًا بسدّ الفراغ الرئاسي بتوافق أغلبية النواب، توافق بقي رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل خارج مندرجاته، وهو الذي حوّل المعركة إلى “شخصية” مع عون، منذ فتح “البازار الرئاسي”، ولم يحفظ “خط رجعة” إن صحّ التعبير، خلافًا لما فعله “الثنائي الشيعي” مثلاً، فهل يمكن القول إنّ باسيل كان “الخاسر الأكبر”؟!
 
“الثنائي”.. إنجاز معنويّ
 
صحيح أنّ باسيل لم يكن وحده من المعترضين على انتخاب قائد الجيش رئيسًا للجمهورية في الأسابيع الأخيرة، فإلى جانبه كان “الثنائي الشيعي” الذي تمسّك بترشيحه لرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية حتى انسحب الأخير من السباق في ربع الساعة الأخيرة، وكان يشهر في وجهه ما يشبه “الفيتو” إن صحّ التعبير، وكذلك رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الذي لم يبدُ متحمّسًا لعون، خصوصًا عندما اشترط “ترشيحه” من قبل “الممانعة” لينظر في الأمر.
 
وإذا كان جعجع عرف كيف يحفظ موقعه ضمن “التسوية”، بوصفه جزءًا من المعارضة التي أعلنت دعمها لقائد الجيش، ولم يجد صعوبة في ذلك بعدما كان من المبادرين إلى طرح اسمه في مراحل سابقة، فإنّ “الثنائي” أيضًا نجح في الالتحاق بالركب، بطريقة “تدريجية”، بدءًا من المرونة التي أبداها بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة، وصولاً إلى نزع “الفيتو” عن اسمه صراحةً، خصوصًا بعد موقف مسؤول الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا.
 
ولعلّ “الثنائي” نجح في تسجيل “إنجاز معنوي” أيضًا في يوم الجلسة، حين تعمّد تأجيل فوز الرجل إلى الدورة الثانية، فلم يُعطِه أصواته في الدورة الأولى، التي رفعها رئيس مجلس النواب لساعتين، قيل إنّهما “للتشاور”، ليسرّب “الثنائي” خلالهما أنباء عن حصوله على إجابات على تساؤلات وهواجس كانت لديه، ويعطي قائد الجيش بموجبها “ما يكفي” من الأصوات لضمان فوزه، ولكن أيضًا لإيصال رسالة واضحة للقاصي والداني، عنوانها أنّ أيّ توافق لا يمكن أن يكتمل من دونه.
 
باسيل.. “الخاسر الأكبر”
 
وبخلاف “القوات اللبنانية” و”الثنائي الشيعي”، بدا أنّ “التيار الوطني الحر” بقي خارج معادلة “التسوية”، وهو ما يتحمّل رئيسه الوزير السابق جبران باسيل مسؤوليته، بعدما رفع السقف حتى النهاية في المواجهة مع عون، على امتداد الأشهر الماضية، ليخسر في النهاية المعركة، ويخسر معها كلّ الأدوار التي حاول أن يلعبها، من الموقع “الوسطي” الذي لم يبدُ متناغمًا معه، وصولاً إلى موقع “بيضة القبان” أو “الناخب الأول”، الذي افتقده بامتياز.
 
وإذا كان هناك من حاول القول إنّ باسيل “ربح نفسه” على الأقلّ، وهو الذي بقي منسجمًا ومتناغمًا مع المبادئ التي أعلنها منذ اليوم، لجهة رفضه ما اعتبرها “مخالفة الدستور” من خلال انتخاب عون، وبالتالي رفضه “الخضوع” للضغوط التي قيل إنّها مورست عليه لتغيير موقفه، فإنّ هناك من يعتبر أنّ الذريعة “باطلة”، باعتبار أنّ “التيار” سبق أن ارتكب ما يعتبرها “مخالفة” عند انتخاب ميشال سليمان رئيسًا، بالطريقة نفسها، ومن دون أن يرفّ له جفن.
 
من هنا، يقول العارفون إنّ باسيل قد يكون فعلاً “الخاسر الأكبر” من هذه المعركة الانتخابية، وهي خسارة تأتي لتتوّج سلسلة من الخسائر التي تكبّدها خلال الآونة الأخيرة، خصوصًا بعد تقلّص عديد كتلته النيابية، التي لم تعد تنافس على لقب “الكتلة الأكبر”، لتصبح الخيارات أمام الرجل محدودة، وهي بالمجمل تقوده إلى صفوف المعارضة، التي يقول إنّه “يفضّلها” على السلطة، ولو أنّ ممارساته على مدى السنوات الماضية تناقض هذا الرأي.
 
يفضّل الكثيرون الحديث عن “ربحٍ صافٍ” في انتخاب الرئيس، بعيدًا عن أيّ “خسارات” تكتيكية لهذا الفريق أو ذاك، فالربح هو للوطن، الذي ارتاح أخيرًا من شغورٍ أثقل كاهله، والذي بات بإمكانه أن يتنفّس الصعداء، مع بدء ترتيبات مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، علمًا أنّ عناوين خطاب القسَم للرئيس العتيد تبدو “جامعة” إلى حدّ بعيد، فهل يتلقّف باسيل هذه الكرة، ويفتح صفحة جديدة لمصلحة البلد، أم أنّ النكايات السياسية ستطغى مرّة أخرى؟!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى