إعلان قداسة المسابكيين الموارنة في الفاتيكان اليوم.. طريق الشهادة الإيمانية من دمشق الى عشقوت
التماسُ البطريرك الراعي انسحب أيضاً على الرهبان الفرنسيسكان الثمانية وهم سبعة إسبان ونمساوي والذين استشهدوا مع الإخوة المسابكيين في دمشق على يد مسلّحين مشاغبين إبان الثورة التي اندلعت في العام 1860، فتقرّر تقديسهم إنفاذاً لمبدأ وحدة الشهادة للمسيح من معمودية الماء المقدّس الى معمودية الدم الزكي، فمَن هم القديسون المسابكييون الجدد؟
هم ثلاثة أشقاء علمانيين: فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل، ولدوا في حي مسبك البراني في محلة النصارى بدمشق الذي اشتهر بالأعمال الحرفية، لا سيما صياغة الذهب والفضة وحياكة القماش والتجارة على أنواعها، فعملَ الأخ الأكبر فرنسيس في تجارة الحرير وكان يملك محلاً في خان التُتّن في دمشق، وقد عُرِفَ بنشاطه وحسن إدارته واستقامته فكان موضع ثقة جميع مَن تعاطوا تجارة الحرير في سوريا وفي لبنان أيضاً، يشتري ويبيع بأمانة ويُسدّد المستحقات بصدقٍ ودقّة، فانتدبته البطريركية المارونية لإدارة بعض أمورها المدنية، وولّته عائلات لبنانية من آل الخازن والدحداح والبيطار وأبي اللمع ومراد وطوبيا وطعمه تيسير أعمالها وتصريف منتوجاتها، من هنا كان اختيار الكنيسة الكاثوليكية له شفيعاً “لرجال الأعمال”، وعُرف أيضاً بالجود وغوث الفقراء والمحتاجين والغيرة على بيوت الله مسيحية وإسلامية.
عبد المعطي قضى معظم حياته يعلّم في مدرسة دير الرهبان الفرنسيسكان اللغة العربية، وفي تعليمه كان كثير العناية بشرح مبادىء الدين المسيحي، حاثّاً على حب الله وتجنّب أسباب الخطيئة، ولما تعبَ من التدريس لتقدّمه في العمر فتحَ له أخوه فرنسيس حانوتاً، نقصَ رأسماله بدل أن يزيد لتسامحه في الكيل والسعر خوفاً على “راحة الذمّة” ما استوجب إقفال هذا الحانوت لاحقاً، وقد اختارته الكنيسة شفيعاً “للمعلمين والأساتذة”.
رفائيل وهو الأخ الأصغر للعائلة كان يثابرُ على الصلاة في الكنيسة نهاراً ومع العائلة مساءً، ويخدم باتضاعٍ ووداعةٍ واندفاعٍ بلا حدود واضعاً نُصب عينيه السيد المسيح وأمه العذراء، وهو شفيع “ذوي الاحتياجات الخاصة” كما أعلنت الكنيسة.
“هي رحلة عيش بطولة الفضائل من قبل خدّام الله الثلاثة نحو القداسة من دون حاجة الى إثبات أعجوبة ، على ما يقول راعي أبرشية صربا المارونية السابق المطران غي بولس نجيم ورئيس اللجنة الأسقفية المارونية لقضية الإخوة المسابكيين في لبنان، لكونهم شهداء الإيمان، فهم علمانيون ما يعني أن القداسة ليست وقفاً على الإكليروس بل استجابةً لدعوة المسيح للناس (كونوا كاملين)، وهم شهداء لأنهم اقتبلوا نعمة الاستشهاد بقناعة وشجاعة، وهم أخوة بالدم ما يعني الدعوة الى الأخوة العالمية الشاملة، لعلّ الله كما يقول المطران نجيم يمنّ علينا جميعاً بوحدة القلوب، فنكون يداً واحدة في تحقيق مشيئته، بشفاعة هؤلاء الشهداء من أبناء فرنسيس ومارون، كما على الأرض كذلك في السماء، وقد رُفعوا على مذابح الكنيسة الجامعة قدّيسين بين القدّيسين”.
اللوحة الرسمية
متحدون حول القربان الأقدس
يظهر شهداء دمشق القديسون – ثمانية رهبان فرنسيسكان من حراسة الأرض المقدسة وثلاثة علمانيين موارنة – كأخوية واحدة حول القربان الأقدس. كان للإخوة القديسين مسابكي علاقة ألفة وتعاون وثيق مع الرهبان. كان فرنسيس الممثل الرسمي المعتمد للدير، بينما كان عبد المعطي مربيًا في مدرسة الأطفال وكان رافائيل متاحًا دائمًا للقيام بأي عمل عند الضرورة. في اللوحة، نجد القديس مانويل رويز، رئيس الدير، في الوسط مرتديا وشاحا أحمر ويحمل حق القربان الأقدس. ومن أوراق الاستشهاد، نعلم أنه في مساء يوم 9 تموز 1869، عندما كانوا في حالة خطر شديد، اجتمعوا كلهم في الدير – الرهبان والعلمانيون – في الكنيسة بالذات، للصلاة والاعتراف وتناول القربان الأقدس، كي يجدوا فيه القوة لمواجهة المحنة المعروضة عليهم. عندما اقتحم القتلة الدير، ذهب القديس مانويل رويز على الفور إلى بيت القربان لاستهلاك القطع المتبقية، حتى لا يتم تدنيسها. وقد سقط عند أقدام المذبح نفسه، ضحية الكراهية للإيمان (odium fidei).
تكوين اللوحة
وكإثراء زخرفي يشبه تسلسل طلبة القديسين، تظهر أسماء كل واحد منهم بالأحرف اللاتينية، بما يتوافق مع الشخصيات المعنية. وقد كانت هذه التفاصيل غير الضرورية مطلوبة لربط اللوحة الحالية باللوحة التي رسمتها الراهبات الفرنسيسكانيات مرسلات مريم، في عام 1926 (عام التطويب)، وكانت تظهر فيها بخط صغير أسماء القديسين على هالة القداسة المحيطة برأس كل منهم. بالنسبة للخلفية، تم اختيار لون السماء، بينما تم في الأسفل، نسخ صورة قديمة لمدينة دمشق، تعود إلى القرن التاسع عشر، يظهر فيها أيضاً مكان الاستشهاد والجماعة التي كان يسهر الشهداء القديسون على حمايتها بشكل خاص. (عن صفحة حراسة الأراضي المقدسة)
(اللوحة الرسمية)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook