آخر الأخبارأخبار محلية

الانتخابات الرئاسية بعد سقوط الأسد.. هل تغيّرت المعادلات؟!

طغى الحدث السوري المتمثّل بسقوط نظام الرئيس بشار الأسد، على كلّ ما عداه من أحداث واهتمامات في العالم منذ يوم الأحد الماضي، وسط مخاوف تبدو “مشروعة” من ضبابية المرحلة المقبلة، حتى إنّه “تفوّق” على أحداث “ساخنة” في المنطقة، كالحرب الإسرائيلية المستمرّة على قطاع غزة، ومفاوضات وقف إطلاق النار التي تشهد تقدّمًا ولو كان بطيئًا، فضلاً عن الخروقات التي تتواصل في لبنان بوتيرة يوميّة.








 
وإذا كان الحدث السوري حجب في الظاهر الاهتمام عن الاستحقاقات السياسية، بما في ذلك استحقاق الانتخابات الرئاسية في لبنان، الذي تراجع في سلّم الاهتمام، فإنّه لم يحجب في الباطن الحركة السياسية المرتبطة بهذا الاستحقاق، والتي يرى كثيرون أنّها شهدت زخمًا وديناميكيّة بعد سقوط النظام، حيث سُجّلت على مدى اليومين الماضيين العديد من اللقاءات والاتصالات التي لم يغب عنها الملف الرئاسي، حتى لو تصدّرها الحدث السوريّ.
 
وربطًا بكلّ تقدّم، ثمّة من يسأل عن “التأثيرات المحتملة” لسقوط النظام في سوريا على الاستحقاق الرئاسي، وما إذا كان من الممكن أن يلعب هذا التطور دورًا في تغيير المعادلات المحيطة بالاستحقاق، ولا سيما أنّ سوريا لطالما كانت إبان حكم الأسد، ولا سيما الأب، بمثابة “المايسترو” المتحكّم باللعبة السياسية ككلّ والانتخابات الرئاسية من ضمنها، فهل يكون غيابه عن الصورة اليوم، “مايسترو” من نوع آخر، ربما عبر “تحرير” الاستحقاق؟!
 
المعادلات تغيّرت…
 
صحيح أنّ العارفين ينفون وجود أيّ علاقة مباشرة بين سقوط النظام في سوريا، والاستحقاق الرئاسي، للكثير من الأسباب والاعتبارات، أولها أنّ سوريا ما بعد خروجها من لبنان في العام 2005 لم تعد تمتلك النفوذ نفسه الذي كانت تتمتع به قبل ذلك العام، وثانيها أنّ النظام السوري المخلوع خسر الكثير من امتيازاته منذ العام 2011، حين أصبح متهالكًا، وانقلب السحر على الساحر، فأصبح هو من يحتاج لمن يلعب دور “الوصاية” عليه.
 
لكنّ الصحيح أيضًا أنّ الحدث السوري، على أهميته، لا يمكن أن يكون بلا تأثير على الساحة الداخلية، ولا سيما على الاستحقاق الرئاسي، بدليل التفاعل اللبناني غير المسبوق مع الحدث، والذي يفوق في حيثيّاته التفاعل اللبناني مع الانسحاب السوري من لبنان في العام 2005، علمًا أنّ هناك من يعتقد أنّ سقوط نظام الأسد لا بدّ أن يؤثّر سلبًا على حظوظ رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، الذي فَقَد بذلك “مظلّة” أساسيّة كان يستند إليها.
 
وإذا كان هناك من يضع هذا الأمر في سياق “تغيّر” في المعادلات، فإنّ العارفين يشدّدون على أنّ ذلك ليس وليد ساعته، فالمعادلات تغيّرت قبل ذلك، وتحديدًا منذ الحرب الإسرائيلية على لبنان، التي أحدثت “انقلابًا” في الموازين، إن صحّ التعبير، بدليل المرونة التي استجدّت بعدها، بعكس “التصلّب” الذي كان يطبع التعامل مع الاستحقاق قبلها، ولو أنّ المعسكرَين يختلفان في تصنيف هذه المرونة، كما يختلفان أساسًا في تقييم نتائج الحرب وتبعاتها.
 
ماذا عن الترجمة؟
 
لا يعني هذا “التغيّر” في المعادلات، إن صحّ، أنّ الانتخابات الرئاسية ذاهبة باتجاه تكريس منطق “الغالب والمغلوب” بشكل أو بآخر، وفق ما يقول العارفون، الذين يلفتون إلى أنّه على العكس من ذلك، يمكن أن يكرّس جوًا أقرب إلى التفاهم، الذي كان مستحيلاً قبل أسابيع قليلة، ولا سيما أنّ الفريقين المتنازعين يدركان اليوم أكثر من أيّ وقت مضى، “خطورة” المنحى الذي يمكن أن تأخذه الأمور، في حال تمّ تغليب منطق “الصدام” على ما عداه.
 
استنادًا إلى ذلك، يلفت العارفون إلى أنّ العنوان الغالب للاستحقاق الرئاسي لا يزال كما كان منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، أي تغليب منطق التوافق والتفاهم في المقام الأول، وهو ما يتقاطع عليه الطرفان في المقام الأول، فـ”حزب الله” الذي يتجنّب إطلاق أيّ مواقف صارمة منذ سقوط نظام الأسد، وقد اكتفى ببيان واحد يدين الاستغلال الإسرائيلي للأحداث، يتعامل بمرونة مع الاستحقاق الرئاسي، وسبق له أن أكّد أنّه يريد إنجازه في الجلسة المقرّرة.
 
وعلى الرغم من المواقف عالية السقف التي تطلقها المعارضة في الأيام الأخيرة، والتي ارتفعت حدّتها بعد سقوط نظام الأسد، والتي تطال أسهمها “حزب الله” نفسه، فإنّ كل المعطيات تشير إلى أنّها تضع خيار التوافق والتفاهم مع الطرف الآخر في المقام الأول، ولو كان ذلك من ضمن سلسلة خيارات تدرسها، علمًا أنّها تشدّد على أنّ هذا التفاهم “مشروط” بتخلي الفريق الآخر عن ترشيح فرنجية أولاً، وبأن يكون المرشح التوافقي “سياديًا” بأتمّ معنى الكلمة.
 
في المبدأ، لا يفترض أن يكون سقوط النظام السوري “لاعبًا حقيقيًا” على خطّ الاستحقاق الرئاسي، الذي لم يعد السوري يمتلك “كلمة سرّه” منذ سنوات، وإن كان كثيرون يعتقدون أنّ “حزب الله” هو من “ورث” الأمر منه. إلا أنّ هناك من يعتقد أنّ هذا الحدث معطوفًا على الحرب الإسرائيلية الأخيرة، لا بدّ أن يترك تداعياته على الاستحقاق، إن لم يكن برفع أسهم هذا المرشح أو ذاك، فعلى الأقل بحسم إنجاز الاستحقاق في الجلسة المجدولة لذلك!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى