آخر الأخبارأخبار محلية

هل سينتج عن الاتصالات بين بري والقوات رئيس وفاقي؟

لم يستوعب كثيرون بعد معاني سقوط نظام البعث في سوريا بهذه السرعة القياسية، وما يمكن أن تكون عليه وضعيتها بعد 55 سنة من حكم كان فيه الرئيسان حافظ وبشار الأسد لولب الحركة في المنطقة حتى قبل عودة دمشق إلى حضن جامعة الدول العربية. وعلى رغم عدم قدرة الأسد الأبن على بسط سيطرته على كامل الأراضي السورية، وعلى رغم الانهيار الاقتصادي، بقي النظام صامدًا طوال ثلاث عشرة سنة. ويعود الفضل في هذا الصمود لعوامل عدّة، وقد يكون أهمها الدعم الروسي، الذي أدّى تدّخله العسكري، وبخاصة طيرانه، إلى تأخير سقوط النظام.

إلاّ أن هذا السقوط الدراماتيكي نتيجة توافق أميركي – روسي – تركي سيكون له من دون أدنى شك تداعيات على المنطقة، وبالأخصّ على لبنان، الذي تربطه علاقات تاريخية بسوريا، وإن شابها الكثير من التوترات في مراحل ما بعد خروج الجيش السوري من لبنان أو حتى أثناء فترة الوصاية. وقد يكون تاريخ 9 كانون الثاني من العام 2025 مفصليًا في مدى “تحرير” الانتخابات الرئاسية من “السطوة السورية”، التي كانت لدمشق كلمة الفصل في انتخابات ما بعد الطائف، ولاسيما عندما تدّخلت سوريا مباشرة في انتخاب الرئيسين اميل لحود والياس الهراوي والتمديد لهما ثلاث سنوات برفع الأصابع في المجالس النيابية التي انبثقت عن “قانون غازي كنعان”، ولم تكن بعيدة عن الأجواء التي توافرت لوصول ميشال عون إلى القصر الرئاسي.

وعلى وقع هذا المعطى الجديد يعتقد كثيرون من المعنيين بالشأن الانتخابي أن جلسة 9 كانون الثاني ستكون حاسمة وسيكون للبنان رئيس وفق مواصفات محدّدة وتنطبق على عدد محدود من المرشحين، الذين يمكنهم أن يتأقلموا مع المتغيرات السريعة في المنطقة، والذين يمكنهم أن يجمعوا جميع المكونات السياسية في حكومة فاعلة وقادرة على مواجهة التحديات، وهي أكثر من كثيرة.

وقد تكون الاتصالات المكثفة التي تُجرى هذه الأيام بين جميع الأفرقاء، وبالأخص بين “القوات اللبنانية” والرئيس نبيه بري والحزب التقدمي الاشتراكي، وإن بعيدًا من الاعلام، مقدمة لإعادة بناء جسور الثقة بين جميع المكونات السياسية، وذلك بعد مراجعة ذاتية ودقيقة لكل ما حصل في لبنان وما يحصل في المنطقة من تغيّرات تتطلب التوافق على اسم رئيس للجمهورية يكون على مستوى خطورة المرحلة الآتية، مع إقرار ضمني من قبل الجميع بأن يدًا واحدة لا تقدر أن تصفق، وبالتالي يجب على الجميع، بحسب مصادر نيابية، قراءة التطورات المتسارعة في المنطقة بعقلانية وموضوعية على أساس الأحجام الوازنة في المعادلات الرئاسية.

فالرئيس بري بات مقتنعًا أكثر من أي وقت مضى بأن لكل حزب أو لكل تيار أو لكل حركة موقع خاص يُفترض عدم تجاهله أو عدم عزله. فأي رئيس لا يكون حاصلًا على تأييد “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”، ولو بالحدّ الأدنى من التوافق الضمني، لن يبصر النور، خصوصًا   أن “حزب الله”، وفق مقربين منه، بات ينظر إلى الواقع من منظار مختلف، وهو لا يزال يحتاج إلى بعض الوقت لكي “يعقلن” خطابه السياسي ويعدّل شعاراته، وبالتالي التعاطي بانفتاح مع التحوّلات الدراماتيكية التي طرأت في الآونة الأخيرة، وأن المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان على وقع التطورات الإقليمية تفرض على الجميع التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي على أسس واضحة، مع ما تحتاج إليه من جهد يبذل من أجل إرساء تجربة تفاهمية من شأنها أن تفتح أفقا أوسع.

وعندما يدعو الرئيس بري إلى رئيس قادر على أن يجمع فإنه يقصد بأن تكون لهذا الرئيس القدرة الفعلية على جمع “القوات” و”الحزب” على طاولة واحدة لمناقشة تحديات المستقبل والاستفادة من إخفاقات الماضي. فهل ينجح الرئيس بري هذه المرّة بإخراج أكثر من أرنب من أكمامه، وهل ستكون جلسة 9 كانون الثاني على توقيت ساعة “ساحة النجمة” أم على التوقيت الأميركي بعد استلام الرئيس المنتخب دونالد ترامب مقاليد السلطة في 20 من الشهر ذاته؟     


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى