آخر الأخبارأخبار محلية

مؤتمر باريس على وقع الخلاف الفرنسي – الإسرائيلي

كتبت هيام قصيفي في” النهار”: إحدى المشكلات الأساسية المتأتية عن ظهور الخلاف الفرنسي – الإسرائيلي إلى العلن حول حزب الله تحديداً، تكمن في أنه لم يبق محصوراً في الأقنية المعتمدة، بعد حرص رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الكلام عنه بوضوح. فهو ليس خلافاً دبلوماسياً وسياسياً تقليدياً، بل هو جذري، في مقاربة وضع حزب الله، ما يبقي لبنان عرضة للحرب التي تضربه، وسط معسكرين متناقضين يحاولان فرض إيقاعهما عليه.

ومع بدء التحضير لعقد مؤتمر باريس، وعدا الملاحظات الداخلية الفرنسية على ما يقوم به الإليزيه من خطوات غير مدروسة في ما يخص لبنان، تصبح لهذا الخلاف أهمية مضاعفة، إذ لا تنحصر في رؤية ثنائية لمستقبل الوضع اللبناني، بعد تموضع دول إلى جانب إسرائيل بالمطلق، أو تريث دول أخرى وحذرها من استعجال باريس عقد مؤتمر لا يمكن أن تكون له فائدة في هذا الوقت الدقيق، وبين دول تحاول إقامة توازن بين سعيها إلى رعاية لبنان وعدم تدميره، وفي الوقت نفسه ضرورة انتظار ما ستفسر عنه الحرب الإسرائيلية.

ما تسعى إليه باريس من المؤتمر هو أن يكون لها دور في مستقبل ما يُرسم للبنان. ووسط خلافات في الرؤية بين الإليزيه ودوائر في الخارجية حيال الوضع اللبناني منذ بداية عهد ماكرون، يحاول الأخير إنقاذ ما يمكن إنقاذه من دور فرنسا الخارجي، بعد النكسات التي مُنيت بها في أفريقيا. وهو يخشى أن تفرز الحرب الحالية صورة أخرى للنظام اللبناني أو أي تسوية لا يكون لفرنسا فيها دور، فتخرج من لبنان في عهده، كما خرجت من مالي. ولأن فرنسا اعتادت أن تكون حاضرة أو مؤثّرة خلال الحرب وفي اتفاق الطائف وفي صياغة القرار 1559، وفي مؤتمرات باريس الاقتصادية وتمويل الجيش، فإن السعي اليوم إلى مؤتمر يُعدّ وسيلة للبقاء حاضرة في الساحة اللبنانية، ولكن من دون التبصّر جدياً في أن الاحتمالات الموضوعة اليوم لا قدرة لباريس على مجابهتها وسط الانتقادات الحادّة للدور الفرنسي، إذ إن ثمة عقبات أمام الوصول إلى نتائج ملموسة، تكمن في مواقف متحفظة على «التدخل» الفرنسي، عربياً وإسرائيلياً وأميركياً. فثمة شك في أن يكون للدول العربية اليوم الاهتمام ذاته وسط ضبابية الصورة في لبنان قبل اتضاح مصير حزب الله ونتائج الحرب وإمكانات التوصل إلى وقف النار المعلّق على الموقف الإيراني والإسرائيلي إزاء توازن الضربات بينهما. والدول العربية صاحبة المحفظة المالية عادة، تتريث منذ ما قبل انتهاء عهد العماد ميشال عون في التوافق مع الأجندة الفرنسية على سلوكها أو خياراتها الرئاسية في لبنان. وتتحفظ كذلك على مساعدات مالية من دون سقف ومن دون هدف سياسي واضح يصب في إطار إخراج لبنان من أزماته. وحصول الحرب لم يغيّر كثيراً في هذه القناعات إلا في إطار خطوات صغيرة تحفظ موطئ قدم للفاعلة منها في أي ترتيب للبنان، من المبكر الكلام عنه في وقت قريب.

تحاول باريس الاستفادة من تحريك موضوع اليونيفل لجمع قوى أوروبية مساندة لها في الوقوف ضد ما تقوم به إسرائيل في لبنان ولا سيما بعد تحذيراتها لليونيفل، من أجل الدفع قدماً بالمؤتمر. لكن المشكلة أن الموقف الأوروبي غير موحّد، وألمانيا خارجة عن هذا الإجماع، ولبريطانيا ملاحظاتها الحادة على أداء فرنسا ووضع حزب الله. ومشكلتها الأخرى أن عنوان وقف النار ليست لها اليد الطولى فيه، طالما أن الطرفين المعنيين، أي إسرائيل والولايات المتحدة، لم يمنحاها تكليف التفاوض حوله، كذلك فإن تغطية دعم الجيش، لا يمكن أن «تقرّش» من دون المال العربي، وهو اليوم مال حذر ومجمّد. إضافة إلى أن أي دور للجيش في تسويات يمكن أن ترسو عليها نهاية الحرب، لن يحتاج إلى تغطيات كبيرة، لأن أمن الجنوب لا يحتاج إلى فائض من العدة والعديد، في حال التوصل إلى اتفاق دولي يمكن للأطراف المعنيين الركون إليه. فوجود الجيش واليونيفل لم يوقف حرب 2006 كما لم يمنع قيام الحرب الحالية. الملاحظة اللبنانية المحلية هي أن هناك من سيستغل المؤتمر لترويج رئاسي، في تسوية من المبكر جداً الكلام عنها، في ظل رفض أميركي – إسرائيلي لأي بحث حالي في انتخابات الرئاسة.

 


مصدر الخبر

للمزيد Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى