مبعوث نتنياهو بين موسكو وواشنطن: هل تتخلّى روسيا عن إيران؟
نتنياهو يلتقط تحولًا في العلاقات الروسيّة الأميركيّة
كثيرة هي الأسباب التي تدفع الإسرائيلي لاستقطاب القيصر، فروسيا ليست قوّة عظمى تملك حقّ النقض في مجلس الأمن فحسب، بل هي دولة موجودة عسكريًّا في سوريا وتحت تصرّفها ميناء ومطار، وهناك جهاز أمني بين موسكو وتل أبيب ينسّق عملهما العسكري في سوريا، تجنّبًا للتصادم بين قواتهما. بعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسيّة، سارع الإسرائيلي للتحرك بين موسكو وواشنطن، نظرًا للتغيير الذي سيطرأ على العلاقات الروسيّة الإميركيّة، وفق مقاربة الخبير في الشؤون العسكرية والقانون الدولي أكرم سريوي في اتصال مع “لبنان 24” لافتًا إلى أنّ التفاوض بين الأميركي والروسي كان شبه مقطوع في عهد بايدن، واقتصر على خطّ عسكري ساخن، كي تبقى الحرب الأوكرانيّة مضبوطة دون سقف حرب شاملة. وبوصول ترامب فُتح الباب أمام آفاق جديدة في العلاقات الروسيّة الأميركيّة، من ضمنها ترتيبات الشرق الأوسط، انطلاقًا من المصالح المشتركة التي تجمعهما، كالحدّ من النفوذ الإيراني في سوريا، وهذا ما يبرر التغاضي الروسي المطلق عن الضربات الإسرائيليّة التي تستهدف مواقع إيرانيّة في سوريا.
الفرق بين بايدن وترامب في مقاربتها للدور الروسي فق سريوي”أنّ الأول راوده حلم استنساخ تجربة تفكيك الاتحاد السوفياتي عبر تفكيك روسيا وإضعافها. أمّا ترامب فليس لديه هذا التوجه، وهو يرى أنّ مشكلته الأساسيّة مع الصين، وأنّ دفعَ روسيا إلى الحضن الصيني لا يصبّ في مصلحة الولايات المتحدة. لكن هذا لا يعني أنّ إدارة ترامب ستشرك موسكو بدور فاعل في أيّ اتفاقيّة سلام بين الاسرائيلي والفلسطيني واللبناني، بل ستعمل على حصر الدور الروسي في جغرافيّة سوريا فقط”.
اسرائيل تطلب من روسيا قطع خط إمداد السلاح
أمّا بالنسبة للجانب الإسرائيلي، فالروسي مؤثر لعدّة اعتبارات، منها وجود ما يزيد عن المليون اسرائيلي من أصل روسي، وهو عدد كبير، وهؤلاء على تواصل مع أقارب لهم في روسيا. كما تجمع كلًا من موسكو وتل أبيب اتفاقياتٌ أمنيّة وتفاهمات حول الضربات في سوريا، ومصالحُ مشتركة، يلفت سريوي “من هنا نرى العلاقة متينة بينهما، رغم التقارب العربي الروسي. كما أنّ الوجود العسكري الروسي في سوريا منح موسكو دورًا في المنطقة لا يمكن لأيّ لاعب دولي تجاهله. أما زيارة ديرمر فكانت للحصول على ضمانة روسية بقطع خطّ إمداد السلاح من إيران إلى بيروت عبر سوريا، وأن يكون هناك تعاون بذلك من قبل النظام السوري. والأخير فعّل مؤخّرًا إجراءاته الأمنيّة، مقييّدًا من حرّية حركة الحزب في سوريا، لجهة إخراجه من الشام. لكن هذا لا يعني أنّ المصالح انتفت بينهما، على العكس من ذلك، كما أنّ النظام السوري لن يتخلّى عن هذه الورقة بلا مقابل”.
بين طهران وموسكو مصالح وتضارب والـ “إس-400”
بالتوازي مع العلاقة التي تربط موسكو بتل أبيب، هناك علاقة تربطها بطهران كذلك، عمرها ثلاثة عقود، على رغم التباين حيال بعض الملفات الإقليميّة والدوليّة. في الشق العسكري، يطالب الإيرانيون روسيا بالمساهمة في رفع مستوى الردع العسكري لمواجهة التهديدات الإسرائيليّة، أبرزها مقاتلات سوخوي-35 ، ومنظومة “إس-400” للدفاع الجوي، التي سبق أن أتمّت إيران صفقة شرائهما. وكانت بعض المواقع الإخباريّة الناطقة بالفارسية قد نشرت تقارير عن وصول دفعة من المقاتلات الروسيّة المتطورة ومنظومة إس-400 للدفاع الجوي إلى إيران، وسط صمت رسمي حيال هذه التسريبات. في السياق يرى سريوي أنّ إسرائيل ستتدخل وتستخدم نفوذها لمنع وصول هذه الطائرات إلى إيران، لأنّ امتلاكها يتسبب بمشكلة للطيران الإسرائيلي والأميركي في حال دخولهما الأجواء الإيرانية.
بالخلاصة، قد تلعب روسيا دورًا في وقف إطلاق النار في لبنان، ولكن ضمن جغرافيّة سوريا. أمّا لاحقًا، وفي حال تمت بلورة رؤية أميركية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي في ولاية ترامب، يمكن لروسيا أن تساهم بدور أكبر، انطلاقًا من علاقتها مع حماس والدول العربيّة، ولكن ذلك رهن بالحلّ المستقبلي للقضية الفلسطينية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook