آخر الأخبارأخبار محلية

هكذا تُدار معارك جنوب لبنان.. معلومات يكشفها خبراء!

كان التقدم البري الإسرائيلي السريع داخل جنوب لبنان لافتا خلال اليومين الماضيين، إذ وصلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة دير ميماس ومحيطها ليتم قطع الطريق هناك وتحديدا تلك التي تربط منطقة النبطية بالخط الحدودي بين لبنان وإسرائيل.









ما حصل لم يكن عاديا من الناحية الميدانية، فمشاهد الدبابات الإسرائيلية التي رُصدت على الطريق المؤدية من دير ميماس إلى نهر الليطاني تكشف أن هناك جدية إسرائيلية بالوصول إلى مجرى النهر، وهو الخط الذي أرادت تل أبيب العبور إليه بهدف إبعاد حزب الله إلى شماله.

التوغل الحاصل يطرح تساؤلات أساسية عدة، منها، هل سحبت إسرائيل عبر توغلها في جنوب لبنان ورقة الميدان من حزب الله؟ ما هو مخطط إسرائيل من هذا التوغل البري البعيد نسبيا عن الحدود؟ ماذا يقول الخبراء عن التكتيكات التي يعتمدها الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية وإلى أي مدى يتأثر حزب الله بها؟

توغل وليس اجتياحا

يُجمع خبراء عسكريون على أنّ العملية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في لبنان “غير تقليدية”، فهي تشملُ أساليب جديدة من الهجمات البرية مرتبطة بتكتيكات عسكريّة مختلفة.

يقول الخبير الاستراتيجي والمحلل العسكريّ، هشام جابر، لبلينكس إن إسرائيل لا تقوم بعملية اجتياح بري، بل هي تمارس التوغل وتسعى لإحداث خرق ميداني، مشيرا إلى أنه “ليس باستطاعة إسرائيل تنفيذ تقدم ميداني كبير داخل جنوب لبنان، فهي لا تدفع بدبابات وحشود عسكرية كبيرة كي لا يتم تدميرها بشكل سريع من قبل حزب الله، كما أنها لم تسحب ورقة الميدان من الأخير لأنها ما زالت تواجه مقاومة ميدانية من قبله في مختلف المناطق”.

من ناحيته، يوضح الخبير العسكريّ اللبناني عبد الرحمن شحيتلي لبلينكس أن الجيش الإسرائيلي ينفذ عملية “استخباراتية” بالدرجة الأولى، مشيرا إلى أن عملياته التي يقوم بها تستند إلى المعلومات المقدمة إليه من الاستخبارات العسكرية.

شحيتلي يوضح أن “كل ما نشهده في ميدان جنوب لبنان من اكتشاف لبنى تحتية عائدة للحزب مرتبط بتوجيهات الاستخبارات الإسرائيلية التي لديها بنك أهداف معروف داخل لبنان، لكن في المقابل هناك مقاومة تحصل وتاليا فإن حزب الله ما زال موجودا في الميدان وعملياته مستمرة”.

ما هي تكتيكات التوغل الإسرائيلي داخل لبنان؟

في سياق حديثه، يلفت جابر إلى أن إسرائيل تسعى للدخول إلى لبنان من 3 محاور أساسية:

– المحور الأول وهو في القطاع الشرقي من جنوب لبنان، وضمنه دخلت القوات الإسرائيلية من جانب منطقة الخيام ووصلت إلى منطقتي برج الملوك والقليعة حتى دير ميماس.
– المحور الثاني وهو في القطاع الأوسط، حيث تحاول إسرائيل دخول مدينة بنت جبيل انطلاقا من منطقة مارون الراس المرتفعة، لكن الوصول إلى المدينة المذكورة صعب جدا وهناك تجارب عسكرية عدة تشير إلى ذلك.
– المحور الثالث وهو في القطاع الغربي، وفيه تحاول إسرائيل الوصول إلى البياضة قرب منطقة الناقورة الساحلية بعد السيطرة على منطقة شمع.

يشير شحيتلي إلى أن إسرائيل اعتمدت تكتيكا جديدا وهو الالتفاف والمرور ضمن مسارب لا توجد فيها دفاعات لحزب الله بغية التقدم إلى الأراضي اللبنانية.

أما جابر، فيوضح أن إسرائيل دخلت إلى مناطق لم تشهد فيها أي مقاومة من حزب الله حيث لا وجود للأخير فيها مثل دير ميماس وأطراف القليعة.

السؤال الأساسي الذي يُطرح هنا هو التالي: ما الهدف الإسرائيلي من الدخول إلى المناطق المذكورة كدير ميماس وبنت جبيل وشمع؟

تسعى إسرائيل قدر الإمكان للوصول إلى حدود نهر الليطاني وذلك لإظهار انتصار معنوي يفيد بأنها وصلت إلى المنطقة التي تريد إبعاد حزب الله إليها، وفق جابر.

ويضيف: “الوصول إلى دير ميماس على سبيل المثال يعني أن إسرائيل باتت قريبة من منطقة الخردلي التي يمر عبرها نهر الليطاني، لكنها في الوقت نفسه لن تستطيع التقدم أكثر لأن القوات ستُصبح مكشوفة لعناصر حزب الله من التلال المحيطة وستتعرض للقصف والتدمير خاصة من قلعة الشقيف التاريخية”.

ويكمل: “أما الدخول إلى بنت جبيل فله قيمة استراتيجية لدى إسرائيل خاصة أن المنطقة هناك تعتبر قلعة حصينة لحزب الله وتريد إسرائيل الثأر لنفسها بعد ضربات موجعة تلقتها هناك خلال عام 2006”.

ويتابع: “على صعيد الدخول إلى شمع، فإن إسرائيل حاولت السيطرة عليها بهدف التقدم إلى تلة البياضة وتأمينها، علما أن هذه المنطقة مشرفة على الخط الساحلي من الناقورة باتجاه صور”.

ويختم: “بعد ذلك يتم التقدم من البياضة للوصول إلى مشارف صور عبر الخط الساحلي، وهنا ستسعى إسرائيل للقول إنها وصلت إلى حدود الليطاني”.

أما شحيلتي فيقول إن الإسرائيليين يهدفون إلى قطع طرق أساسية في مناطق جنوب لبنان وذلك لعزل المنطقة الحدودية الأمامية عن المنطقة الخلفية، ويضيف “الأمر هذا يتيح لإسرائيل تنفيذ عملياتها الهندسية داخل المنطقة الأمامية بهدف الكشف أكثر عن بنى تحتية لحزب الله وتدميرها قبل الانسحاب”.

بدوره، يشير الخبير العسكري خالد حماده في حديثٍ عبر بلينكس إلى أن وصول القوات الإسرائيلية إلى منطقة الخردلي يمثل تقدما ملحوظا والهدف منه هو فصل قضاء النبطية عن قضاء مرجعيون، موضحا أن أفق المرحلة الحالية تشير إلى وجود رغبة إسرائيلية للسيطرة على مجرى نهر الليطاني.

مجموعات تُقاتل مجموعات

أمام كل ما يجري ميدانيا، فإن ما يتبين بحسب الخبراء الذين تحدّثت معهم بلينكس، هو أن القوات الإسرائيلية تعتمد تكتيكات عسكرية أساسها العمليات السريعة والخاطفة للسيطرة على مناطق معينة تؤمن لهم حرية التحرك، كما أن ما ظهر أيضا هو أن إسرائيل تتجنب إقامة مواقع ثابتة في المناطق التي تدخل إليها كي لا تكون عرضة للاستهداف من قبل حزب الله.

يوضح شحيلتي أن إسرائيل حاولت التمركز في نقاط تُسيطر على المحاور القتالية كما أنها هدفت للعمل “خلف خطوط العدو”، كما يُقال في العلم العسكري، مشيرا إلى أن القوات الإسرائيلية لا تعمل ضمن “سرايا أو كتائب”، بل عبر مجموعات تقاتل بشكل مستقل.

وذكر شحيتلي أن إسرائيل تتجنب “الالتحام المباشر” مع حزب الله لسبب أساسي وهو أن مجموعات الجيش الإسرائيلي مكشوفة بالنسبة لمقاتلي حزب الله الذين يعملون كجماعات مستقلة أيضا، ما يعني أن المواجهة الميدانية قائمة بين مجموعات تقاتل مجموعات أخرى.

إلى ذلك، يقول حماده إن “إسرائيل لم تعد تلجأ إلى تكتيك نقل المعركة إلى أرض الخصم، فهي لا تزجّ بوحدات مدرعة في الميدان كما أنها لا تستخدم قوة الصدم والنار للتوغل”، مضيفا “الجيش الإسرائيلي اعتمد تكتيكات السيطرة على نقاط جغرافية حاسمة، كما أنه يقوم بمناورة بطيئة كي لا تتعرض قواته للخطر”.

حماده يوضح أيضا أن إسرائيل لجأت إلى عناصر الكوماندوس والهندسة ودمرت كل البنى التحتية لحزب الله في كل منطقة دخلت إليها، مشيرا إلى أن “الجيش الإسرائيلي يسعى قدر الإمكان، بحسب تكتيكاته، للحد من المخاطر المترتبة عن المناورة”.

كيف يؤثر التوغل الإسرائيلي على خطوط إمداد حزب الله؟

خلال خطاب له، يوم الأربعاء 20 تشرين الثاني، قال أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم إنَّ الحزب ما زال يقوم بتبديل مقاتليه رغم العمليات العسكرية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن خطوط الإمداد ما زالت متوافرة في المناطق القتالية الأمامية.

في المقابل، فإن التوغل البري الإسرائيلي السريع داخل جنوب لبنان يطرح تساؤلات أيضا عن مدى تأثيره على قدرة تحرُّك حزب الله وخطوط إمداده داخل الجنوب، سواء باللوجستيات أو على صعيد انتقال المقاتلين.

شحيتلي يقول إن مقاتلي حزب الله داخل القرى لن يكونوا بحاجة لدعم لوجستي من خارج مناطقهم، مشيرا إلى أن هؤلاء تحضروا لعمليات عسكرية طويلة من خلال تخزين الذخيرة والأسلحة والمؤن والمعدات طوال السنوات الماضية.

من ناحيته، يقول جابر إن “أبناء القرى من المقاتلين على بيّنة بالحاجيات اللوجستية التي يحتاجونها وهم يعرفون أن الحرب قد تطول ولهذا السبب فإن التحضير المُسبق لها كان قائما، ما يشير إلى أن الميدان ما زال مضبوطا بالنسبة لحزب الله في غالبية المناطق القتالية”.

بدروه، يشير حماده إلى أن “حزب الله” لم يستطع أسر أي جندي إسرائيلي أو أخذ أي جثة للجنود القتلى، مشيرا إلى أن “إسرائيل تسعى من خلال السيطرة على محور الخيام وصولا إلى إبل السقي في محور القطاع الشرقي، لعزل منطقة البقاع شرق لبنان عن الجنوب، وتاليا قطع طريق الإمداد عن حزب الله”.

لكن ماذا عن عمليات التبديل التي تحدث عنها قاسم وهل تأثرت بالتوغل؟

هنا، يقول شحيتلي إنّ “طبيعة الأرض في الجنوب تساعد المقاتلين على الانتقال والتخفي، موضحا أن “هؤلاء هم أبناء القرى ويعرفون تماما تفاصيلها الجغرافية والميدانية”.

أما جابر، فيقول إن التوغل الإسرائيلي يعرقل نوعا ما عمليات انتقال المقاتلين بين القرى لكنه لا يمنعها، ويضيف “المعروف هو أن عناصر حزب الله يعرفون الطرقات والممرات الطبيعية في الوديان، ويمكنهم التسلل في الظلام وإجراء عمليات انتقال في الخفاء”. (بلينكس – blinx)


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى