ميقاتي ـ قاليباف: لبنان وحده المُفاوض لا إيران
اولى، توقيت تصريحه في مرحلة يصرّ لبنان الرسمي على الظهور امام المجتمع الدولي انه ذو موقف موحد سواء بانضمامه الى البيان الاميركي – الفرنسي في نيويورك (26 ايلول) او البيان الثلاثي (2 تشرين الاول) الصادر عن برّي وميقاتي وجنبلاط بعد ملاقاته بترحيب وطني واسع بالمطالبة بوقف فوري للنار، والذهاب الى مباشرة تطبيق القرار 1701 وارسال الجيش الى الجنوب. اذا كلام قاليباف – غير ذي صفة في الاصل وغير معني بمندرجات القرار وغير مكلف اي دور فيه – يضع لبنان في موقع الدولة العاجزة عن اتخاذ قرار او التفاوض، ويتصرّف على انه هو المؤهل التحدّث عن حزب الله وباسمه – وهو حق ربما لما تمثله ايران من مرجعية دينية وسياسية للحزب – لاتخاذ قرار بوقف النار والضمانات الملازمة لتنفيذه.
ثانية، ليست ايران معنية بالتفاوض على تطبيق القرار 1701 ولا فرنسا رغم انها احدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وتملك حق الفيتو ناهيك بحسب «فيغارو» أنها تضطلع بدور الوسيط بين اسرائيل وحزب الله. مذ صدر القرار اضحى في عهدة مرجعيات ثلاث هي المعنية وحدها بتطبيقه: مجلس الامن صاحب اختصاص الاصدار والمعني بتفويض القوة الدولية المشاركة في تطبيق احكامه، اسرائيل ولبنان الدولتان المكلفتان التزام تنفيذه.
ثالثة، ان الضمانات المفترض تلازمها مع اي وقف للنار عندما يحين اوانه، لا تحتاج الى دور لايران وليست معنية بتوفير اي تعهدات لاستمراره والمحافظة عليه على نحو ما هو منوط بالحكومة اللبنانية، المكلفة وحدها تنفيذ قرار مجلس الامن. ضمانات التنفيذ هذه متبادلة، اسرائيلية ولبنانية في آن وفقط.
رابعة، ما لا يفصح عنه حزب الله، وهو ان اي وقف للنار في الوقت الحاضر يستعيد النتائج التي انتهت اليها حرب 2006 بانسحاب اسرائيل الى وراء الحدود الدولية وانسحاب مقاتليه الى شمال الليطاني، بحيث فُسرّت البقعة الممتدة بين شمال نهر الليطاني والخط الازرق على انها اكثر من حزام عازل كي تُحسب عملياً منطقة فصل بين اسرائيل وحزب الله تتيح لهما في ما بعد العودة الى المواجهة، كما تكرّس توازن الامر الواقع. ذلك ما يحدث الآن. بانتهاء حرب تموز 2006 أثمن ما اعتنى به حزب الله ليس تسليمه بالانسحاب الى شمال نهر الليطاني، بل تمكّنه في اقل من عقدين من الزمن من اعادة بناء قدراته العسكرية ومراتبه القيادية وتدريب قواعده وإثقال اسلحته بما لم تخض به حرب تموز. هو مغزى ما قاله قاليباف للصحيفة الفرنسية، ملمحاً الى رغبته في رؤية وقف للنار في اسرع وقت يوقف تدحرج حرب تدمير الآلة العسكرية كلها لحليفه حزب الله، كي يتيح له لاحقاً اعادة بنائها رغم الخسائر الجسيمة غير المسبوقة والصعبة التعويض المتوالية باغتيال عقول عسكرية مجرّبة ومتمرّسة وقادة ميدانيين كما بتغييب المرجعية التي مثلتها الهالة الاستثنائية لأمينه العام الراحل.
بينما تعمل اسرائيل بضراوة ووحشية غير مشروطتين على ان تكون هذه آخر حروبها العسكرية مع لبنان بالتزامن مع هدفها تصفية الماكنة العسكرية لحزب الله، تريدها ايران واحدة في سلسلة الحروب العقائدية من اجل القضية.
مصدر الخبر
للمزيد Facebook