آخر الأخبارأخبار محلية

بيان بكركي بتوقيع الشيخ أحمد قبلان؟

قد يكون حضور نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب والمفتي الجعفري الممتاز القمة الروحية في بكركي في هذا الوقت بالذات، الذي يتعرّض فيه لبنان وبيئة “حزب الله” لأكثر المجازر وحشية في تاريخ الحروب، يوازي من حيث أهمية رمزيته البيان الذي صدر عنها بإجماع الذين حضروها، مسلمين ومسيحيين. وما تضمّنه البيان من مواقف يمكن القول عنها إنها متقدمة من حيث طرحها للأمور بواقعية وجرأة وحكمة جاء نتيجة مداولات عميقة وجدّية سبقت اللقاء – القمة من خلال الملاحظات، التي حملها جميع الحاضرين معهم إلى بكركي، على المسودة التي أرسلت إليهم قبل 48 ساعة من يوم 16 تشرين الأول، وقد أخضعت لمشاورات جانبية مع بعض الفعاليات السياسية، التي لها تأثير مباشر على القرار السياسي في بيئتها. فالرئيس بري المفوض من “حزب الله”، باعتباره “الأخ الأكبر”، يُفترض أن يكون قد اطلع على مسودة البيان الختامي، وعلى الأرجح أنه كانت له بعض الملاحظات الشكلية، ولكنه كان مؤيدًا لما جاء فيه في شكل عام، وإن كان يعتقد أن انتخاب رئيس للجمهورية أمر مستحيل قبل أن تتوقف آلة الموت والدمار الإسرائيلية في حصد الأرواح وفي تدمير البيوت فوق رؤوس ساكنيها. وما المجزرة التي ارتكبها العدو في النبطية سوى الدليل الساطع على أن تل أبيب لا تأخذ في الاعتبار سوى ما تراه مناسبًا لمشروعها التوسعي حتى ولو اقتضى ذلك تدمير كل لبنان.

فما تضمنّه البيان الختامي للقمة الروحية من نقاط وتعابير منتقاة بعناية فائقة عكس الجهد الكبير الذي بُذل للتوفيق بين المواقف المتباعدة بين بعض الرؤساء الروحيين، فجاءت صياغته متمايزة عن بيانات سابقة. ووازنت بين اعتبارها “أنّ العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان يطال كل لبنان وينال من كرامة وعزة جميع اللبنانيين، وأن اللبنانيين بوحدتهم وتضامنهم وتمسكهم بأرضهم ووطنهم قادرون على الصمود وردّ العدو على أعقابه”، وبين “أنّ الحلول للبنان لن تكون، ويجب ألاّ تكون، إلاّ عبر الحلول الوطنية الجامعة التي ترتكز على التمسّك بالدستور اللبناني واتفاق الطائف وبالدولة اللبنانية وسلطتها الواحدة وبقرارها الحر وبدورها المسؤول في حماية الوطن والسيادة الوطنية ومسؤولياتها تجاه شعبها وضمانة أمنه واستقراره وازدهاره”. 

وفي اعتقاد البعض أن الموقف – النداء للقمة الروحية المسيحية – الإسلامية جاء ليشكل حدثاً داخلياً كسر الحلقة المفقودة في لغة التخاطب الداخلي حيال الكارثة التي تحلّ بالوطن، وأقلّه لجهة التوفيق في الخطوط العريضة لما يُفترض أن تكون عليه المواقف السياسية في اللحظة الحربية المخيفة الراهنة.

فما جاء في البند  الثاني من البيان لجهة دعوة اللبنانيين جميعاً إلى إنقاذ وطنهم، تعبّر في شكل واضح عمّا هو مطلوب في مرحلتي الحرب وما بعدها ، “إذ أن الوقت ليس وقتاً للجدل العقيم، والزمن ليس زمن المطالب والمكاسب. الوقت والزمن هما لإثبات جدارتنا بأن نكون لبنانيين موحدين، وأن نستحق انتماءنا لهذا الوطن الذي يغبطنا عليه العالم. الوقت هو وقت التفاهم والتعاون والتلاقي لأنّ الكيان اللبناني بات معرَّضاً للمخاطر والضياع، فأطماع العدو الإسرائيلي ليس لها حدود، لا في الزمان ولا في المكان. الوقت الآن هو وقت التضحية من أجل إنقاذ لبنان، وهو وقت التضامن والتكافل والوحدة. والمطلوب تعزيز ثقتنا بعضنا ببعض، والتعاون لبناء الدولة القادرة والعادلة وتحصين مؤسساتها، ولكي تبقى وحدة الشعب اللبناني هي السلاح الأمضى في الدفاع عن لبنان، وفي تأكيد حقِّه بالحرية والاستقلال والسيادة”.

أمّا ما جاء في البند الثالث بالنسبة إلى “قيام مجلس النواب، وفوراً، بالشروع في انتخاب رئيس للجمهوريـة، يحظى بثقة جميع اللبنانيين وذلك تقيّداً بأحكام الدستور، وبأكبر قدر ممكن من التفاهم والتوافق، بإرادة لبنانية جامعة وعملًا بروح الميثاق الوطني وتغليبًا للمصلحة الوطنية وتجاوزًا للمصالح الخارجية”، ففيه الكثير مما يطالب به الفريق السياسي “المعارض” لجهة التقيد بأحكام الدستور”، من دون إغفال ما يطالب به الفريق الثاني لجهة “التفاهم والتوافق بأكبر قدر ممكن”.

أمّا ما ورد في البند الرابع لجهة المطالبة بأن تكون الدولة “صاحبة السلطة الوحيدة على كامل التراب اللبناني” فكان لافتًا من حيث أهميته في التوقيت والمضمون، خصوصًا أن كل كلمة وردت في البيان حظيت بموافقة كل من الشيخين الخطيب وقبلان، وفي حضور بعض ممن يُعتبرون من الصقور في السياسة اللبنانية أمثال المطران الياس عودة.

وعليه فإن البعض ذهب إلى حدّ القول بأن بيان بكركي يحمل توقيع الشيخ أحمد قبلان المعروفة مواقفه السابقة، خصوصًا أنه قال وهو يغادر بكركي إن مواقف الماضي قد أصبحت وراءنا. وهذا يعني، إيحاءً، بفتح صفحة جديدة في العلاقات التي كانت متوترة بين المرجعيات الروحية الشيعية وبين بكركي.


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى