آخر الأخبارأخبار محلية

موقف ميقاتي من حديث قاليباف… حيط لبنان مش واطي

لم يكن مستغربًا استغراب رئيس حكومة كل لبنان نجيب ميقاتي موقف رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف من ان طهران مستعدة للتفاوض مع فرنسا بشأن تطبيق قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701، خصوصًا أن الذين يعرفون تمام المعرفة بموضوعية ومن دون تحامل ما يبذله من يتلقى بصدره كل السهام الموجهة إليه يدركون أنه يوازن بدّقة متناهية ما يتخذه من مواقف قد يعتبرها البعض، عن خطأ، أنها لا تتماشى مع ما يتعرّض له لبنان من مخاطر، فيما يرى كثيرون من أصحاب الرأي والمشورة أن السير بين النقاط الساخنة في هذا الظرف الدقيق والحسّاس ليس بالأمر السهل على الاطلاق، لأن أي خطأ في التقدير قد يقود لبنان، ومعه جميع اللبنانيين، إلى التهلكة، وإلى ما لا تُحمد عقباه. فكل كلمة تُقال وكل موقف يُتخذ مدروسان بعناية، وتزانان بميزان الجوهرجي. فالظرف المصيري والمفصلي الذي يمرّ به الجميع يتطلب عدم الانجرار وراء بعض المواقف الغرائزية والمتهورة، والتي ستؤدي حتمًا إلى المزيد من التأزيم والتعقيد وصب الزيت على نار الفتن المتنقلة، والتي يبدو أن ثمة من “لا شغلة لديه ولا عملة” سوى تأجيجها ودسّ السمّ في الدسم عبر فبركة الشائعات المغرضة، والتي لا يمكن وضعها في سوى في خانة من لا يريد حقيقة وقف النار، التي تحرق الأخضر واليابس.

Advertisement










من يراقب بدقة الحركة الديبلوماسية، التي يقوم بها الرئيس ميقاتي، من خلال لقاءاته واتصالاته الخارجية والداخلية، يدرك أن لا همّ له سوى وقف إطلاق النار مهما كان الثمن. وللوصول إلى هذا الهدف على الجميع تقدير خطورة ما يمكن أن تقود إليه مفاعيل الحرب، التي أعلنتها إسرائيل مفتوحة على لبنان، غير آبهة بالنداءات الأممية، التي تدعوها إلى إطفاء محركات آلة الموت والدمار، التي تحصد أرواح الأبرياء يوميًا. ومتى اقتنع الجميع بأن الحرب لا بد من أن تحط رحالها في يوم من الأيام، وبأن العنف لم يأتِ ولن يأتي بأي حلّ، يدركون أنه لا بد من الذهاب إلى وقف للنار. ولكن لوقف هذه الحرب أصول وشروط، ويأتي تطبيق القرار 1701 من قِبل إسرائيل أولًا ومن قِبل “حزب الله” ثانيًا، أو بالتوازي، كشرط لازم لضمان عدم العودة إلى “النغمة القديمة”، وإلى التخاطب بالحديد والنار.
وللوصول إلى تطبيق هذا القرار الدولي، الذي على أساسه توقفت الحرب في صيف العام 2006، أصول ومعايير يجب على الجميع احترامها، وبالتالي عدم تخطّي الحكومة اللبنانية بما تمثّله من شرعية دستورية، وعدم السماح لأي كان، لا في الداخل ولا في الخارج، أن “يستوطوا” حيطها، وأن يتجاوزوا الخطوط الحمر المرسومة بدقة. وكل تجاوز لما أُعطيت الحكومة من صلاحيات رئاسية دستورية سيواجه بمثل الموقف الذي اتخذه الرئيس ميقاتي من حديث المسؤول الإيراني، وقد طلب من وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب استدعاء القائم بأعمال السفارة الايرانية في بيروت والاستفسار منه عن حديث قاليباف، معتبرًا “أن هذا الموقف الذي يشكل تدخلا فاضحا في الشأن اللبناني، ومحاولة لتكريس وصاية مرفوضة على لبنان، علما اننا كنا ابلغنا وزير خارجية ايران ورئيس مجلس الشورى خلال زيارتيهما الى لبنان اخيرا بضرورة تفهم الوضع اللبناني، خصوصا وان لبنان يتعرض لعدوان اسرائيلي غير مسبوق ونعمل لدى جميع اصدقاء لبنان ومنهم فرنسا للضغط على اسرائيل لوقف اطلاق النار. فموضوع التفاوض لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 تتولاه الدولة اللبنانية، ومطلوب من الجميع دعمها في هذا التوجه، لا السعي لفرض وصايات جديدة مرفوضة بكل الاعتبارات الوطنية والسيادية”.
ولأن الخارجية الإيرانية قد أدركت مغزى الموقف اللبناني الرسمي، الذي أعلنه الرئيس ميقاتي، تعتبر ان مضامين حديث قاليباف قد حُرّفت.
ولكن وعلى رغم هذا الموقف التوضيحي المنتظر فإن الموقف العالي السقف للرئيس ميقاتي موجّه إلى إيران وإلى غيرها من الدول، التي ستسمح لنفسها بالتعاطي مع لبنان وحكومته الشرعية بفوقية وعنجهية. وقد يكون إشهار سلاح الموقف، رحم الله قائله، أمضى من أي سلاح آخر.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى