الجمهورية: الأمتار الاخيرة لـ"برمودا" التأليف.. والمؤلفان يتبادلان الاتهام بالتعطيل
وطنية – كتبت صحيفة “الجمهورية” تقول: إنهارت فجأة أمس قصور الرمال الحكومية مع ارتفاع موج البيانات المتبادلة بين عون وميقاتي، وبدل ان تولد الحكومة كما كان متوقعا اشتعلت جبهة بعبدا- بلاتينيوم اللذين تبادلا القذائف السياسية العشوائية التي تطايرت فوق رؤوس اللبنانيين المصطفّين في طوابير الاذلال أمام محطات البنزين. وفيما فوجئ مرجع كبير بالجولة الجديدة من الاشتباك السياسي في وقت كان منتظرا تشكيل الحكومة، قالت اوساط سياسية لـ”الجمهورية” ان السجال الذي اندلع بين عون وميقاتي سيؤدي الى فرملة الإيجابيات التي شاعت قبل السجال في انتظار معالجة آثاره الجانبية واعادة انعاش مساعي المعالجة لآخر العقد التي لا تزال تحول دون اكتمال عقد التشكيل. واستغربت هذه الاوساط انزلاق عون وميقاتي الى حرب البيانات التي طغت على فترة تكليف الرئيس سعد الحريري، في حين كان يُفترض ان العلاقة بينهما مغايرة، إضافة إلى ان معاناة اللبنانيين المتفاقمة بفعل الانهيار الاقتصادي لا تسمح اصلا بهذا النوع من الترف المعيب.
“كلما اجتاز ملف تشكيل الحكومة متراً من امتاره الاخيرة كلما كُشفت النيات اكثر فأكثر، وقد بتنا في “مثلث برمودا” حيث توقفت الجاذبية وسقطت الحجج، والعين على مدى النجاح في امكانية اخراج الحكومة من هذا المثلث قبل ان تضيع فيه ونفقد معها الاتصال”. هكذا وصف مصدر رفيع ما آلت اليه عملية التأليف، مؤكدا لـ”الجمهورية” أنه “طالما لم يتوقف التفاوض بعد يعني ان هناك امل في أن تترتب الامور لأنه في النهاية ستتشكل الحكومة ولن يبقى البلد من دونها”.
وأكد المصدر ان النيات الظاهرة من الطرفين ايجابية، مضيفاً “الله يعين اللواء عباس ابراهيم فهذا التفاوض والتبادل في الحقائب اصعب من التفاوض حول تبادل الأسرى وتحرير الحكومة مهمتها شاقة اكثر من تحرير الاسرى”.
وكشف المصدر ان الحقائب السيادية أُبرم الاتفاق حولها، والنقاش يدور حالياً حول بعض الحقائب المهمة المرتبطة بالمرحلة المقبلة والحقائب الخدماتية على ابواب الانتخابات. ويلخص المصدر ما تبقى من عقد بثلاث نقاط: حقيبتا الشؤون والاقتصاد، الثقة، تسمية الوزيرين المسيحيين.
وتخوف المصدر من “ان يتحول هذا التفاوض الشاق الى ادارة لمعارك خفية تبقي على استقرار سياسي نسبي يوصل بحده الاقصى الى تشكيل حكومة وبحده الادنى يمنع التفجير”، واشار الى “ان الجميع يعلم ان تشكيل الحكومات في لبنان ليس سهلاً، فكيف الآن والبلد مشظّى واستحقاقات كبيرة مرتبطة بمهمة هذه الحكومة من انتخابات الى تفاوض مع صندوق النقد الدولي مروراً بالعقوبات وغيرها من الاجندات التي باتت تحكم مصالح كل فريق”.
فصل جديد
بداية الفصل الجديد من قصة التأليف كانت أمس صدور بيان عن المكتب الاعلامي لميقاتي مما جاء فيه: “يبدو ان البعض مصر على تحويل عملية تشكيل الحكومة بازاراً سياسياً واعلامياً مفتوحاً على شتى التسريبات والاقاويل والاكاذيب، في محاولة واضحة لابعاد تهمة التعطيل عنه وإلصاقها بالآخرين، وهذا اسلوب بات مكشوفاً وممجوجاً”. وأضاف: “دولة الرئيس لم يلتزم بأي أمر نهائي مع أحد الى حين اخراج الصيغة النهائية للحكومة”.
وعلى الاثر أكّد مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان “أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المتمسك باحترام الأصول في تشكيل الحكومات، أعلن اكثر من مرة بأنّه لا يريد لا بصورة مباشرة ولا بصورة غير مباشرة الثلث الضامن”. وأشار البيان إلى أنّ “رئيس الجمهورية يكرّر دعوته الجميع لعدم إلصاق تهمة التعطيل بالرئاسة ولا بشخص الرئيس للتعمية على أهداف خاصّة مضلِّلة ما عادت تنطلي على الشعب”.
وفي ضوء هذين البيانين خيّم على جبهة التأليف مناح سلبي اصيبت معه المفاوضات المكوكية التي يقودها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم بين عون وميقاتي بنكسة قد تعوقها من دون ان تعطلها. وقالت مصادر مطلعة لـ “الجمهورية” انها توصلت الى هذه المعادلة نتيجة عوامل عدة، ابرزها تلك الناجمة عن بعض التسريبات ومنها القول ان بعبدا تنتظر اجوبة ميقاتي على امكان تجاوزه بعض العقبات التي حالت دون ولادة التشكيلة الحكومية كاملة واسدال الستارة على آخر العقد التي كان يجري تفكيكها. وهي التي قادت ميقاتي الى اصدار بيانه ونفيه التوصل الى بعض التفاهمات حول بعض الحقائب والاسماء التي لم تنته بعد، بحسب ما قال ميقاتي في بيانه، متهماً من يسعى الى بث الاخبار الكاذبة. ويضاف اليها ما تركه بيان القصر الجمهوري الذي صدر بعد بيان ميقاتي باقل من عشر دقائق، موحياً بأنه رد على مضمونه وهي مسألة تم تداركها بالتوضيح الفوري من مصادر بعبدا انّ البيان المفصل اعد منذ صباح امس في قصر بعبدا ولم يكن ردا على بيان الرئيس المكلف كما اكدت مصادر بعبدا لـ “الجمهورية”. وكان ذلك قبل ان تضاف الفضيحة التي كشفها النائب جهاد الصمد عن احالة القاضي بسام مولوي المرشح لوزارة الداخلية الى التفتيش القضائي.
العقد الجديدة
وفي التفاصيل التي استجمعتها “الجمهورية” من مصادر متعددة ان اللواء ابراهيم الذي زار ميقاتي مساء أمس نقل الى رئيس الجمهورية صباح امس مطلبا للرئيس المكلف برغبته بحقيبة الطاقة ان بقي رئيس الجمهورية مصرا على حقيبتي الاقتصاد والشؤون الاجتماعية معا او اي من هذه الحقائب الثلاثة، وهو ما اثبت ان الحديث الذي ساد قبلاً عن انتهاء عملية تقاسم حقيبتي الاقتصاد لميقاتي والشؤون الاجتماعية لعون لم يكن خبرا صادقا يؤكد التفاهم النهائي على هذه الصيغة. وان عون يصر بعد نيله حقيبة الشؤون الاجتماعية على حقيبتي الطاقة والاقتصاد باعتبارهما من الحقائب الاساسية التي سيشارك وزيراها في المفاوضات المقبلة مع صندوق النقد الدولي والصناديق والدول والمؤسسات المانحة حول ملفات مالية ونقدية وشؤون الكهرباء والطاقة الى جانب وزارة المال، وان توزيعة الحقائب الخدماتية توزعت على مختلف القوى من دون ان يكون لرئيس الجمهورية واحدة منها وهي “الإتصالات” مع “المردة”، و”التربية” مع الاشتراكي، “الصحة” مع “المستقبل”، “الاشغال” مع حزب الله و”المال” مع بري، وان اصراره على “الطاقة” بات امرا ملحا وله ما يبرره ولن يتخلى عنها.
توزير يثير عاصفة
واضيفت أمس عقدة جديدة قد تعيد طرح موضع حقيبة وزارة الداخلية مجدداً وقد تثير عاصفة من الردود بعدما دخلت بندا اضافيا على مبادرة اللواء ابراهيم بعدما كشف النائب جهاد الصمد عن جديد يتصل بسلوكيات القاضي بسام مولوي المقترح لهذه الحقيبة وتحذيره المسبق للرئيس المكلف من خطورة التهمة الموجهة اليه.
وقال الصمد في بيانه أنه “يتم تداول اسم القاضي بسام مولوي لتسلم حقيبة وزارة الداخلية والبلديات في الحكومة المرتقبة. إن هذا القاضي تشوبه شائبة الخضوع للنفوذ السياسي، وهو لا يتمتع بأي من المواصفات التي يفترض أن تتوافر في وزراء حكومة يتمتعون بالكفاءة والتجرّد والنزاهة”.
وأشار الصمد، إلى أن “القاضي بسام مولوي أحيل الى التفتيش القضائي، وأصدرت محكمة التمييز قرارا قضت فيه بنقل دعاوى كانت في عهدته بسبب الارتياب المشروع. وقد وضعنا رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في الأجواء، وحذرناه من أن هذا التوزير لا نفهمه إلا أنه جائزة ترضية لأولياء أمره السياسيين الذين ينفذ أوامرهم بدقة متناهية، وتحديدا تيار “المستقبل” وفرع المعلومات”.
وقال الصمد “ان هذا النمط المتبع في تشكيل الحكومة يؤكد ان المنظومة السياسية لا تزال مصرة على غيها وفسادها”. وانتهى الى السؤال: “هل هذا القاضي وفي حال توزيره يؤتمن على اجراء انتخابات نيابية نزيهة وشفافة يريدها اللبنانيون والمجتمع الدولي”.
جواب لعون
وامام مجموعة الملاحظات القاسية التي مست مسيرة تشكيل الحكومة واصل اللواء ابرهيم مفاوضاته وقصد الرئيس ميقاتي ليل امس دون معرفة النتائج التي آل اليها اللقاء وخصوصا ان بين ميقاتي الذي سبق عودة ابراهيم الى مبنى البلاتينيوم مساء فرض نوعا من الضبابية حول امكان تعثر المفاوضات في شأن حقيبة الطاقة وهو ما دعا المتابعين الى ضرورة انتظار ما سيعود به ابراهيم صباح اليوم الى بعبدا من معطيات فان حمل ما يطمئن الى حل هذه العقدة قد ترى الحكومة الضوء في الساعات المقبلة او قبل نهاية الاسبوع.
فصل بين بيانين
وكانت مصادر بعبدا قد رفضت وجود اي رابط بين مضمون بيان الذي صدر عن مكتب الإعلام في قصر بعبدا ومضمون بيان ميقاتي وقالت انه جاء ردا على مجموعة من المواقف والتسريبات الاعلامية التي حمّلت رئيس الجمهورية المسؤولية في عرقلة عملية التاليف واصراره على الثلث المعطل، رغم ان بعضا مما جاء فيه شكل مسا بميقاتي لان المقصود في جانب منه “نادي رؤساء الحكومات السابقين” .
لا تأكيد ولا نفي
وفي غضون ذلك وعلى رغم هذه التطورات قالت مصادر مواكبة للإتصالات لـ”الجمهورية” ان لا أحد يمكنه ان يؤكد ولا ان ينفي المناخات التفاؤلية بولادة الحكومة من عدمها، كما ان لا أحد يمكنه تقدير ما إذا كانت هذه الأجواء مفتعلة أم حقيقية، وما إذا كانت موضوعية أم مضخمّة، ولكن الثابت والأكيد ان الساعات والأيام القليلة المقبلة ستثبت صحة هذه المناخات او عكسها، فإذا خرج الدخان الأبيض من اللقاء الـ14 الذي يمكن انعقاده في اي وقت بين عون وميقاتي وصدرت مراسيم التأليف تكون المساعي قد نجحت فعلا في حلحلة العقد، وإلا يكون الهدف من هذا التفاؤل المفرط هو التنصُّل من مسؤولية التعطيل والشروط المرتفعة السقوف.
واضافت هذه المصادر انه إذا صحّت الروايات المسربة عن ان العقدة المتبقية امام تأليف الحكومة تنحصر في حقيبة وزارية من هنا واسم من هناك، فيعني أنه من الخطيئة في مكان عدم ولادة الحكومة، لأن من غير المسموح في ظل أوضاع كارثية تتجه نحو انفجار اجتماعي ان تتم الإطاحة بتشكيلة حكومية برمتها بسبب خلاف حول حقيبة وزارية، وبالتالي هذا التطور الإيجابي إن صحّ حصوله يشكل إدانة للمعنيين بالتأليف في حال عدم الدفع نحو توليد الحكومة فورا، في اعتبار ان ما هو “مبرر” في حال عدم الاتفاق على معظم التشكيلة، لا يصحّ في حال انحسار العقدة بواحدة. فالجهة التي تصرّ على تعميم المناخات الإيجابية متكئة على رمي مسؤولية التفشيل على غيرها لن تنجو من فعلتها المكشوفة إذا كان هذا مقصدها وهدفها، لأنه لا يوجد اي تبرير لا من قريب ولا من بعيد يمكن ان تقدمه للرأي العام بأنها أطاحت تشكيلة تمّ الاتفاق فيها على توزيع معظم الحقائب الوزارية والأسماء لمجرّد عدم الاتفاق على اسم.
وفي مطلق الحالات ما هي إلا ساعات سيظهر معها الخيط الأبيض من الأسود، فإما تصدر مراسيم التأليف، وإما لا حكومة في المدى المنظور ويجب الاستعداد للأسوأ، ومن الواضح ان العهد أراد ان يظهر أمام وفد الكونغرس الأميركي انه حريص على تأليف حكومة سريعا انطلاقا من معرفته بالرغبة الأميركية في قيام حكومة، ورغبته في تحسين صورته لدى الأميركيين، كما الظهور أمام اللبنانيين الذي يمضون يومياتهم في الذل والخوف على أنه لا يتحمّل مسؤولية استمرار الفراغ.
ومن الواضح في هذا المشهد المفعم بتعميم الإيجابيات ان الرئيس المكلّف لم يعد في وارد مواصلة اللقاءات مع رئيس الجمهورية من أجل الصورة ومن دون الوصول إلى النتائج المرجوة، وهذا يعني أن اللقاء المقبل إما ان يكون حاسما في اتجاه صدور مراسيم التأليف، وإما لن يعقد، وتراجع وتيرة اللقاءات بين الرئيسين او توقفها مسألة غير إيجابية، كما ان دخول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط الوساطة يعني ان العلاقة بين الرئيسين وصلت إلى حدها، وان التعاون بينهما لن يُفضي إلى حكومة من دون وساطة، وكل هذه العوامل لا تبشِّر بالخير.
وهناك من يقول ان الهدف من ضخّ الإيجابيات هو حرف الأنظار عن العقدة الأساس التي ما زال الرئيس المكلّف في غير وارد التسليم بها وهي “الثلث المعطل”، فيتم إيهام الرأي العام بأن العقدة تتصل بالحقائب والأسماء، فيما هي في غير مكان تماماً.
باسيل وعبداللهيان
وفي ضوء مجموعة العقد التي ظهرت على جبهة التأليف الحكومي برز الاتصال الذي اجراه رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل بوزير الخارجية الايرانية أمير حسين عبداللهيان، مهنئا إياه بتوليه منصبه الوزاري الجديد. وأفادت اللجنة المركزية للاعلام في “التيار الوطني الحر”، في بيان، أنه تم خلال الاتصال “البحث في اوضاع المنطقة ولبنان. كما جرى التطرق إلى تطورات الوضع في لبنان في ضوء المساعي القائمة لتشكيل الحكومة، وما يصيب لبنان من ضائقة اقتصادية وأزمة سياسية داخلية وخارجية، وظروف صعبة يتوجب العمل والتعاون بين البلدين للمساعدة على الخروج منها”.
تحذيرات ايراني
وفي موقف لافت نقل عن السفير الايراني في لبنان موقفا يتعلق بمصير المازوت الايراني المتوجه الى لبنان، قال فيه: “لن نسمح لأي جهة اقليمية أو دولية أن تمنع عملية نقل النفط للأخوة في لبنان، وهذه العملية في إطار العلاقات الأخوية بين الشعبين الايراني واللبناني”.
كورونا
على الصعيد الصحي سجل التقرير اليومي لوزارة الصحة حول مستجدات فيروس كورونا أمس 1121 إصابة جديدة (1085 محلية و36 وافدة) ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات الى 604409. كذلك سجّل 9 حالات وفيات ليصبح العدد الإجمالي 8070.
=================
مصدر الخبر