برّي: 1701 فقط… وكما هو
بحسب ما يصفه، يقول برّي ان اجتماعه بالموفد الاميركي الخاص عاموس هوكشتين الاثنين الفائت (21 تشرين الاول) كان «اكثر من جدّي ووصلنا الى نتيجة ايجابية»، دونما أن يفصح عن فحوى هذه الايجابية، في غير اوانها الآن في انتظار ما سيؤول اليه نقل الرسائل والتفاوض. بيد انه اضاف انه حمّل زائره رسالة واضحة «اختصرتُها بأن العبرة في النتائج». فحوى الرسالة «تمسّك لبنان بالقرار 1701 كما هو وصار الى اعتماده منذ عام 2006 من دون اي تغيير، وتطبيق الافرقاء المعنيين به بنوده كلها كاملة. لا زيادة ولا تعديل ولا ملاحق، بل القرار المعمول به. انا لا اعترف بما يسمونه plus. القرار كما هو».
ووفق رئيس البرلمان، قال هوكشتين، دونما ابداء تعليق، إنه سيحمل الموقف الرسمي اللبناني الى اسرائيل ويعود اليه بجواب «بعد بضعة ايام». وسرعان ما عقّب بّري مستبقاً ما ينتظره: «قد يكون الاسرائيليون بكّروا في الجواب الذي بدأ يصل الينا منذ اليوم التالي (الثلثاء). ما فعلوه في الجنوب وخصوصاً في النبطية وابادة عائلات بأكملها وصولاً الى الطيونة، أفهمونا به ماذا يريدون. ما يحدث لا يصدّق. يدمرون المباني بسكانها».
مع ذلك، لا يبدّد مسحة التفاؤل امام زوّاره، موضحاً ايضاً ان الآلية التي قيل ان هوكشتين طلب مناقشتها واعادة النظر فيها «هي نفسها التي نعرفها واعتمدنا عليها منذ عام 2006 الى الامس القريب. تعتمد اولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً وعاشراً على الجيش اللبناني».
رمت العبارة هذه الى تأكيده ان الجيش وحده المخوّل تنفيذ القرار 1701 بمساعدة القوة الدولية، دونما انتزاع اي صلاحية ميدانية اعطاه اياها قرار مجلس الامن، على وفرة ما قيل في الآونة الاخيرة حيال هذا الشق. اكد برّي ايضاً ان شرط التفاوض ـ وكان لبنان اول مَن استعجل تأكيد استعداده العودة الى تنفيذ القرار ـ هو «وقف فوري شامل وكامل للنار. لن أفاوض وأنا محاصر بزنّار النار، ولا مفاوضات قبل وقف النار كما تريد اسرائيل».
ويضيف من غير ان يؤكد او يكون متأكداً من ان الموفد الاميركي عائد قريباً الى بيروت لنقل الجواب بنفسه، بأن وقفاً شاملاً للنار «يتيح لنا فوراً عقد جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية».
ما يتحدّث عنه رئيس المجلس تُستخلَص منه بضع ملاحظات:
أولاها، ليس تمسّك برّي بالقرار 1701 الا احد وجوه تيقّنه من تواصل الحرب الاسرائيلية على لبنان وليس على حزب الله فحسب، دونما ان يفضي الخلل في توازن القوى فيها وترجيح القوة النارية الاسرائيلية الى العودة بالسهولة المتوخاة الى القرار 1701 على نحو تطبيقه بين عاميْ 2006 و2023. وهو بالفعل ما لا تريد اسرائيل العودة اليه وطلب ادخال قيود اضافية الى آلياته، ومنحها صلاحيات تجاوز بنوده بذريعة الدفاع عن امن شمالها كحقّ التدخّل البرّي في اي وقت ومراقبة الحدود اللبنانية – السورية ومنع حزب الله من اعادة بناء ترسانته.
يؤكد برّي ان المرجعية الوحيدة المعوَّل عليها لوقف النار والانتقال الى استقرار الحدود اللبنانية – الاسرائيلية هو القرار 1701 فقط، ساحباً من التداول اي خوض في القرار 1559، تارة بقوله ان الزمن تجاوزه، وطوراً بأن وروده في متن القرار 1701 لا يعدو احدى الإحالات الى قرارات سابقة لمجلس الامن تُعنى بلبنان. يتقاطع برّي ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ان مرجعية البيانات الوزارية للحكومات المتوالية وجوابها الضمني المتعمّد ايراده فيها في معرض الرد على القرار 1559 الصادر لاشهر قليلة خليت، تمييزها الميليشيات عن المقاومة.
بينما ينعى رئيس المجلس القرار 1559، يتجاهله رئيس الحكومة كما لو ان لا وجود له بقوله ان المطلوب الاكتفاء بالحديث عن القرار 1701. في وجهة النظر الرسمية التي حمّلها المسؤولون اللبنانيون لزوّارهم حتى آخرهم، ان البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة منذ ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري عام 2005 واولاها حكومة ميقاتي عامذاك حتى حكومته الحالية المستمرة منذ عام 2021، استخدمت صيغة موحّدة بفروق لغوية شكلية احياناً، لكن لمضمون واحد هو «حق اللبنانيين في استكمال التحرير» و«مقاومة الاحتلال الاسرائيلي بشتى الوسائل المشروعة». لم تتألف حكومة مذذاك لم تورد العبارة هذه، المتضمنة تأكيد تجاوز القرار 1559 وتمييز الميليشيا عن المقاومة. بذلك، تبعاً للتسويات والمساومات وتقاسم الحصص المبرمة مرحلة بعد اخرى بين افرقاء الداخل، نزعت البيانات الوزارية صفة الميليشيا عن حزب الله – خلافاً لما عناه به القرار 1559 – كي تؤكد انه مقاومة.
وجهة النظر هذه لم تجد صدى وطنياً شاملاً في ظل استمرار انقسام مواقف افرقاء اساسيين من حزب الله. منذ انطلاق «طوفان الاقصى»، حمّلته احزاب مسيحية معارضة مسؤولية توريط لبنان في حرب محتومة قبل ان تمسي بعد 23 ايلول حقيقة مدمرة. في اوقات متقطعة كان الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى جانب هذا الرأي. آخر حلفاء الحزب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل انضم قبل يومين الى الفريق ذاك.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook