سلاح الوحدة يظهر في لبنان.. هكذا جمع النزوح أبناء الوطن الواحد

وبحكم وقوع هذه المنطقة في قلب الصراع العربي الإسرئيلي، لم تكن هذه المرة الأولى التي يلجأ فيها أهل الجنوب إلى مناطق أخرى في لبنان، فقد سبقتها حالات مماثلة في أعوام مثل 1978 و1996 و2006، وما بينها مرت فترات استقرار تام أو نسبي.
وعند كل عدوان إسرائيلي كان الجنوبي يلجأ إلى “بيته الثاني” في الداخل اللبناني، سواء عند أقاربه أو أصهاره أو أصدقائه.
وإذا لم تكن لدى أحدهم أي صلة وثيقة فإن المجتمع المحلي والجمعيات الأهلية والأحزاب على اختلافها تفتح لهم البيوت والمدارس كمراكز إيواء، إضافة إلى الباحات والقاعات العامة التابعة للمراكز والأندية والمساجد والكنائس، فضلا عن الرعاية الرسمية.
سلاح الوحدة
وفي هذه الأيام تستمر المحاولات الإسرائيلية الساعية لتفجير الوضع الأهلي عبر الإكثار من الاعتداءات الجوية أو بث أخبار تحريضية وإسقاط مناشير تحمل عبارات التهديد، وذلك في العديد من القرى الجنوبية وقرى البقاع الغربي والأوسط التي حل فيها آلاف النازحين.
ويؤكد جورج خوري -وهو أحد أهالي القرى المضيفة- أن محاولات إسرائيل لن تنجح، قائلا باللهجة الشعبية “يخيطوا بغير هالمسلة” (لا تحاولوا خداعنا)، ويضيف: “لا شيء يمكن أن يثنينا عن واجبنا في تعزيز وحدتنا الوطنية من خلال دعمنا لأهلنا النازحين، نحن باقون رغم أنف العدو”.
ويضيف أحمد جراح، وهو من سكان بلدة المرج التي تستضيف العديد من النازحين: “ربما يطالنا القصف اليوم أو في الآتي من الأيام، لكننا نقول ما يصيب النازحين من مسلمين أو مسيحيين يصيبنا، ونقطة عالسطر”.
من جهته، أعرب محمد دحروج -وهو من سكان قرية القرعون المضيفة- عن ثقته بتخطي الأزمة مهما طالت.
وأضاف دحروج: “في بلدتنا المتنوعة اجتماعيا هناك أكثر من 5 آلاف نازح، وهم على قلبنا مثل السكر، ومكملين لأجلهم ولأجل أولادنا ووطننا”.
بلسموا جراحنا
ويقول علي الخشن – من بلدة سحمر، وهي التي أصابها دمار كبير وسقط فيها أكثر من 10 شهداء وعشرات الجرحى – إنه اضطر للنزوح الى القرعون التي تبعد 7 كيلومترات من قريته، ويضيف: “رغم الألم والخسائر الكبيرة وجدنا عند أهلنا في القرعون ما بلسم جراحنا وأعاننا على مواجهة مصاعب النزوح”.
ويرى محمد عقل – الذي نزح من قريته لبايا إلى جب جنين- أن محاولات العدو الضغط أو التحريض ضد النازحين لن تنفع “فالمجتمع المضيف سبق أن استقبلنا مرات عدة وفي ظروف مماثلة، ولم نجد منه سوى الدعم والمساندة”.
جهود الإغاثة
ويؤكد المجذوب في حديثه للجزيرة نت أن كل نازح من قرى الجنوب أو جنوب البقاع الغربي له بيت في بلدة غزة وقرى اتحاد بلديات السهل، والذي تنضوي في إطاره 12 بلدة، ويردف: “بصراحة مطلقة، العدد الأكبر من النازحين يقطنون في منازل خاصة بالمجتمع المحلي، وعندما فاقت الأعداد قدرتنا على الاستيعاب في المنازل لجأنا إلى فتح مراكز إيواء في المدارس الرسمية بالتعاون مع الجمعيات الأهلية المحلية والعربية والدولية، وهيئة الطوارئ التي شكلها مجلس الوزراء”.
ويضيف: “يتم هذا التعاون وفق آليه مناسبة تحاول أن ترتقي بجهودها إلى حجم الكارثة الإنسانية التي أصابت أهلنا النازحين”.
من جهتها، تحدثت رئيسة مركز الشؤون الاجتماعية في راشيا سوسن أبو حلا عن التنوع الاجتماعي في المجتمع المضيف أو النازحين على السواء.
وقالت أبو حلا للجزيرة نت إن فرق العمل التابعة للمركز والجمعيات الداعمة تقوم بعمل جبار لتأمين الاحتياجات اللازمة، فضلا عن قيام فرق متخصصة تتابع التداعيات النفسية والمعنوية، خاصة لدى الأطفال.
كذلك، حذرت من مخاطر اقتصادية وصحية آتية على أبواب الشتاء، وهو ما يتطلب توفير مستلزمات الشتاء، بما فيها وسائل التدفئة والوقود، خصوصا أن مراكز الإيواء تقع ضمن مناخ قاس شتاء، وموسم الأمطار والثلوج على الأبواب.
أدوار مساندة
ويشير وكيل داخلية الحزب التقدمي الاشتراكي في راشيا عارف أبو منصور إلى فشل محاولات عدة لتوتير المنطقة واستجلاب فتن أو اعتداءات إسرائيلية.
ولفت أبو منصور إلى دور بارز للحزب بالتنسيق مع المجتمع المحلي وفعاليات وأحزاب المنطقة أدى إلى توفير أفضل مناخ للنازحين.
ويوضح أبو منصور أنه منذ بدء تداعيات عملية طوفان الأقصى على لبنان شكّل الحزب التقدمي وبتوجيهات من رئيسه تيمور جنبلاط خلية أزمة لتكون في جاهزية تامة بالتنسيق مع البلدات والقوى السياسة المحلية، لمواجهة تداعيات الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان.
ولفت إلى أن التنسيق على أعلى مستوى مع قيادة الجيش والقوى الأمنية في المنطقة، وذلك بهدف دعم ورعاية الجهود الشعبية والأهلية الهادفة إلى توفير أفضل المناخات والرعاية للنازحين “على أمل أن تزول هذه الغمامة عن كاهل كل اللبنانيين” كما يقول، كما خلت تقارير القوى الأمن من أي إشارة إلى إشكالات أو حوادث في هذه المنطقة المكتظة بآلاف النازحين من جنوب لبنان ومن سوريا على حد سواء. (الجزيرة نت)
مصدر الخبر
للمزيد Facebook