آخر الأخبارأخبار محلية

طالبه بموقف وبيان.. هل ينخرط حزب الله في حملة ضدّ الجيش؟!

في خطابه الثاني بعد تنصيبه أمينًا عامًا لـ”حزب الله” خلفًا للسيد الشهيد حسن نصر الله، كرّر الشيخ نعيم قاسم الكثير من “الثوابت” التي دأب قادة الحزب على تكرارها في الآونة الأخيرة، لجهة تأكيد الاستعداد لحرب استنزاف طويلة، وعدم استجداء وقف إطلاق النار، والتمسّك بمعادلة “إيلام العدو” لدفعه ليكون المبادر إلى طلب وقف الحرب، مضيفًا إليها عدم التعويل على نتائج الانتخابات الأميركية التي جرت هذا الأسبوع للوصول إلى التسوية.

 
لكنّ ما استوقف الانتباه في حديث الأمين العام لـ”حزب الله” جاء في مكانٍ آخر، وتحديدًا في المحور المرتبط بحادثة الإنزال البحري الذي قامت به قوة كوماندوس إسرائيلية في منطقة البترون الشمالية، واختطاف أحد الشبان اللبنانيين، حيث كان لافتًا أنّ الشيخ قاسم لم يتحدّث عن مصير الشاب المخطوف، ولا علّق على ما أثير عن علاقاته مع الحزب، وإنما توجّه إلى الجيش تحديدًا، مطالبًا إياه بإصدار بيان وموقف واضح يشرح فيه ما حصل.
 
ولأنّ كلام الشيخ قاسم جاء بعد ما يصحّ وصفها بـ”الحملة غير البريئة” التي شهدتها منصّات التواصل الاجتماعي بعيد حادثة البترون، وشملت الجيش المعني بحماية الحدود البحرية، وقوات الطوارئ الدولية المعنية برصد انتهاكات العدو الإسرائيلي، فإنّه أثار علامات استفهام عمّا إذا كان الحزب ينخرط في مكان ماٍ في مثل هذه الحملة، وعن مغزى هذا الكلام بالتحديد، وما إذا كان يخفي “رسائل سياسية” من خلفه على أبواب بعض الاستحقاقات الأساسية.
 
“تصويب غير موفّق”؟!
 
بالنسبة إلى معارضي “حزب الله”، فإنّ كلام الشيخ نعيم قاسم انطوى على “تصويب واضح” على الجيش، ولا سيما أنّه قبل مطالبة الجيش بإصدار بيان وموقف “يبيّن لماذا حصل هذا الخرق”، قال إنّه “اليوم لن يتّهم”، وهي عبارة تختزل بحدّ ذاتها نوعًا من “الاتهام المبطن”، ما يعني أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” حاول أن يعطي “مشروعية” للحملة التي كان بعض المحسوبين عليه قد أطلقوها أساسًا، واعتقد كثيرون أنّها “غير منضبطة” إن صحّ القول.
 
أكثر من ذلك، يلفت هؤلاء إلى أنّ كلام الشيخ قاسم المقتضب في هذه النقطة، حمل أيضًا نوعًا من “الإساءة” إلى الجيش، حين طالب الجيش بتوضيح، حتى لو قال “إنه لم يكن قادرًا وإنه كان عاجزًا”، وهو ما يخشى معارضو “حزب الله”، أن يكون ما يريده الحزب أساسًا، باعتبار أنّه يحمل “تبريرًا” لسرديّة الحزب القائمة على تصوير الجيش “ضعيفًا وعاجزًا”، بما يمنح المزيد من “المشروعية” للمقاومة، بوصفها “البديل الضروري” للتصدّي للعدوان.
 
بناءً على ما تقدّم، يعتبر خصوم “حزب الله” أنّ مثل هذا التصويب على الجيش من جانب الأمين العام للحزب لا يبدو موفّقًا، وهو لم يكن في مكانه، ليس فقط لأنّه يعرّض المؤسسة العسكرية مع ما تتمتع به افتراضيًا من حصانة وطنية للاهتزاز، ولكن أيضًا لأنه يضرب الشراكة التي كان هو من يتحدّث عنها بين الجيش والمقاومة، ويدخِل البلاد في متاهات سجالٍ يفترض أن يكون الحزب من يتجنّبه، إلا إن أراد تسجيل “مكاسب سياسية” على حساب الجيش.
 
“لا حملة ولا من يحزنون”
 
في مقابل السردية التي يتبنّاها خصوم “حزب الله”، الذين وجدوا في كلام الشيخ قاسم ما قد يصفه البعض بـ”الثغرة” التي أمكن التسلّل عبرها لتصوير الحزب وكأنّه “ضدّ الجيش”، ينفي المؤيدون للحزب والعارفون بأدبيّاته أن يكون في وارد إطلاق أيّ حملة ضدّ الجيش، أو أن يكون قد انخرط في مثل هذا النوع من الحملات، مشدّدين على أنّ ما قاله الأمين العام للحزب جاء في سياق واضح ومحدّد، ربطًا بحادثة البترون، وهو بالتالي لا يحمل أيّ تأويلات أو تفسيرات.
 
بالنسبة إلى هؤلاء، فإنّ “حزب الله” حريص كلّ الحرص على العلاقة “المتينة” مع الجيش، وهو الذي يعتبر في كلّ أدبيّاته ثلاثية “الجيش والشعب والمقاومة” بمثابة معادلة ذهبية، وهو يرفض التفريط بهذه العلاقة خصوصًا في ذروة الحرب الإسرائيلية التي تُشَنّ ضدّ لبنان بأسره، وليس ضدّه فحسب، كما أنّه يقدّر عاليًا التضحيات التي قدّمها الجيش في هذه المعركة، وقد سقط له العديد من الشهداء في أكثر من مكان، بعضهم تمّ استهدافه بشكل مباشر.
 
إلا أنّ هؤلاء يلفتون إلى أنّ سؤال الشيخ قاسم “الإشكالي” جاء في سياق الحديث عن إنزال البترون، الذي ينطوي على “حساسية استثنائية” بالنسبة إلى “حزب الله”، باعتبار أنّ هذا النوع من الإنزالات، في مناطق لا حضور فعليًا فيها للمقاومة، يمكن أن يشكّل “نقطة ضعف”، خصوصًا أنّ الإسرائيلي تعمّد تسريب الصورة التي التقطها في البترون للإيحاء بـ”انتصار عسكري”، يدرك القاصي والداني أنه عجز عن تسجيله في البترون.
 
يرفض المحسوبون على “حزب الله” إعطاء كلام الشيخ قاسم أيّ أبعاد خارج سياق ما قاله، ويشدّدون على أنّ ما أراده هو دعوة الجيش إلى إصدار موقف، لتحديد المسؤوليات عن خرق البترون ليس إلا. لكنّ خصوم الحزب يعتبرون أنّه لم يكن هناك من داعٍ لمثل هذا الكلام، في هذا التوقيت تحديدًا، خصوصًا أنّ “الرسائل” من خلفه لقائد الجيش تحديدًا، أكثر من جلية، ليبقى الثابت بين الرأيين أنّ “تحييد” الجيش عن الصراعات السياسية يبقى الخط الأحمر!

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى