آخر الأخبارأخبار محلية

جوزاف عون الرئيس الرابع عشر

أثبت رئيس مجلس النواب نبيه بري مرّة جديدة أنه مهندس تدوير الزوايا من دون أي منازع. فقد لعبها صح عندما أرجأ الجلسة الانتخابية في دورتها الثانية لساعتين. ففي الجلسة الأولى صبّ نواب كتلتي “الوفاء للمقاومة” و”التنمية والتحرير” أصواتهم لصالح الورقة البيضاء. وهذا الأمر حال دون تمكّن قائد الجيش العماد جوزاف عون من حصوله على تصويت ثلثي النواب زائدا واحدًا. أمّا وقد وصلت رسالة بري إلى من يجب أن تصل إليه فتحوّلت الأوراق البيض في الدورة الأولى لمصلحة “التوافق الوطني” من خلال الـ 71 صوتًا، التي اعتبرت بمثابة استفتاء مبدئي عمّا ستكون عليه مرحلة ما بعد 9 كانون الثاني، الذي سيدخل كيوم تاريخي في سجل الأحداث الإيجابية من عمر الوطن، وإن كانت هذه الأحداث قليلة ولا يتخطّى تعدادها عدد أصابع اليد الواحدة.









ولأن مصلحة الوطن فوق أي اعتبار لم يؤخذ بالرأي الذي أبدته كتلة “لبنان القوي”، والتي عبّر عنها بوضوح النائب جبران باسيل في بداية الدورة الأولى حين كرّر رفضه خرق الدستور. ولأن البلاد تمرّ اليوم بمرحلة هي من أخطر المراحل في تاريخها الحديث والقديم تمّ تجاوز الإشكالية الدستورية، وفق ما بات عرفًا بالنسبة إلى اسقاط المهل الدستورية، التي اعتمدت يوم تم انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية سنة 2008.  

وما أقدم عليه الرئيس بري، وهو البرلماني “العتيق”، في الدورتين الأولى والثانية من الجلسة الرئاسية، سيقرّش حتمًا في السياسة، ومع بداية عهد جديد، وعلى أسس جديدة، والتي ستتوج بسلسلة من التوافقات في المرحلة المقبلة من الحياة السياسية المحفوفة بالمخاطر. وقد يكون السهر على تطبيق وقف النار وتطبيق القرارات الدولية من بين أولويات الرئيس الجديد، بعد تكليف رئيس جديد للحكومة وفق نتيجة الاستشارات النيابية الملزمة، والذي سينصرف تلقائيًا إلى تشكيل حكومة تتناسب وخطورة ما يمرّ به الوطن.

ولأن يد رئيس الجمهورية لا تصّفق وحدها فإن المرحلة الجديدة تفرض تعاون الجميع في عملية الإنقاذ كما جاء في مداخلة رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميل في بداية الدورة الأولى. وبهذه الروحية يبدأ الرئيس جوزاف عون عهده المدعوم مسبقًا دوليًا وعربيًا، والذي نال في الدورة الثانية 99 صوتا بعدما صوت له في الدورة الأولى 71 نائبًا توافقوا على أن العماد عون، واستنادًا إلى تجربته الناجحة في قيادة الجيش، هو رجل المرحلة.

فعملية الانتخاب اليوم ما هي سوى خطوة أولى في مسيرة الأف ميل. ولكي تأتي الخطوات اللاحقة متطابقة مع روحية العملية الانتخابية، واستنادًا إلى ما يواجهه لبنان من استحقاقات تبدأ بإعادة إعمار ما هدّمته إسرائيل في حربها المفتوحة في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت، على أن تواكبها ورشة إصلاحية شاملة بعد دعوة جميع المكونات السياسية إلى مؤتمر وطني جامع في القصر الجمهوري لرسم خارطة طريق تبدأ بمصارحة حقيقة وطرح كل الهواجس على الطاولة الرئاسية في بعبدا للانتقال بعدها إلى مصالحة حقيقية على أساس معادلة جديدة تقوم على ثوابت وطنية جامعة للقواسم المشتركة بين اللبنانيين، وذلك بعدما أثبتت تجارب الحرب الإسرائيلية على لبنان بأنه “لا يحّن على العود إلا قشره”، أي أن لا غنى عن التضامن اللبناني – اللبناني. وهذا ما خبره أهل الجنوب والضاحية والبقاع عندما احتضنهم أخوتهم في الوطنية.

فالرئيس جوزاف عون، الرئيس الرابع عشر للجمهورية، يأتي من تجربة ناجحة، وهو غير مثقل بأي التزامات مسبقة، وهو متحرّر من أي ارتباطات لا تصّب في خانة وحدة الوطن ومنعته وسيادته واستقلاله وتحرير أرضيه. وكما كانت تجربتة ناجحة في اليرزة فإن الآمال معلقة عليه في تجربته الثانية في بعبدا، على أن يكون تعاونه مع الرئيس الذي سيكّلف لتشكيل حكومة الإنقاذ على غرار ما كان عليه تعاونه مع الرئيس نجيب ميقاتي، الذي وضع نصب أعينه طيلة فترة محنة الشغور الرئاسي مصلحة البلد قبل أي أمر آخر من خلال تعاونه الدائم مع قيادة الجيش للحفاظ على الاستقرار العام في البلاد.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى